اللجنة الأمنية بين الدولة وحزب الله: هل كُشف "سر بوليشينيل"؟

أثار رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل جدلاً واسعًا الأسبوع الماضي عندما دعا إلى حل اللجنة الأمنية المشتركة بين الجيش اللبناني وحزب الله، معتبرًا أنها تمثّل ازدواجية في المرجعية الأمنية. لكن رئيس الجمهورية جوزيف عون سارع للرد، مؤكدًا أن « هذه اللجنة لا وجود لها »، مشيرًا إلى أنه يتولّى شخصيًا التواصل مع حزب الله في ما يخص ملف السلاح.

رغم النفي الرسمي، تؤكد مصادر مطلعة أن المقصود بهذه اللجنة هو ما يعرف بوحدة التنسيق والارتباط التابعة لحزب الله، والتي يرأسها منذ سنوات القيادي الأمني في الحزب وفيق صفا. غير أن تصريحات رئيس الجمهورية تعكس، بحسب متابعين، رغبة في ترسيخ موقعه كقناة رسمية وحيدة للتفاوض حول ملف سلاح الحزب.

الكتائب يفضّلون التهدئة مع بعبدا
في ما بدا أنه تراجع تكتيكي، التزم حزب الكتائب الصمت بعد رد الرئيس، حرصًا على العلاقة الإيجابية مع بعبدا، خصوصًا أن لقاءً بين سامي الجميل والرئيس قد يكون مرتقبًا. وقال مسؤول كتائبي لـ"لوريان لوجور"، مفضّلًا عدم الكشف عن اسمه: « ربما لا يريد الرئيس قول غير ما قاله علنًا، لأنه بحاجة إلى استمرار قنوات التفاوض مع حزب الله ». وأضاف: « الجميع يعلم بوجود تنسيق بين الحزب والدولة، وحان الوقت لوقف التستر على هذا السر المكشوف ».

وأشار المسؤول إلى أن حزب الله كان يمنح تصاريح مرور لعناصره ولشخصيات من أحزاب ضمن محور "الممانعة" قبل حرب 2024 مع إسرائيل. وشدد على أن موقف سامي الجميل جاء من منطلق أن اللبنانيين لهم الحق بمعرفة كل ما يجري في هذا الملف، خصوصًا في ظل التزام حكومة نواف سلام حينها بضرورة حصر السلاح بيد الدولة.

رد حزب الله: لا لجنة، بل وحدة معروفة
من جهته، اكتفى حزب الله برد غير مباشر على الجدل، حيث قال يوسف زين، المتحدث باسم الحزب: « لا توجد لجنة تنسيق مع الجيش كما تحدث سامي الجميل، بل لدينا وحدة تنسيق معروفة يرأسها وفيق صفا، وهي الجهة المخولة التواصل مع الأجهزة الأمنية والقضائية ».

وأكد زين أن وحدة صفا « لا ترتبط برئاسة الجمهورية »، بل دورها يقتصر على إدارة العلاقات الأمنية ضمن الأطر المتفق عليها، مضيفًا أن صفا لا يزال في موقعه رغم محاولة اغتياله في تشرين الأول الماضي خلال الغارات الإسرائيلية.

تحوّل بعد حرب 2024
لكن خلف هذا التراشق الإعلامي، يبدو أن الواقع أكثر تعقيدًا. فبحسب جنرال متقاعد تحدّث للصحيفة بشرط عدم كشف هويته، فإن وحدة التنسيق في صلب الحوار القائم اليوم حول احتكار الدولة للسلاح. وأضاف: « عندما كان حزب الله يُعتبر مقاومة، كانت الدولة تتغاضى عن تهريب السلاح عبر المعابر غير الشرعية بتنسيق مع الوحدة. لكن بعد حرب 2024، تغيّر كل شيء: أُغلقت المعابر وانتشر الجيش في الجنوب ».

وختم الجنرال بالقول: « يبدو أن الرئيس عون يقترب من تحقيق هدفه بإطلاق مسار تفكيك سلاح حزب الله عبر الحوار والدبلوماسية، بدل المواجهة ».

وفي السياق ذاته، كشف المتحدث باسم الحزب يوسف زين أن الحوار مع رئيس الجمهورية مستمر، وأن وفدًا من الحزب سيلتقي قريبًا بزعماء سياسيين (باستثناء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي يقود الجبهة المعارضة لحزب الله) « لمناقشة مستقبل البلاد بكافة جوانبه ».