المصدر: Kataeb.org
الكاتب: جسّي مراد
الثلاثاء 22 تموز 2025 10:14:47
كتبت الشاعرة والكاتبة جسّي مراد:
في زمن تتلاطم فيه الأزمات وتُمحى فيه الحدود بين الحق والباطل، تبرز الحاجة إلى قامات سياسية تحمل في وجدانها الوطن، لا الطائفة، وتقدّم المصلحة العامة على المكاسب الضيّقة. ومن بين هذه القامات، يسطع اسم "الكتائب اللبنانية" كركن من أركان الكيان اللبناني، يجمع بين الإرث النضالي والرؤية الحديثة، ويجسّد مفهوم الدولة المدنية القائمة على الكفاءة، السيادة، والعدالة الاجتماعية.
لقد وُلدت الكتائب من رحم الوطنية الصافية، لا من عباءة المصالح. منذ تأسيسها، شكّلت نموذجًا للحركة المنظمة والمؤمنة بلبنان الحرّ، المستقلّ، المتنوّع. آمنت بدور الشباب، وساهمت في بناء مؤسسات الدولة، وكانت حاضرة في المحطات المصيرية، مدافعة عن الكيان، ثابتة في المبادئ، متجددة في الأسلوب.
السياسة في فكر الكتائب ليست بابًا للمنافع، بل وسيلة لخدمة الناس. ولطالما كانت صوتًا صارخًا في وجه الفساد، مدافعة عن الشفافية، والإصلاح، وحقوق الإنسان. وهي لا تتردّد في مواجهة المنظومة حين تتعدّى على كرامة اللبناني، بل تقف بشجاعة، تعارض وتحاور، تبني وتناضل، لأنّها لا تبحث عن سلطة، بل عن دولة.
أما اجتماعيًا، فقد فهمت الكتائب جيدًا أنّ الوطن لا يُبنى فقط في أروقة السياسة، بل في القرى والضيع، في نبض الشارع وحاجات الناس. فكانت دائمًا إلى جانب الفئات المهمّشة، داعمة للتعليم، الثقافة، والصحة، ومشجّعة لدور المرأة والشباب في رسم المستقبل.
واليوم، في مرحلة التحدّيات الكبرى والانهيارات المتلاحقة، تثبت الكتائب أنها حزب الفكرة لا الشخص، حزب الرسالة لا الظرف، وحزب المبادئ لا الحسابات. تطرح برامج واضحة، وتخوض المعارك النيابية والإعلامية دفاعًا عن السيادة والعدالة، رافضة أي سلاح خارج الشرعية، ومؤمنة بدولة يكون فيها الجيش وحده الحامي، والقانون وحده الحاكم.
إنّ الكتائب اليوم تمثّل صوتًا حرًّا في زمن الصمت، وأملًا في زمن الإحباط، ونموذجًا سياسيًا راقيًا في زمن التخبّط. ولبنان، الذي يستحق أن يعيش، بحاجة إلى أحزاب تبنيه لا تهدمه، توحّده لا تفرّقه، ترفعه لا تستنزفه. والكتائب، في هذا المشهد، تبقى منارة تُضيء، لا تُطفئ.