الكارثة المتدحرجة: اكتساح الدولرة واحتواء عقيم

كتبت صحيفة "النهار" تقول: بين اخطر تحذيرات بكركي من خطر عزل لبنان عن الدورة المالية العالمية، ووقائع الانهيار الجديدة المتمثلة في صعود ناري لا هوادة فيه في سعر صرف الدولار وما يتصل به بكل السلع، بدا لبنان في اخطر المتاهات لاحتلال المرتبة الأولى بين الدول الفاشلة والأكثر رزوحا تحت اكبر نسب التضخم في العالم. وعلى رغم ان الدولرة التي اصابت النسبة الأكبر من الواقع المالي والاقتصادي والاستهلاكي في لبنان، ليست تطورا حديثا، اذ هي ترقى الى اكثر من عقدين، فان “اكتساحها” بالشكل الشمولي الذي طبع التطورات المالية في الأيام الأخيرة جعل لبنان يقف امام متاهة مخيفة خصوصا في عز افلاس وعجز سياسيين عن أي تحريك لازمة الفراغ الرئاسي الذي تمددت نحو شلل كامل للدولة وللمؤسسات بما دفع دورة الانهيار الحالية الى ان تصبح كرة ثلج من شانها ان تجتاح كل شيء.

ذلك ان الاكتساح او الاجتياح الشمولي للدولرة بات امرا واقعا ثابتا امام مواصلة الدولار تحليقه الناري وتحطيم ارقام قياسية خيالية تباعا، اذ سجل مساء امس في السوق السوداء رقما قياسيا غير مسبوق قفز فيه فوق التسعين الف ليرة ولامس 92000 ليرة لبنانية . واكب ذلك للمرة الأولى منذ التاريخ المثبت لتفجر الانهيار في لبنان في 19 تشرين الأول 2019 بدء اعتماد التسعير بالدولار في السوبرماركات اللبنانية، بما يعني “قوننة” فاضحة لمخالفة الدستور، ولو ان الية التسعير تعتمد تحديد السعر بالدولار والدفع بالليرة اللبنانية، ولكن اثر هذا التطور يعد خطيرا وعميقا في مسار توسيع الدولرة الى اخر الدرجات. ويضاف الى هذين التطورين تطور ثالث اشد خطورة أيضا تمثل في رفع قياسي للدولار الجمركي الى 45 الف ليرة بما يشكله ذلك، على رغم تقييد لائحة المستوردات التي يطالها، من إضافة عامل محموم على الدولرة الشاملة.