اللعاب يهدد بحر مرمرة... مشاهد صادمة وخبراء يحذرون من كارثة

منذ نهاية العام الماضي يتصارع بحر مرمرة في تركيا مع "الصمغ" أو ما يسمى بـ"لعاب البحر"، والذي بات يغطي أجزاء كبيرة من سطحه وأعماقه، ما دفع خبراء للتحذير من كارثة بيئية، قد ينجم عنها أضرار كبيرة تهدد جميع أشكال الحياة المائية.

وتتداول وسائل الإعلام التركية بشكل يومي صور وتسجيلات مصورة "صادمة" تظهر الكم الكبير من المادة الصمغية التي تغطي سطح البحر، وخاصة على سواحل مدينة إسطنبول، جزر الأميرات، تكيرداغ، جينارجيك، بورصة، أردك.

وفي الوقت الذي تخرج فيه التحذيرات اتجهت الحكومة التركية لاتخاذ إجراءات أولية لمعالجة هذه الظاهرة، فيما بدأ سياسيون معارضون بحملات ضغط.
وقال السياسيون، وبينهم زعيم حزب "الديمقراطية والتقدم"، علي باباجان إن "الحكومة لا تتخذ أي تدابير مهمة ضد تغير المناخ والاحتباس الحراري على حد سواء. اليوم وغدا".

وأضاف الثلاثاء: "مرمرة البحر الداخلي لبلدنا، كان يعطي إشارات إنذار منذ شهور مع زيادة الصمغ. الصور مؤسفة. أصبح بحر مرمرة ملوثا بسبب أن مياه الصرف الصحي المنزلية ومياه الصرف الصناعي قد تم تصريفها في البحر دون أي معالجة".

وانتقد زعيم حزب المستقبل المعارض أحمد داود أوغلو تعامل المسؤولين مع "خطر انتشار اللعاب في كل مكان".
التعليقات
تركيا
"اللعاب" يهدد بحر مرمرة.. مشاهد صادمة وخبراء يحذرون من "كارثة بيئية"
ضياء عودة - إسطنبول
02 يونيو 2021
تركيا
تحذيرات من كارثة بيئية بعد انتشار لعاب البحر قرب السواحل التركية
منذ نهاية العام الماضي يتصارع بحر مرمرة في تركيا مع "الصمغ" أو ما يسمى بـ"لعاب البحر"، والذي بات يغطي أجزاء كبيرة من سطحه وأعماقه، ما دفع خبراء للتحذير من كارثة بيئية، قد ينجم عنها أضرار كبيرة تهدد جميع أشكال الحياة المائية.

وتتداول وسائل الإعلام التركية بشكل يومي صور وتسجيلات مصورة "صادمة" تظهر الكم الكبير من المادة الصمغية التي تغطي سطح البحر، وخاصة على سواحل مدينة إسطنبول، جزر الأميرات، تكيرداغ، جينارجيك، بورصة، أردك.

وفي الوقت الذي تخرج فيه التحذيرات اتجهت الحكومة التركية لاتخاذ إجراءات أولية لمعالجة هذه الظاهرة، فيما بدأ سياسيون معارضون بحملات ضغط.


وقال السياسيون، وبينهم زعيم حزب "الديمقراطية والتقدم"، علي باباجان إن "الحكومة لا تتخذ أي تدابير مهمة ضد تغير المناخ والاحتباس الحراري على حد سواء. اليوم وغدا".

وأضاف الثلاثاء: "مرمرة البحر الداخلي لبلدنا، كان يعطي إشارات إنذار منذ شهور مع زيادة الصمغ. الصور مؤسفة. أصبح بحر مرمرة ملوثا بسبب أن مياه الصرف الصحي المنزلية ومياه الصرف الصناعي قد تم تصريفها في البحر دون أي معالجة".

وانتقد زعيم حزب المستقبل المعارض أحمد داود أوغلو تعامل المسؤولين مع "خطر انتشار اللعاب في كل مكان".


ما هو "اللعاب"؟
و"لعاب البحر" أو "الصمغ" هو إفراز يحدث من وقت لآخر في البحار المغلقة، مثل بحر مرمرة.

ويقول خبراء بيئة أتراك إن هذه الإفرازات التي يميل لونها للأبيض السميك تتكون خلال ظروف بيئية معينة، سواء التكاثر المفرط للطحالب الدقيقة أو النباتات المجهرية الأخرى.

وهناك أسباب أخرى تكمن بارتفاع درجات الحرارة في حوض البحر الأبيض المتوسط، بسبب تغير المناخ العالمي.

في المقابل يرى خبراء آخرون أن "الصمغ" يرتبط بالتلوث الناتج عن إلقاء النفايات ومياه الصرف الصحي عبر مجار عدة في البحر، إلى جانب عامل ركود المياه، حيث أن 25 مترا فوق سطح بحر مرمرة تتكون من مياه البحر الأسود، وأقل من 25 مترا تتكون من مياه البحر الأبيض المتوسط.

وبحسب التسجيلات المصورة فإن هيكل "الصمغ" أشبه بالأغشية المخاطية، ولا يقتصر طوفانها على السطح فقط، بل تمتد إلى عمق البحر لتصبح أشبه بـ"الشاش". ما يجعلها بيئة تغذية مناسبة جدا للكائنات الحية الدقيقة، كالبكتريا والفيروسات.

والاثنين صرح وزير البيئة التركي، مراد كوروم بأنهم سيعقدون "ورشة عمل حول مشكلة الصمغ في بحر مرمرة وحلها"، وذلك في الرابع من يونيو الحالي.

وقال كوروم عبر "تويتر": "الصمغ من المشاكل المهمة التي تهدد الوطن الأزرق لبلدنا، والمحاط بالبحار من ثلاث جهات. معا سننتج حلا للمشكلة البيئية التي نراها في بحر مرمرة والتي تؤثر علينا جميعا".

"حل مؤقت"
صحيفة "حرييت" التركية نقلت الأربعاء عن رئيس قسم علم الأحياء المائية بجامعة إسطنبول، الدكتور نسليهان أوزديليس وقال "إن جمع طبقات الصمغ من البحر هو حل مؤقت. مات قاع البحر ولا بد من تزويده بالأكسجين في أسرع وقت ممكن".

وأضاف عالم الأحياء المائية: "إذا كانت هناك منطقة مغلقة مثل بحيرة، فيمكن ضخ الهواء المؤكسج. قد يعطي الأمر بعض النتائج".

من جانبه يقول البروفيسور مصطفى ساري، من كلية البحرية بجامعة بانديرما أونيدي إيلول إن هناك العديد من الأمثلة على ما سبق في العالم.

ويضيف ساري: "يجب أن يجتمع كل من حول بحر مرمرة بشكل عاجل للغاية. المحافظات، ولايات المقاطعات، البلديات، ووزارة البيئة والتخطيط الحضري، ووزارة الزراعة والغابات، الجامعات، المنظمات غير الحكومية ... يجب أن نتحد جميعا ونتفق على سياسة إدارة النفايات لبحر مرمرة الجديد. في الواقع لسنا بحاجة إلى إعادة اكتشاف أميركا!".

ما هي الأسباب؟
على الرغم من الأسباب الطبيعية التي تقف وراء ظاهرة "لعاب البحر" في مرمرة، إلا أن البعض من الخبراء أكدوا على سبب أساسي يتعلق بموضوع النفايات والتلوث الذي يصنعه الإنسان بيده.

وتعليقا على ما سبق يوضح البروفيسور مصطفى ساري أن "نفايات 25 مليون شخص يعيشون في محيط مرمرة بشكل مباشر أو غير مباشر والنفايات الصناعية تذهب جميعها إلى البحر".

ويتابع: "إذا أخذنا في الاعتبار النشاط الزراعي المكثف في منطقة مرمرة، فإن الأسمدة والمواد الكيميائية المختلفة المستخدمة هناك تذهب إلى البحر كمحطة أخيرة. تذهب هذه النفايات إلى البحر مع القليل من المعالجة أو بدون معالجة. ماذا سيفعل البحر؟ لقد أصبح غير قادر على تحمل هذا العبء بسبب تغير المناخ".

ولم يسبق وأن شهدت تركيا هذه الظاهرة في السنوات الماضية، حيث اقتصر تشكل "لعاب البحر" على سطح "مرمرة" في سواحل محدودة، بينها إسطنبول وبورصة.

وبذلك قد يكون الحل الوحيد والسريع للحد من توسع طبقات "الصمغ" هو تغيير سياسة إدارة النفايات في البلاد، واتباع سياسة جديدة تتماشى مع التغير الذي يطرأ على المناخ.

ويشير خبراء البيئة إلى أن الطريقة المذكورة هي الوحيدة لأن يعود "الصمغ" إلى حالته الطبيعية في بحر مرمرة خلال السنوات الماضية. وفي حال الابتعاد عنها قد يواجه مرمرة المزيد من "الصمغ" المتكرر والشديد.

وقبل أيام كان البروفيسور التركي، بايرام أوزتورك قد حذر من أن "لعاب البحر" المنتشر سيجعل الصيد صعبا بسبب التصاقه بالشبكات، وبالتالي سينعكس الأمر على أسعار الأسماك في البلاد.

وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية: "مستقبلا سيسبب الصمغ أزمة بيئية تؤدي إلى القضاء على كل أشكال الحياة المائية في هذا البحر".

ما علاقة تغير المناخ؟
ويقع بحر مرمرة شمال غرب تركيا، وتطل عليه من الشمال سواحل مدينة إسطنبول، ويتصل بالبحر الأسود عبر مضيق البوسفور الذي يمتد إلى الشمال ليفصل الجزء الآسيوي من تركيا عن الجزء الأوروبي، بينما يصله مضيق الدردنيل الذي يمتد إلى الغرب ببحر إيجة.

وتقع على سواحل البحر 43 مدينة ومنطقة سكانية موزعة على سبع محافظات من بينها 14 منطقة من إسطنبول على سواحله الشمالية، وتتوزع البقية على محافظات بالكيسير وبورصة وجناق قلعة وكوجالي وتيكيرداغ ويلوا.

وبينما يحمل سطحه طبيعة سطح البحر الأسود يشبه قعره المتوسط وببحر إيجة، من حيث الملوحة ودرجة الحرارة ومحتوى الأوكسجين.

ويعد البحر المذكور من أحر البحار في العالم، بحسب الدكتور مصطفى ساري، مشيرا إلى أن تغير المناخ العالمي أدى إلى ارتفاع درجات حرارة المياه في جميع البحار.

ويقول ساري: "انعكس هذا الارتفاع في درجة الحرارة بشكل أكبر في حوض البحر الأبيض المتوسط. عندما ننظر إلى بيانات متوسط ​​درجة الحرارة لمدة 40 عاما نلاحظ أنها أكثر دفئا بمقدار 2.5 درجة. هذا الارتفاع يلعب دورا رئيسيا في ظاهرة اللعاب".

ويوضح الخبير البيئي أن الهيكل الأصلي لبحر مرمرة يوفر بيئة مناسبة لتشكّل "الصمغ"، لأنه يحتوي على مياه البحر الأسود القادمة من الشمال، ومياه البحر المتوسط الساخنة المالحة.

ويرتبط هذان الجسمان المائيان المختلفان بطبقة انتقالية. هذه الطبقة الانتقالية تحد من اختلاط سطح وقاع بحر مرمرة، وبذلك تكون الدورة الدموية في "مرمرة" منخفضة.