المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الخميس 22 حزيران 2023 17:21:52
في 22 نيسان 2021 تقدّم المحاميان مجد حرب وإيلي كيرلّس بإخبار إلى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون حول مخالفات جمعية القرض الحسن. وجاء في نصّ الإخبار يومها ان نشاط جمعية القرض الحسن يأتي مخالفاً لأحكام قانون النقد والتسليف الذي نصّ في المادة 206 على وجوب ملاحقة مخالفيه أمام المحاكم الجزائية، وفي المادة 200 على إدانة من يتعاطى أعمال تسليف من دون أن يكون مسجلاً لدى مصرف لبنان سنداً لأحكام المادة 655 من قانون العقوبات".
بعد 24 ساعة أحالت القاضية عون الإخبارين إلى التحقيق. وطوي الملف إذ غردت بعد أقل من شهر وتحديدا في 15 أيار 2021 على "تويتر": "لمن يهمه الأمر، يرجى اخذ العلم بأنني تلقيت إخباراً بموضوع القرض الحسن، وارسلته للتحقيق، والمخابرة لدى جهاز امن الدولة، وانا بانتظار نتائج هذا التحقيق. مع العلم ان القضية عينها سبق وعرضت امام مدعي عام التمييز واقترنت بقرار بالحفظ".
عامان والملف لا يزال نائما في أدراج القضاء. و"القيمون"على القرض الحسن يسرحون ويمرحون من دون حسيب أو رقيب مالي أو قضائي. والأخطر من كل ذلك أنه بدأ يتوسع وينتشر لا سيما في المناطق المسيحية ويستفيد منه كافة المواطنين سواء الخاضعين للقوانين المالية الدوليةأو الخارجين عن طورها من بيئة حزب الله السياسية والعسكرية.
في العودة إلى أساس مؤسسة "القرض الحسن" فهي جهاز "مالي" تحول الى "مصرفي" يعمل خارج النظام المالي اللبناني، وتقوم ببيع وشراء الذهب مقابل الدولار الأميركي وتقديم القروض للمتعاملين معها عبر 31 فرعاً موزَّعة في مناطق نفوذ "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت، والجنوب، والبقاع واليوم امتدت إلى خارجها لتشمل مناطق في جبل لبنان.
وإذا سلمنا أن القرض الحسن ليس مصرفا بحسب التسمية إنما مؤسسة إلا أن نشاطه واضح ولا يحتاج إلى تفسير. وبحسب المحامي مجد حرب "القرض الحسن" هو مصرف فعلي وهو صرّاف وتاجر بالذهب. وهناك شبهات كثيرة على مصدر أموال الجمعية، وأموال القرض الحسن المكفولة بالذهب".
ويلفت حرب إلى أن "عدم إخضاع نشاط مؤسسة القرض الحسن لرقابة المصرف المركزي أو لجنة الرقابة حوّلها الى ملاذ لتبييض اموال. وكونها غير تابعة لأي نظام مصرفي فهي تطلب من دائنيها تسديد سنداتهم على أساس سعر صرف السوق السوداء مما يعني أن لديها حرية في التحرك وهذه الحريّة تضرّ بالبيئة المستفيدة منها. من هنا ضرورة فرض رقابة لمعرفة ما إذا كان من يضع امواله لدى الجمعية يقوم بموجب ديني أو بهدف تبييض أمواله. والمطلوب اليوم ان يدخل القرض الحسن بالمنظومة المالية اللبنانية".
غياب الدولة بكل مقوماتها لا سيما المالية والمصرفية أتاحت لمقرري القرض الحسن الإستفادة من كل الثغرات و"المواطن بطبيعة الحال مغلوب على أمره بعدما احتجزت المصارف أمواله وتبخرت ودائعه وبات يفتش عن منفذ ولو غير آمن وغير قانوني للحصول على قروض مالية لتسيير أموره. أضف إلى ذلك تحول الإقتصاد اللبناني إلى cash economy ما سمح للمؤسسات المالية الرديفة غير الشرعية بالتوسع والحلول مكان المؤسسات الشرعية".
ما يخشاه العقلاء أن يتحول القرض الحسن إلى واقع يدخل في بازار المفاوضات ويتم تشريعه والاعتراف به. لكن بحسب حرب" الشك كبير علما أنه لو كان القرار في تشريعه وقوننته والإعتراف به خاضع للمنظومة الحاكمة لكان سيتحقق ذلك. لكن طالما أن الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول التي يستند عليها القطاع المصرفي تصنِّف حزب الله والمؤسسات التابعة له كحزب ومؤسسات إرهابية فهذا يكفل عدم قوننتها كمؤسسة مالية شرعية. أضف إلى أن عمليات التحويل تتم عبر البنوك المراسلة وأي خطوة غير شرعية تعني قطع حبل الحياة النهائي للمواطنين الخاضعين للقانون بينما الخارجون عنه والتابعون لبيئة حزب الله غير معنيين في الأساس وكلنا يعرف مصدر أموالهم وثرواتهم التي تصلهم من تجارة الكبتاغون والأسلحة وسواها وكيف تصل الأموال من دول أفريقيا "بالشنطة" من دون ان تمر عبر البنوك المراسلة".
بين نظام مصرفي شرعي ضيع أموال وجنى عمر اللبنانيين، ونظام القرض الحسن المصرفي غير الشرعي، يتبين أن دويلة حزب الله تساهم وتستفيد من انهيار مقومات الدولة وتسجّل نقطة إضافية وقحة في مرمى الدولة والقضاء العاجز والمتواطئ ربما. كيف لا والمؤسسة "التي لا تبغي الربح" على الورق فقط ترث بشكل أو بآخر النظام المصرفي اللبناني، وتستكمل بناء مؤسساتها على حساب ضرب القطاعات العامة والمؤسسات. ومن آخر إنجازاتها افتتاح أربعة فروع جديدة للقرض الحسن تحت شعار: الأمانة والصدق .
لكن ما ينقص الصدق والأمانة لدى القضاء الذي "ينام ويصحو" على الملف الذي تقدم به المحامي مجد حرب وتصر على حفظه في أدراجها "علما أن الحاكم رياض سلامة أكد في أكثر من مناسبة أن مؤسسة القرض الحسن لم تحصل على ترخيص من المصرف المركزي مما يحول دون السماح لها بممارسة أعمالها لكن المسؤولية تقع أولا وآخرا على مصرف لبنان الذي لم يُقدم على محاكمتها" يختم حرب.