العهد يعود إلى صباه بالكهرباء والسدود والترسيم.. و"الحزب" يتريث

كتب منير الربيع في المدن:

وكأن العهد يعود إلى صباه. فرئيس الجمهورية ميشال عون يتعامل مع المسائل والمعضلات كلها وكأنه لا يزال في بداية عهده، وهو على مسافة بضعة أشهر من نهاية ولايته.

متاهة الورشة العونية
بمفعول رجعي يستعيد التيار العوني ومؤسسه الرئيس طرح الملفات التي طرحوها منذ زمن بعيد: تعيينات، ميغاسنتر، سدّ بسري، أمور إدارية ومالية، إضافة إلى التمسك بإنجاز ترسيم الحدود. وهذا بعدما أصر عون على إطلاق صفارة التنقيب عن النفط بنفسه، ويريد إنجاز الترسيم في عهده أيضًا، وكذلك بدء الشركات العمل.
ولا ينسى تيار العهد التمسك بخطة الكهرباء إياها المقترحة من وزير الطاقة والمياه. وهي ترتبط بتخيير اللبنانيين بين إقرارها أو العودة إلى اعتماد السلف المالية أو العتمة.

لم ينجح عون في فرض ما يريد طوال السنوات الفائتة، لكنه حاليًا يراهن على متغيرات متعددة داخليًا وخارجيًا في سبيل إعادة طرح ما يريد في سبيل تحقيقه. ويستند عون في ذلك على جملة معطيات: أولها، فتح قنوات تواصل بالأميركيين واسعة ومكثفة. وثانيها، استفادته من الموقف الرافض للاجتياح الروسي لأوكرانيا، لتعزيز علاقته بالأميركيين.

عون يستعجل الترسيم
لذا أثار عون الترسيم مجددًا، وهو يبحث عن شركات التنقيب في المرحلة المقبلة. وهذا ما تجلى في لقاء عون بالسفيرة الأميركية دوروثي شيا، وفي اتصال تلقاه من فيكتوريا نولاند، حول عرض أموس هوكشتاين الخطّي لترسيم الحدود. ولا بد لعون أن يراهن على اتفاق بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، فينعكس ذلك إيجابًا لصالحه على الساحة اللبنانية.

يوافق عون مبدئيًا على إنجاز الترسيم، ويريد أن يضمن الموافقة اللبنانية الكاملة عليه. ولذلك اقترح فكرة تشكيل لجنة متخصصة للبحث في كيفية الردّ على المقترح الأميركي. وهو يريد أن يشارك فيها وزراء يمثلون الجهات كلها، ليضمن إقرار ردّ موحد من مجلسي النواب والوزراء. وحصل لذلك تواصل شفهي بين جهات لبنانية والأميركيين. ولا يقتصر التواصل هذا على زيارة هوكشتاين إلى لبنان والمباحثات التي أجراها مع الرؤساء. بل هناك قناة أخرى طالب من خلالها الأميركيون بضرورة أن يكون القرار لبنانيًا جامعًا، ووافقت عليه القوى كلها.

حزب الله يعترض
لكن اللافت هو مواقف حزب الله المتكررة، والتي تشير ضمنًا إلى رفض البت في هذا الملف. بدأ ذلك مع موقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد الذي اعتبر أنه من الأفضل أن يبقى الغاز مدفونًا في البحر إلى أن يتمكن لبنان من منع إسرائيل من المس بقطرة ماء واحدة. وموقف رعد الاستباقي واضح المعنى: رفض اعتماد مبدأ الخط المتعرج الذي يأخذ من لبنان مساحة مائية لا تحتوي حقولًا نفطية.

واستكمل حزب الله اعتراضه في ما أعلنه النائب حسن فضل الله حول عدم الثقة بالوسطاء الأميركيين. أما الأهم فكان تأكيد الأمين العام حسن نصر الله أن أي موقف يصدر عن نائب في حزب الله يمثّل الحزب كله. وهذا رد ضمني على تسريبات من قصر بعبدا اعتبرت كلام النائب محمد رعد شخصيًا ولا يمثل حزب الله.

أما الموقف الأكثر تجليًا فكان رفض حزب الله المشاركة في اللجنة التي يسعى عون والحكومة إلى تشكيلها، كي لا يكون الحزب إياه مشاركًا في المفاوضات مع الأميركيين.

في انتظار فيينا
وهنا لا بد من التذكير بالتلميحات الإيجابية والجدية حول تحقيق تقدّم في ملف ترسيم الحدود، والتي تزامنت مع إطلاق المسيرات، والحديث عن تطوير الصواريخ الدقيقة، وإزالة إسرائيل من الوجود. ومن يفعل ذلك لن يذهب إلى ترتيب تفاهمات مع إسرائيل التي يريد إزالتها. وهذا دلالاته متعددة على وقع التفاوض في فيينا. فإذا وافقت الإدارة الأميركية على رفع العقوبات عن الأموال الإيرانية، بلا أي التزام بحلفائها في المنطقة، سيكون تأثير ذلك واضحًا على واقع التفاوض.