القضاء الفرنسي على خط التحقيق في ملف المرفأ ... تعاون في تبادل المعلومات والتقارير منفصلة!

بعد مرور 30 يوماً على التحول القضائي في ملف تفجير مرفأ بيروت تمثّل بإبطال النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، قرار سلفه القاضي غسان عويدات الذي اتخذه قبل أكثر من عامين، وقضى بإيقاف أي تعاون مع المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار على خلفية ادعاء البيطار على عويدات وعدد من القضاة ، وإصرار البيطار على استئناف التحقيق على رغم عشرات الدعاوى المقامة ضدّه، ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن وفداً قضائياً فرنسياً يضم قاضيين من دائرة التحقيق سيتوجه إلى لبنان في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري للقاء المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار ومسؤولي القضايا. ويحمل القاضيان تقريراً مفصلا عن نتائج التحقيق الفرنسي الذي انطلق بعد أيام قليلة من الانفجار في الرابع من آب 2020،  وسيكون منفصلاً عن المعطيات التي توصل إليها التحقيق اللبناني وسيسلمانه إلى المحقق العدليّ .

خطوة لافتة ولا تقل أهمية عن تلك التي شكلها قرار الحجار في الأوساط السياسية والقضائية لجهة التحول الذي ستحدثه في مسار الملف علماً أن دولاً أخرى سقط لها ضحايا في عملية التفجير تواصلت مع لبنان اخيراً للوقوف على آخر المستجدات في التحقيق الذي استأنفه القاضي البيطار منذ حوالي الشهر.

واللافت انها تتزامن مع مثول مدير عام الأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم أمام المحقق العدلي طارق البيطار كمدعى عليه في الملف بعد تبلغه رسمياً  يوم الجمعة المقبل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اللواء طوني صليبا الذي تبلغ عبر زوجته بسبب وجوده خارج البلاد. وفي حال عدم الحضور يعتبر بمثابة المتواري عن الأنظار، وقد يتخذ قاضي التحقيق قراراً بشأنه على أنه فار.

ثمة من يتوقف عند توقيت هذا الحدث القضائي وخلفياته ويعتبره تدخلا في الشأن القضائي اللبناني إلا أن المحامي يوسف لحود أحد الوكلاء القانونيين في مكتب الإدعاء في نقابة المحامين يؤكد لـ"المركزية" أن لا أهمية لمسألة التوقيت "إذ قد يكون مرتبطاً بأمور تقنية تتعلق بمسار التحقيق الذي يجري في فرنسا. وعندما أصبح في مرحلة متقدمة وجد القاضيان الفرنسيان أن من المفيد الحضور للتعاون مع قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار بهدف تقاطع المعلومات ،وقد يكون القضاء الفرنسي  لمس مدى جدية العمل وتسارع الخطوات في عملية التحقيق بعد إعادة تحريك الملف في آذار الماضي".

وعلى رغم دخول القضاء الفرنسي الذي يقوم بالتحقيقات في جريمة المرفأ بسبب وقوع ضحايا من الجنسية الفرنسية، يشدد المحامي لحود على استقلالية القضاء اللبناني ويقول" لا يمكن وصف حضور الفريق الفرنسي بالتدخل، إذ أن لديه حق المشاركة في التحقيق أو الاطلاع على ملف التحقيقات اللبنانية، كما يحق له طلب مستندات تتعلق بالتحقيق من لبنان بما يخدم التحقيق الذي يقوم به الفرنسيون. وبالتالي فإن لبنان ملزم بالتعاون معهم انطلاقا من اتفاقية التعاون القضائي بين لبنان وفرنسا وعلاقات الصداقة التي تربط بين البلدين".

سرية المعلومات التي يتضمنها الملف الذي سيحمله الفريق القضائي الفرنسي ستبقى قائمة وهناك تساؤلات حول ما إذا كان يتضمن صورا من الأقمار الإصطناعية التي تردد أن فرنسا رفضت تسليمها إلى المحقق العدلي سابقا. وفي هذا الإطار، تؤكد أوساط قضائية أن حتى الآن لا توجد معلومات رسمية تثبت أن القاضيين الفرنسيين اللذين يحققان في ملف تفجير مرفأ بيروت يحملان صوراً من الأقمار الإصطناعية . لكن هناك احتمال أن يتضمن التحقيق الفرنسي صوراً مماثلة خصوصاً إذا كانت لها صلة في تحديد الجهة التي استوردت أو خزّنت مادة نيترات الأمونيوم أو تكشف عن لحظة الإنفجار.

وكان سبق أن طلبت فرنسا من الولايات المتحدة وروسيا تزويدها بصور من الأقمار الإصطناعية يوم الإنفجار، لكن لم يعلن عن تسلمها شيئا، كما نفت التقاط الأقمار الإصطناعية لديها صورا عن لحظة التفجير لأنها لم تكن موجهة نحو بيروت.  

وتعقيبا على ما يتم تداوله في هذا السياق  يؤكد المحامي لحود أن هناك سرية حول مضمون الملف الذي يحمله القاضيان الفرنسيان وقد يكون من ضمنه صور التحليلات المخبرية لمسرح الجريمة. في أي حال المهم أن هناك تعاونا بين القضاءين اللبناني والفرنسي وهذا أمر إيجابي بغض النظر عن مسألة التوقيت".

المدّعى عليهم الذين تبلغوا، حضروا جميعا. ومن لم يمثل بعد، فذلك بسبب عدم تعيين موعد للجلسات "مما يعني أن ملف التحقيق يسير بخطى صلبة ومدروسة وقانونية". فهل يعني ذلك أن موعد القرار الإتهامي بات قريبا وقد يبصر النور قبل ذكرى تفجير المرفأ في 4 آب هذه السنة؟

"هذا الأمر منوط بقاضي التحقيق العدلي، فإذا تمكن من إنجاز كل جلسات التحقيق مع العلم أنها تسير بشكل متلاحق وسريع، وإذا كانت النيابة العامة التمييزية التي ستنظر في القرار الإتهامي مواكبة للسرعة التي يعمل عليها البيطار، هناك أرجحية أن يصدر القرار الإتهامي قبل تاريخ ذكرى التفجير الخامسة".  

في 16 كانون الثاني استأنف البيطار إجراءاته القضائية بالادّعاء على عشرة موظفين، بينهم سبعة مسؤولين عسكريين وأمنيين، وحدّد مواعيد لاستجوابهم، ويتوقع أن تسرّع التشكيلات القضائية وتنهي الدعاوي المقدمة بحق البيطار، وإلى تشكيل الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي ستنظر في دعاوى المخاصمة . لكن الأكيد "أن لا شيء يؤثر على حيادية ونزاهة القاضي البيطار التي لم تهتز يوماً على رغم الضغوطات والتهديدات  وهو يحرص على حفظ حقوق الفرقاء كافة بمن فيهم المدعى عليهم"  يختم المحامي لحود .