المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: يوسف دياب
الثلاثاء 1 شباط 2022 06:39:07
تسلم النائب العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي محاضر التحقيقات الأولية التي أجرتها مع عشرات الأشخاص المشتبه بانخراطهم في شبكات تجسس تعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، وتنشط على معظم الأراضي اللبنانية. وعكف عويدات على دراسة المحاضر وقرر إحالتها إلى النيابة العامة العسكرية، للادعاء على الموقوفين ومن تظهر التحقيقات تورطهم بهذه الأفعال الجرمية.
وتباينت المعلومات المستقاة من مضامين إفادات الذين خضعوا لاستجوابات مطولة، حول طبيعة المهام التي كلفوا بها، وأعداد المحتجزين على ذمة التحقيق، إذ تحدثت مصادر أمنية عن توقيف «ما يزيد على 35 شخصاً، ممن توفرت شبهات عن انخراطهم في عداد الشبكات الإسرائيلية». وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «عمليات المداهمة والاعتقال طالت كل من تحوم حوله شبهات عن علاقة مباشرة أو غير مباشرة بنشاط الشبكات، والذين ثبت تواصلهم مع عناصر في الاستخبارات الإسرائيلية موجودين في دول أوروبية».
وأكدت أن هؤلاء الأشخاص «كلفوا بمهام استطلاع ورصد لمواقع تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية والبقاع (شرق لبنان)، بالإضافة إلى جمع معلومات عن شخصيات سياسية لبنانية وقيادات حزبية، ومواقع أمنية وعسكرية تابعة لقوى الأمنية والعسكرية الشرعية».
قائمة التوقيفات رست على عدد أقل ممن خضعوا للاستجوابات أمام فرع التحقيق في شعبة المعلومات، إذ كشف مصدر قضائي بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن «التوقيفات رست على 21 شخصاً من جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية، متورطين في أعمال التجسس لصالح إسرائيل». ورغم خطورة الجرائم المنسوبة إليهم اعتبر المصدر أن «معظم هؤلاء الموقوفين هم ضحايا الظروف الصعبة التي أوصلتهم إلى الواقع، لأن مشغليهم استغلوا أوضاعهم الاجتماعية الصعبة، واستدرجوهم إلى هذا الميدان بحجة تأمين فرص عمل لهم قبل أن يكتشفوا خطورة الأمر».
وتضاربت الروايات حول الأدوار التي تولاها أفراد المجموعات، أي بين حصر مهامهم بجمع معلومات عن مواقع ومناطق حساسة، وبين التورط في أعمال أمنية. ولم يخف المصدر القضائي أن «بعض الموقوفين تم ضبط صور على هواتفهم ويجري تحليلها لمعرفة مدى أهميتها»، مشيراً إلى أن «ثمة شخصاً ينتمي إلى «حزب الله» متورط في إحدى هذه الشبكات، لكن الحزب رفض تسليمه إلى القضاء اللبناني، وهذا يضرب مبدأ وحدة التحقيق وحصر مرجعية الملاحقة بيد القضاء اللبناني».
الحديث عن عامل الصدفة الذي أوقع عناصر مجموعات التجسس بيد القوى الأمنية، نفاه المصدر القضائي، الذي أعلن أن «الإنجاز الذي تحقق جاء ثمرة عمل دؤوب لشعبة المعلومات، التي تولي ملف التجسس أهمية توازي أو تفوق مهامها الداخلية في عمليات الأمن الاستباقي». وكشف أن شعبة المعلومات «أمسكت بخيوط هذه الشبكات قبل أسابيع قليلة من خلال مراقبة دقيقة لحركة اتصالات مكثفة تجري مع أفراد هذه الشبكات بواسطة خطوط هاتف محلية وأجنبية».
وعما إذا كانت الشبكات تحضر لأعمال أمنية أم أن دورها يقتصر على الاستطلاع وجمع المعلومات، لفت المصدر القضائي إلى أن «المعطيات تفيد بأن الشبكات نشطت في الجنوب والضاحية الجنوبية وبيروت، لكن التحقيق سيستكمل أمام القضاء العسكري، الذي يضع يده على كل الملف ويتوسع بتحقيقاته لتبيان حقيقة الأدوار التي أنيطت بأفراد هذه الشبكات».
وفي وقت أطلع وزير الداخلية القاضي بسام المولوي مجلس الوزراء، على ضبط فرع المعلومات لـ17 شبكة تجسس تعمل لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي وتتولى دوراً محلياً وإقليمياً، أشاد رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ«الإنجاز النوعي الذي حققته شعبة معلومات في قوى الأمن الداخلي، بكشفها شبكة تجسس تعمل لصالح العدو الإسرائيلي في الداخل اللبناني». وقال: «مجدداً التحية والتقدير للقوى الأمنية اللبنانية ولعيونهم الساهرة على أمن لبنان وتحصين سلمه الأهلي».
من جهته، حذر المكتب السياسي لحركة «أمل» التي يرأسها بري، في اجتماعه الدوري من «خطورة الانكشاف الأمني والخلايا الأمنية الإسرائيلية والمجموعات الرديفة لها التي تستهدف منعة لبنان وأمنه واستقراره في غير منطقة، والتي أعلن عن كشفها والتحقيق مع أفرادها من قبل الأجهزة الأمنية».