المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الخميس 29 تشرين الأول 2020 15:31:29
من رحم الانتخابات النيابية عام 2018، استولد حزب الله اللقاء التشاوري السني عن طريق جمع عدد من النواب السنة المناوئين لتيار المستقبل في إطار نيابي، وذلك في محاولة لخلق "توازن سياسي" في مواجهة الرئيس سعد الحريري، وفي ذلك محاولة واضحة من الحزب لدخول صفوف الطائفة السنية، مستفيدا من التراجع الذي سجله الحريري في معاقل شارعه، بفعل التسوية الرئاسية وما تلاها من خيارات وخطوات لم تنزل بردا وسلاما على مناصري "التيار الأزرق" في زمن الثورة وشعار "كلن يعني كلن".
وإذا كان حزب الله قد نجح في تعطيل تأليف الحكومة الحريرية السابقة تحت ستار ضرورة تمثيل اللقاء التشاوري، على اعتباره فائزا في الانتخابات، فإن الرياح هذه المرة تجري في الاتجاه المعاكس. بدليل أن اللقاء تلقى نكسات قاسية، ليس أقلها انسحاب النائب جهاد الصمد من صفوفه بفعل الاختلاف في وجهات النظر بينه وبين سائر الأعضاء، وهو الذي بات يغيب عن اجتماعات زملائه الهادفة إلى توحيد الموقف من المشهد السياسي. وفي ما يمكن اعتباره مزيدا من تكريس "فراق العشاق" هذا، بادر الصمد إلى المشاركة في استشارات التكليف والتأليف، فيما غاب النائب البيروتي عدنان طرابلسي بسبب إصابته بفيروس كورونا، وحضر النائب قاسم هاشم من ضمن صفوف كتلة التنمية والتحرير، مع العلم أن اللقاء كان اجتمع عشية الاستشارات وأعلن في بيان مقاطعة هذا الاستحقاق، وعدم تسمية الرئيس الحريري.
إنها إذا ضربات قوية تلقاها اللقاء من أقرب المقربين إليه. إلا أن مصادر سياسية تدعو إلى التنبه إلى ما هو بين سطور هذا التفكك في أوساط اللقاء وتقطع أوصاله، مذكرة بأن هذا النوع من التصدعات والصدمات بات يحدث من دون أي تدخل يذكر من حزب الله. بدليل أن اللقاء غاب مثلا عن الحوار الموسع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، مع العلم أنه يعتبر نفسه كتلة مهمة في المجلس، فيما حضر النائب محمد رعد ممثلا الحزب. وتذكر المصادر أيضا أن الحزب لم يغط اللقاء التشاوري في موقفه المناهض للحريري، الذي تسير أمور تأليف حكومته بشكل مريح جدا للضاحية، التي لم تجد حتى اللحظة، ظاهريا على الأقل ما يوجب عرقلة التأليف، لافتة إلى أن ليس في مصلحة الحزب وضع نفسه في واجهة عرقلة المبادرة الفرنسية التي أعادت وضعه في صف سائر المكونات السياسية، بغض النظر عن إشكالية سلاحه التي لا تعتبرها فرنسا أولوية في الوقت الراهن, فهل انتهت صلاحية "اللقاء التشاوري" في نظر الحزب؟ الجواب قد تحمله استحقاقات دستورية مقبلة.