الفاتيكان حزين لهزّ مصالحة الجبل

لطالما أبدى الفاتيكان اهتماماً خاصاً بالمسيحيين في الشرق، وعمل جاهداً من أجل تجذّرهم وبقائهم في أرضهم والحفاظ على هويتهم، ولعل رسائل البابا فرنسيس الى الرؤساء العرب خير دليل إلى شعوره العميق ليس فقط مع المسيحيين في الشرق إنما أيضاً مع المسلمين والاقليات والمضطهدين، كما يولي البابا اهتماماً خاصاً بالعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين ويحاول جاهداً القيام بخطوات من شأنها أن تساهم في تعزيزها وترسيخها.

الامارات: وأهم دليل هي وثيقة الأخوّة الإنسانية التي وقّعها في أبو ظبي كلّ من البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيّب والتي تعتبر مرحلة بالغة الأهميّة في الحوار مع الإسلام، خاصة "أن المبدأ الأساسي المذكور في الوثيقة، كما يقول الكاردينال بيترو بارولين أمين سرّ الفاتيكان، هو المواطنة: كلّ سكّان البلد هم مواطنون ويتمتّعون بالحقوق والواجبات نفسها مع تمييز ديني". وأضاف: "هذه الوثيقة دخلت في برامج الدراسة في المدارس والجامعات في بعض البلدان الإسلامية. وهذه علامة جيّدة. يجب انتظار نضوج بطيء وضروري لحصول تغيّرات أخرى".

سوريا: وتؤكد مصادر مطّلعة "ان الفاتيكان يركّز في الوقت الراهن على الملف السوري، فقد أرسل البابا منذ أيام الكاردينال بيتر كودو أبيا توركسون، موفداً الى سوريا، وحمّله رسالة الى الرئيس السوري بشار الاسد عبّر فيها البابا عن "قلق عميق" إزاء الوضع في سوريا خصوصا السكان المدنيين في محافظة إدلب.

 ويحثّ الفاتيكان في رسالته، بحسب المصادر، الرئيس السوري بشار الاسد للوصول الى مخارج وان يقبل بتعديل الدستور السوري لتجنيب سوريا مآسي جديدة لأن الاوضاع اصبحت مأساوية، في ظل  التهجير الكبير الحاصل، وتخسر سوريا بنتيجته طاقات كبيرة، خاصة المسيحية منها، والتي يرغب الفاتيكان في المحافظة عليها في الشرق الاوسط".

وتلفت المصادر إلى أن الموفد الفاتيكاني فسّر للرئيس الاسد القضية والوضعية وبأن الشعب السوري هو من يقرر مصيره، وبأن لا أحد يمكنه التدخل لا الروسي ولا الاميركي ولا الايراني ولا اي احد آخر".

يُذكر أن محافظة إدلب تشهد ظروفًا إنسانية سيئة مع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية التي يشنها النظام السوري بدعم روسي على المنطقة، منذ نيسان الماضي. وركزت الحملة على قصف الأحياء السكنية بعيدًا من الجبهات العسكرية، إلى جانب تركيزها على المراكز الحيوية من المستشفيات والنقاط الطبية والمدارس والمخابز ومرافق المياه.

ووثق فريق "منسقي الاستجابة" في الشمال مقتل 912 مدنيًا في الشمال السوري، جراء القصف الذي ينفذه النظام السوري وروسيا، في إطار الحملة العسكرية الأخيرة. وبلغ عدد النازحين من قراهم وبلداتهم، بحسب الفريق، أكثر من 97 ألفًا و404 عائلة (633118 نسمة).

لبنان: أما عن الوضع اللبناني، فأوضحت المصادر "أن الفاتيكان يشعر بالأسى والحزن لما يحصل في لبنان، وخاصة بعد حادثة الجبل التي اهتزت فيها المصالحة التي حصلت على يد البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير ويتابعها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، متمنياً ان تنتهي هذه القضية بسرعة وينتهي التوتر الحاصل، لأن مردوده سلبي على الجميع وعلى المسيحيين خصوصاً".

فلسطين: واليوم وجّه رؤساء بلديات بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور، نداءً الى البابا، حول المخاطر المحدقة بالوجود المسيحي في الاراضي المقدسة، والقيود التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي على المجتمع المسيحي في الاراضي المقدسة، بهدف إجباره على الرحيل. طالبين منه التدخل العاجل لمنع تغيير الوضع القائم "الستاتيكو"، والحفاظ على "الحجارة الحية من أبناء وبنات الاراضي المقدسة".

اليمن: وفي وقت سابق، دعا البابا للصلاة من أجل الشعب اليمني الذي أنهكه صراع مسلح طويل الأمد والأطفال يعانون من الجوع. إن صراخ هؤلاء وصراخ ذويهم يرتفع أمام محضر الله، وحثّ الجماعة الدولية على العمل من أجل خير الشعب وطلب من المؤمنين الصلاة من أجل اليمن".

فهل يتمكن البابا فرنسيس بحكمته وتواضعه من إرساء أسس السلام في الشرق؟