المصدر: صوت بيروت انترناشونال
الكاتب: ثريا شاهين
الجمعة 15 آب 2025 11:14:50
تبقى العلاقات بين لبنان وإيران شائكة ومعقدة. عندما كان “حزب الله” قوياً كانت هناك السطوة الإيرانية على لبنان، وعندما ضعف الحزب وأرادت الدولة حصر السلاح بيدها لم تتقبل إيران الأمر. وهي تحاول بحسب أوساط ديبلوماسية، ابقاء لبنان ورقة بيدها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
هذا الواقع ينعكس على مسار العلاقات الثنائية. لبنان يريد علاقات من دولة إلى دولة وفق الاحترام المتبادل لسيادة كل دولة على أراضيها. إنما السياق الذي تتخذه إيران مع لبنان لا يؤشر إلى قبولها بذلك. لكن من المستبعد أن يحصل تصعيد في العلاقات.
زار لبنان مستشار المرشد خامنئي، علي لاريجاني بعد سلسلة تصريحات إيرانية لاقت رفض لبنان وادانته على اعتبار أنها شكلت مساساً بسيادته ووحدته واستقراره، وتعد تدخلاً في شؤونه الداخلية وقراراته السيادية. آخرها الأسبوع الماضي تصريح لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وتصريح للسيد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية. واعتبر لبنان التصريحات أنها تشكل تدخلاً سافراً وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية. وأشار موقف لبنان الذي عبر عنه وزير الخارجية جو رجي، إلى أن مستقبل لبنان وسياساته ونظامه السياسي قرارات يتخذها اللبنانيون وحدهم عبر مؤسساتهم الدستورية الديمقراطية، بعيداً عن أية تدخلات أو إملاءات أو ضغوط أو تطاول.
لكن أمام ذلك، لم يعتبر لبنان رداً على هذه التصريحات، أن السفير الإيراني في بيروت “شخص غير مرغوب به”، ولا تزال العلاقات الثنائية تسير بصورة اعتيادية وضمن هامش سياسي مقبول مع أن لبنان يدرك خلفيات أي موقف إيراني من السلاح، لكنه بات في مكان آخر، ويدعو فيه إيران بحسب رد وزير الخارجية، للاهتمام بالداخل الإيراني والشعب الإيراني كأولوية لدى طهران.
وتفيد أوساط ديبلوماسية بارزة ل”صوت بيروت انترناشونال”، أن إحجام المسؤول الإيراني عن طلب موعد للقاء وزير الخارجية، الذي لم يكن في وارد الاجتماع به، رسالة بحد ذاتها لكن العلاقات الثنائية بين بيروت وطهران مستمرة. قد تتلبد العلاقات، لكن المؤشر الأساسي يبقى في أن التمثيل الديبلوماسي بين البلدين قائم. فلم يتم سحب السفراء. ان المعيار في تعثر العلاقات الديبلوماسية هو إقفال السفارة وسحب السفير. لم يصل لبنان إلى هذه الدرجة من تعقيدات العلاقة. ان عدم طلب موعد، أو عدم تحديد موعد في حال طلب لن تكون مسألة تعثر العلاقات الديبلوماسية بالنسبة الى القانون الدولي، مع كل الدلالات السياسية التي تحملها. كذلك إذا لم يطلب موعداً مع أية شخصية في الحكم، لا يمكن لأحد القول له لماذا لم تلتقيها. وأيضاً مع كل الدلالات التي تؤشر إلى ذلك. ولا يمكن أن يقول له أحد لماذا التقيت هؤلاء دون هؤلاء.
وبالتالي، ان معيار تعثر العلاقات الديبلوماسية هو في سحب السفراء وأقفال السفارات وقطع العلاقات الديبلوماسية.
وتقول الأوساط، في الإجمال، أن التدخل السافر في شؤون وشجون دولة أخرى، تؤدي مباشرة إلى طلب سحب السفير. اذ يتم أولاً استدعاء السفير وتحميله رسالة صارمة إلى حكومة بلاده. لكن إذا أصرت بلاده على التدخل السافر، هنا يتم طلب سحب السفير واعتباره “persona non grata ” شخص غير مرغوب به. أن السفير الإيراني المعتمد في لبنان لا يقوم بتصريحات مستفزة حالياً، لكن أي مسؤول في الدولة الأخرى إذا صرح تصريحات تعد تدخلاً سافراً، لا يمكن معاقبة السفير عليها. يجب في هذه الحالة أن يكون السفير نفسه قد قام بعمل شائن ومثبت تدخله وحتى الآن لم يحصل ذلك.
ومن المهم أن يعرف لبنان ما إذا كانت التصريحات صدرت في بيان رسمي من الخارجية الإيرانية، أو في مجالس خاصة، أو غير ذلك. ويجوز أن لاريجاني يوضح التصريحات الإيرانية الأخيرة، بأن إيران لا تتدخل في الشأن اللبناني. هذا كتصريحات رسمية. أما التدخل من تحت الستارة شيء، والتصريحات الرسمية شيء آخر. ومن آخر زيارة إيرانية لبيروت كان هناك تمسك بأن لا تدخل في شؤون لبنان. هذا في العلن.
كل ما يحصل على مستوى العلاقات بين لبنان وإيران لن يصل، وفقاً للمصادر، إلى قطع العلاقات، أو أقله إلى اعتبار السفير الإيراني غير مرغوباً به. ان تنفيذ قرار حصرية السلاح بيد الدولة قراراً حاسماً لكنه ليس بأسلوب القوة، الأمر الذي يحتم استمرارية العلاقة مع طهران، لكن مع إبلاغ الإيرانيين رسالة واضحة حول ما يجب أن يكون عليه التعامل مع لبنان، عبر احترام سيادة البلدين.