الكسارات "طبخة بحص سياسيّة" وفوضى تدمّر جبال لبنان وتوقظ فوالقه الزلزاليّة...

ان تتحرك الأرض وتموج نتيجة الهزات الأرضية بفعل العوامل الطبيعية، هو امر واقع ومحتّم حدوثه، ولكن لا أحد يعلم متى وكيف؟ وفي حال وقع زلزال في لبنان، وهو امر حدث في الماضي، فلا يمكن للبشر التدخل لإيقافه او التقليل من شدته. وان يكون المرء محترسا ومستعداً فهذا دليل على الوعي وفهم مدى خطورة الوضع، خاصة بعد زلزال تركيا المدمر. انما ان يهدد شخصان امن 4 ملايين لبناني على عين الدولة، فهو امر مخزٍ لكل مواطن شريف، ولا نستغرب تنصّل السلطة لأنها شريك فعلي في ملكية هذه الكسارات على قاعدة "مرقلي تمرقلك"، من غض النظر والتستر على مُشَغّلِيْها المجرمين. فأهلا بكم في دولة التخلي، الانهيار، اللامبالاة، العبث بالسلامة العامة، التهريب، الفساد، التزوير والسرقات...

زلزاليّاً، لا تزال تداعيات الهزة التي حدثت في زحلة نتيجة تفجير في كسارات "التويتة " تتوالى، والخوف من تفجيرات مماثلة قد تفرض نتائج أفدح، خاصة ان هذه الكسارات منتشرة وتأكل اخضر لبنان، وتهدد امن المواطنين. فهل هذه الضغوط عن طريق الكسارات تحرك الفوالق الزلزالية؟


تنطلق الناشطة البيئية والمتخصصة في هذا المجال ايمان الدهيبي، من قاعدة علمية وتقول لـ "الديار" "تحركات الفوالق الزلزالية ناتجة عن قوى وعوامل تكتونية داخل الأرض، والسبب الرئيسي الذي يساهم في تحرك الفوالق الزلزالية هو التصادم والانزلاق بين الصفائح التكتونية، فالقشرة الأرضية تتكون من عدة صفائح تكتونية، وعندما يحصل الانزلاق والانفصال بين هذه الصفائح يحدث زلزال".


أضافت "تثور الزلازل عادةً نتيجة اختلال الصفائح التكتونية التي تعرف بالحدود اللوحية (الأمامية، الخلفية والانتقالية)، وعندما تصطفق الصفائح بشكل مفاجئ تتمزق نتيجة الاحتكاك فيما بينها، وهذا الفعل يولّد طاقة زلزالية تنتقل عبر الصخور والتربة، ويُحدث اهتزازات في الأرض".

نسبة الخطورة

واشارت الدهيبي الى "ان تكسير الجبال والصخور بالمتفجرات والصواعق، يؤثر على الفوالق الزلزالية في اغلب الأحيان، ويؤدي إلى اضطرابات محلية في الصخور المجاورة. وفي حال وجود فالق زلزالي قريب، فهذا التأثير المحلي يحفّز النشاط الزلزالي في الفالق". ولفتت الى خطورة هذا الفعل بالقول:"هذه الجسامة قائمة على عدة عوامل، بما في ذلك الحجم والتركيب الهندسي للفالق الزلزالي، ومدى قوة التفجيرات وتكرارها، والمسافة بين موقع التفجير والفالق، والتربة المحيطة وخصائص الصخور".

التراخيص

وتوجّهت الى المشغلين والشركات "بالالتزام بالقوانين واللوائح المحلية والدولية المتعلقة بأعمال التفجير والسلامة العامة، للحد من أي تأثير سلبي قد يهيّج الفوالق الزلزالية والمناطق المحيطة بها. كما يُوصى أيضًا بإجراء تقييمات بيئية وزلزالية مسبقة، واتخاذ تدابير وقائية للحفاظ على السلامة العامة لعزل المخاطر المحتملة. كما ويُنصح دائمًا بإجراء تقييم شامل للتأثير البيئي والزلزالي والمخاطر المحتملة، قبل الشروع بأعمال تفجير في المناطق التي يوجد فيها نشاط زلزالي، وذلك يكون قبل إعطاء التراخيص من قبل الوزارة المعنية التي يجب ان تتوافر لديها معلومات كافية وواضحة ومسح شامل عن طبيعة كل شبر في لبنان".

تأثير الكسارات

وقالت الدهيبي "الى جانب اثارة الفوالق الزلزالية، تؤثر الكسارات أيضاً على البيئة والمناخ والكائنات الحية بعدة طرق، وبحسب القانون السائد في لبنان على المشغّل أن يقدم دراسة بيئية شاملة قبل البدء وبعد الانتهاء من التشغيل للكسارة، وذلك للأسباب الآتية، بحسب الناشطة البيئية:

- تشويه المعالم الطبيعية: تعبث الكسارات بالمناظر الطبيعية والنظم البيئية المحلية، كما تفسد الغطاء النباتي، وتغيرالنظام البيئي المحيط، مما يؤثر على الحياة النباتية والحيوانية المحلية.

- التربة: يؤثر تشغيل الكسارات على خصوبة التربة ونوعية الأراضي المجاورة، مما يضعف قدرتها على دعم النمو النباتي والحيواني.

 

- المناخ: كما يؤدي عملها الى إصدارالغازات السامة، التي يمكن أن تؤثر على تحوّل المناخ والتسبب في زيادة الاحتباس الحراري.

- الحياة البرية: المقالع قد تكون سببا في هجرة الحيوانات البرية والقضاء على مواطن تكاثرها.

وتطرقت الى كيفية تقييد عمل الكسارات "من خلال الإجراءات الصارمة، مثل تطبيق ممارسات الاستدامة البيئية، واستخدام تقنيات متقدمة لمراقبة الانبعاثات والملوثات، ووضع خطط لإعادة تأهيل المواقع المستهدفة. كما يجب الامتثال للقوانين واللوائح المحلية والدولية المتعلقة بالبيئة من اجل الحفاظ على التنوع البيولوجي،وكل هذا ملحوظ في قوانين الكسارات في لبنان".

تلوث الهواء والماء

في سياق متصل، قالت الدهيبي "تساهم الكسارات في تلوث الهواء والماء عن طريق العمليات التالية: "أثناء عملية تكسير الصخور يتم إنتاج الغبار والرواسب الجوية، ويمكن لهذه الجسيمات العالقة في الهواء أن تكون ضارة للصحة العامة عندما يتنفسها البشر، وتترسب أيضًا على الأسطح والنباتات المحيطة، بما في ذلك انبعاثات الغازات السامة، مثل ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين وأكسيد الكبريت".

واردفت "كما تعمل الكسارات على إنشاء مستنقعات مياه وبحيرات صغيرة لأغراض، مثل عمليات الغسيل والري. وقد يؤدي تدفق المياه الملوثة من هذه المصادرالى تلوث المياه السطحية والجوفية المحيطة، بما في ذلك الأنهار والبحيرات والآبار".

كم طن من الديناميت يمكن ان يؤثر على تحرك الفوالق الزلزالية في لبنان؟ تجيب: "تحصل عملية تموّج الفوالق الزلزالية بواسطة قوى تكتونية طبيعية هائلة داخل الأرض على مستوى ضخم. فعمليات التفجير بالديناميت لتكسير الجبال والصخور، لا تملك القدرة على تحريك الفوالق الزلزالية بشكل مباشر، وعادةً ما تكون طاقة التفجيرات بالديناميت صغيرة نسبيًا، مقارنة بالقوى التكتونية الطبيعية التي تعمل على تحريك الفوالق الزلزالية".

اضافت "لكن يجب التنبّه إلى أن التفجيرات المتكررة والكبيرة، والتي قد تسبب اهتزازات في الأرض ولو كانت محلية ومحدودة النطاق. الا ان هذه الرجراجات المستمرة والمتكررة خلال فترات طويلة تهدد استقرار المناطق القريبة، وتزيد من احتمالية حدوث تصدعات وانزلاقات أرضية وحتى زلزالية، وهذا أيضا يعتمد على الكميات المستخدمة من الديناميت او النيترات كما حدث في زحلة".

أضافت "للحد من التأثيرات السلبية المحتملة للتفجيرات على الاستقرار التكتوني، يتم تحديد إجراءات السلامة والضوابط البيئية والتنظيمية لمثل هذه الأنشطة. لذا ينبغي على المشغلين الالتزام بالقوانين واللوائح المحلية، للحد من أي تأثيرات سلبية محتملة على البيئة والاستقرار التكتوني".

نيترات او ديناميت!

وشددت الدهيبي "على ان استخدام الديناميت او النيترات لتكسير الجبال والصخور يؤثرعلى الأبنية المجاورة، لان التذبْذُب الناجم عن التفجيرات يمكن أن يسبب اهتزازًا في الأرض ينتقل إلى المباني القريبة، ويؤدي إلى تلف الهياكل التابعة للأبنية". وقالت "ينصح المقاولون القائمون على عمليات التفجير ، بتنفيذ إجراءات الوقاية المناسبة لتحصين الأبنية المجاورة والمتمثلة بالإجراءات التالية: تقدير حالة الأبنية المجاورة، وتحديد مدى تأثرها المحتمل بالاهتزازات الناجمة عن التفجيرات، كما يمكن استخدام تقنيات مختلفة للحد من انتقالها إلى الأبنية، مثل استخدام مواد ذات قدرة امتصاصية للصدمات أو تقنيات التفجير المتحكم بها.الى جانب تنفيذ نظام المراقبة لقياس ورصد الهزات المتولدة من التفجير، والتأكد من عدم تجاوزها معايير القبول المحددة".

اضافت "ينبغي التواصل مع السكان في المنطقة القريبة من مكان التفجير، وإبلاغهم بجدول التفجيرات المقترحة والإجراءات المتخذة لضمان سلامتهم وسلامة الممتلكات". وختمت الدهيبي "ان الاستعانة بتلك الإجراءات والالتزام بشروط السلامة المعتمدة، يقلل من المخاطر المحتملة ان لجهة الأبنية المجاورة نتيجة التفجيرات بالديناميت والنيترات او لتحريك الفوالق الزلزالية، لأنه مع الوقت قد يقع ما هو ليس مرتقباً ومنتظراً".