الفارون من الاجهزة الامنية: الأزمة فقط لدى قوى الأمن الداخلي

لا تزال أزمة العسكريين الفارين من القوى الأمنية بلا حلول ناجعة، رغم أن تطورات إيجابية طرأت على ملف الفارين من قوى الأمن الداخلي، بعد إرسال مشروع قانون من وزير الداخلية أحمد الحجار.

بحثت المحكمة العسكرية في لبنان في نحو 7 آلاف ملف فرار منذ بدء الأزمة الاقتصادية عام 2019، أغلبها من الجيش اللبناني، وصدرت فيه الأحكام فرادى، سُطّرت بموجبها أحكام بدفع غرامات راوحت بين 600 ألف و10 ملايين ليرة لبنانيّة، تبعا لرتبة العنصر الفارّ ونوع الفرار سواء كان داخل البلاد أو خارجها، وبدا واضحاً أن المحكمة تعاملت مع الفارين من الجيش بطريقة لينة، بالإضافة إلى تسجيل حالات عودة كثيرة من عناصر الجيش بعد تحسن الرواتب نوعاً ما واستمرار التغطية الصحية.

وهنا لا بد من التذكير بأن الرئيس السابق للمحكمة العسكرية العميد خليل كان قدم مشروع قانون للعفو عن العسكريين الفارين لمرّة واحدة فقط، إلى قيادة الجيش لإحالته على مجلس النواب في حال الموافقة، لكنه حتى اللحظة لم يبلغ طريقه إلى المجلس.

وإذا كانت الأمور مسهّلة بالنسبة إلى العناصر الفارين من الجيش، فالأمر لا ينطبق على قوى الأمن الداخلي التي تقرّ مصادرها بنحو ألف حالة فرار، من دون قرار نهائي حتى الساعة.

وفي آذار 2024، قدّم النائب إبرهيم منيمنة اقتراح قانون إلى مجلس النواب لاعتبار العناصر الفارّين من قوى الأمن الداخلي منذ عام 2019 بحكم المطرودين من الخدمة، مع التنازل عن كامل حقوقهم العسكرية والمالية، وأرفق الاقتراح بعريضة موقّعة من 124 عنصرًا من الفارّين تعهّدوا فيها بالتنازل عن حقوقهم العسكرية وعدم المطالبة بأي زيادة في ما خصّ سلسلة الرتب والرواتب وتعويضات نهاية الخدمة لمن خدموا فترة تقلّ عن 18 سنة، في مقابل إعفاء العناصر من الأحكام القانونية المنطبقة على حالات الفرار من الخدمة، والمتعلّقة بالعقوبات الجزائية والتأديبية.

 

وأحال المجلس الاقتراح على الحكومة لإبداء الرأي من دون أن يتلقّى أيّ جواب.

وقبل 3 أشهر طلب وزير الداخلية أحمد الحجّار من المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي إبداء الرأي في اقتراح القانون المقدم من منيمنة، فأتى الرد من المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بأنّ الاقتراح يعدّ مخالفًا للدستور بسب "إجبار الفارّين على التنازل عن حقوقهم المادية مقابل الحصول على فسخ عقد تطوّعهم، بما يتنافى مع العدالة والإنصاف ويعتبر من أعمال الإرغام والإذعان غير الإرادي الذي يجعل هذا القانون غير دستوري، لأنّه يمسّ بالحقوق المكتسبة للعناصر التي يحميها القانون والمبادئ الدستورية والقانونية العامّة".

وتم تقديم مقترح يقضي باعتبار جميع العناصر الفارّين بحكم المفسوخة عقود تطوّعهم لمرّة واحدة فقط، بدل طردهم من الخدمة. كذلك اقتُرح تعليق الأحكام القانونية المتعلّقة بالعقوبات الجزائية والتأديبية للفرار لمرّة واحدة، وحسم 50% من الرواتب والتعويضات المستحقة للفارين بدلًا من حرمانهم إياها.

وبحسب المعلومات، تبنى وزير الداخلية المقترح وأرسله إلى مجلس الوزراء لدرسه وإحالته على مجلس النواب لإقراره في مدة قصيرة.

في هذا السياق، يقول النائب إبرهيم منيمنة لـ"النهار": "مشروع القانون سلك مجراه وننتظر ملاحظات الحكومة بعد ملاحظات وزارات العدل والمال والداخلية، ويُفترض أن يضع مجلس الوزراء الملاحظات ويُرسلها إلى مجلس النواب."

ويؤكد أن لا علاقة للجيش اللبناني بهذا المشروع لأن الأمر متصل بمشكلة خاصة بقوى الأمن الداخلي نشأت خلال الأزمة المالية.

وعن الأجهزة الأمنية الأخرى، يقول إن "القانون خاص بقوى الأمن الداخلي وما من مشكلة لدى الأجهزة الأمنية الأخرى لأنها كانت تسرّح تباعا"، لافتًا إلى أنه "تعديل لحاجة اجتماعية خاصة نتجت بعد الانهيار المالي".