العودة مجدداً إلى الإضراب المفتوح في القطاع العام

الى الاضراب العام عاد موظفو القطاع العام، وفي خطوة اولى سيستمر حتى التاسع من الشهر الحالي. فكيف ستتعامل الحكومة مع التصعيد المستجد وما هي وعودها للموظفين؟

لم تكن عودة موظفي أمانات السجل العقاري للعمل بعد توقف دام سنة تقريباً مكتملة بعدما عاد الموظفون في القطاع العام الى الاضراب المفتوح الذي سيستمر كخطوة اولى حتى التاسع من الشهر الجاري.

الاضراب جاء بعد إقرار مجلس النواب الموازنة العامة متضمنةً رسوماً وضرائب وفق سعر صرف الدولار في السوق، ما رفع الرسوم أضعافاً مضاعفة عن تلك التي كانت سائدة في السنوات الفائتة، ولا سيما بعد الانهيار الكبير للقدرات الشرائية لدى غالبية اللبنانيين بمن فيهم موظفو القطاع العام ومعهم المتقاعدون من عسكريين ومدنيين.

نصر: مطلبنا الحد الادنى للعيش الكريم

قبل ان تعلن رابطة موظفي الادارة العامة الاضراب المفتوح كانت الآمال معقودة على زيادة في الرواتب تتناسب وإنْ بالحد الادنى مع متطلبات تأمين الدواء والغذاء والتنقل للموظفين، او على الاقل لاؤلئك اصحاب الرواتب المتدنية التي لم تنفع الزيادات في تحسينها.

اقرار الموازنة وعدم تناسب الزيادات وكذلك الوعود مع حجم زيادة الرسوم وارتفاع تكاليف المعيشة والطبابة والتعليم، اعاد الامور الى نقطة الصفر وعاد الاضراب الى الادارات العامة وكذلك في اكثر من مرفق عام.

رئيسة رابطة موظفي الادارة العامة نوال نصر تشرح لـ"النهار" دوافع الاضراب وتختصرها بعبارة: "مطلبنا تأمين الحد الادنى للعيش الكريم وتأمين الدواء".

وتعيد نصر التذكير بأن الزيادات التي اقرتها الحكومة لا تتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة وحتى لا تكفي لوصول الموظفين الى مكان عملهم، وتلفت الى ان "اعتماد بدل الانتاجية غير عادل لجهة الزام الموظف بعدم التغيّب ولو ليوم واحد، وبالتالي هناك استحالة في تطبيق ذلك لان التغيب قد يكون لسبب صحي او لظرف قاهر وطارىء، وان وضع شرط الافادة من بدل الانتاجية بالحضور 22 يوماً من دون انقطاع هو غير واقعي ولا تنص عليه الشرائع ولا القوانين، لانه ببساطة لا أحد يضمن ألا يتعرض الموظف لظرف قد يمنعه من الحضور الى العمل. واصرار الحكومة على عدم دفع بدل الانتاجية عن كل الشهر في حال التغيب يوماً واحداً هو ظلم واكثر من تعسف".

الحكومة سبق لها ان اقرت الزيادات التي وصلت الى مضاعفة الرواتب 7 مرات مقارنة مع ما كانت عليه قبل العام 2020، فهل يكفي ذلك لعدم المطالبة بزيادات اضافية؟

توضح نصر ان "الزيادات لا تنصف الموظفين وخصوصاً اصحاب الرواتب المتدنية، فكيف لموظف راتبه اقل من مليون ليرة ان تكفيه 7 ملايين حالياً بينما كان راتبه قبل الازمة يساوي نحو 700 دولار واليوم بات نحو 70 أو 75 دولاراً".

الحكومة: الرواتب على جدول اعمال جلسة الاسبوع المقبل

مطالب موظفي القطاع العام ومعهم المتقاعدون سبق للحكومة ان بحثتها وتوصلت الى مضاعفة الرواتب، ولكن تبين ان تلك الاجراءات لا تفي بالغرض. فكيف ستتصرف الحكومة مع عودة الاضراب وحرمان الخزينة موارد مالية تعلّق عليها اهمية كبرى لعدم زيادة العجز في الموازنة العامة؟

اوساط حكومية معنية تؤكد لـ"النهار" ان "الحكومة وفي جلستها المرتقبة الاسبوع المقبل ستبحث في التقديمات، ولا سيما انها باتت في صيغتها النهائية، وان وعد الحكومة على حاله بمعنى ان تكون التقديمات بدءاً من اول كانون الاول ولا تزال على وعدها".

وتؤكد تلك الاوساط انه في جلسة الحكومة المقبلة ستتم معالجة الامر وفق الوعد السابق، وان "الاضراب الذي لجأ اليه الموظفون هو تصعيد في غير موقعه طالما ان الحكومة ستعتمد تاريخ الاول من كانون الاول في صرف التقديمات".

الى ذلك، انقطع التواصل بين ممثلي القطاع العام والحكومة منذ فترة، وافادت نصر انه "في حال تحديد موعد للقاء المعنيين ستكون المطالب على حالها وهي مواءمة الزيادات مع الارتفاع في التكاليف المعيشية وليس فقط زيادات لا تراعي القدرة الشرائية للرواتب التي يجب ان تتناسب مع الارتفاع الكبير في الاسعار ارتباطاً بسعر صرف الدولار، لا سيما ان المصاريف والرسوم والضرائب باتت على سعر السوق، اي 90 الف ليرة للدولار الواحد، فيما الاجور والرواتب على سعر 10 آلاف ليرة للدولار، وفي هذه الحالة لا يمكن ان تفي الزيادات بردم الهوة".

والهوة ناجمة عن عدم تجاوز الزيادات ما نسبته الـ 10 في المئة من قيمة الرواتب عام 2019، ورفض زيادة الـ3 رواتب كما كانت تقترحها الحكومة، والتمسك بتصحيح الرواتب بزيادة لا تقل عن 10 أضعاف لهذا العام، اضافة الى رفض التمايز او التمييز بين القطاعات.

يذكر ان الاضراب سيشمل ايضاً موظفي تعاونية موظفي الدولة والمساعدين القضائيين وغيرهم، علماً ان الاضراب لن يكون شاملاً لان هناك خروقات ولا سيما ممن لديهم حوافز وعطاءات من منظمات دولية او رواتبهم مرتفعة جداً.

ويوضح المدير العام لتعاونية موظفي الدولة الدكتور يحيى خميس لـ"النهار" ان "الوضع المتردي لأحوال الموظفين دفع في اتجاه الاضراب بدءا من اليوم، علماً ان التعاونية لم تشارك سابقاً في الاضرابات احساساً منها بالخدمة الانسانية التي تقدمها لنحو 385 الف موظف في القطاع العام، ولكن في ظل الاذلال والقهر والاهانة التي باتت مرافقة للموظفين الـ300 في التعاونية جاء القرار الصعب بالاضراب المفتوح على امل التوصل الى حلول تنصف الموظفين الذين باتت رواتبهم لا تساوي سوى 10 في المئة من قيمتها الفعلية".