المصدر: الديار
الكاتب: ندى عبد الرزاق
الخميس 21 آذار 2024 09:35:12
يُعد مرض السرطان تحديًا صحيا هاما يواجهه العالم بأسره، ولكن تحديات هذا المرض تتزايد بشكل مقلق. ففي السنوات الأخيرة شهد لبنان تزايدا ملحوظا في عدد حالات الإصابة بالسرطان، مما أثار قلقًا واسع النطاق بين المجتمع الطبي والمدني. ويعيش اللبنانيون في بيئة معقدة من النواحي البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وتلعب هذه العوامل دورا هاما في ارتفاع معدلات الإصابة بـ "الخبيث". إلى جانب ذلك، يجابه النظام الصحي اللبناني مشكلات كثيرة، مما قد يؤثر في القدرة على تقديم رعاية صحية فعالة للمرضى.
في هذا السياق، يأتي تحليل تزايد اشكال الإصابة بالسرطان في لبنان، كجزء من جهود الخبراء والاطباء، لفهم أسباب هذا التطور الخطر وتصويب الجهود نحو وضع استراتيجيات فعالة، للتصدي لهذه الظاهرة الصحية المتنامية. ويعد موضوع تفشي مرض السرطان في لبنان مستعصيا ويتطلب بحثا متأنيا.
اضرار الليطاني تطال كل المناطق بدون استثناء!
وفي هذا المجال، قال الاختصاصي بأمراض الدم والتورم الخبيث في مستشفى الجعيتاوي الدكتور احمد خليل لـ "الديار": "نفتقد في لبنان الى الاحصائيات الدقيقة بخصوص اعداد المصابين بحسب المناطق، خصوصا خلال السنوات الأخيرة لا سيما بعد جائحة كورونا والازمة الاقتصادية".
واستكمل "نحن نربط تقديريا حجم الإصابات بالمناطق التي يأتي منها المرضى، مثلا شكا وعكار ومن الأماكن المحاذية لمعمل الترابة وسبلين والذوق والجية، وهناك ضيعة بأكملها مصابة بهذا المرض، او ان أقرباء لديهم نفس المرض. ونحن نستنتج عدد المصابين انطلاقا من هذه الأمور، ونتوقع ان يكون هذا المرض منتشراً في مناطق معينة أكثر من أماكن أخرى".
أضاف "المواطنون الذين يسكنون بالقرب من منطقة الليطاني ليسوا هم الأكثر تأثرا بالروائح المنبعثة من النهر والبكتيريا، وانما المشكلة أعمق لأنها تشمل كل سهل البقاع، وعلينا الا ننسى ان هذه المنطقة فيها الكثير من الأراضي الزراعية والمحاصيل المثمرة مثل: البطاطا والبندورة والورقيات، التي تباع في الأسواق الداخلية وتتوزع على كافة الأراضي اللبنانية. وهناك السكان الذين يعيشون على ضفاف النهر يتأثرون بالروائح والري ومياه الشرب والاستحمام، والقسم الأكبر يتأثر بالمنتجات الزراعية. لذلك كل لبنان متأثر بتلوث الليطاني، وليست فقط المناطق التي يمر بها النهر".
وختم مشيرا الى الملوثات الخاصة بكل منطقة، مثلا: الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في الجنوب والتي تؤثر في صحة الاهالي، ونهر الليطاني في البقاع ومعمل الجية في الذوق ومعمل سبلين في شكا، والكوستا برافا في بيروت".
اكتشاف العلّة "يُجدي"!
في هذا الشأن، قال مصدر طبي في مستشفى اللبناني - الفرنسي في زحلة لـ "الديار": "يمكننا التركيز في هذه القضية الطبية، وأسباب انتشار هذا المرض بشكل متصاعد على النقاط الاتية:
الفئات العمرية الاكثر عرضة للإصابة
وعدّد المصدر قائمة بالفئات العمرية، التي قد تكون أكثر عرضة للإصابة بمرض السرطان في لبنان:
- الشيوخ: الأشخاص فوق سن الستين، عادة ما يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض السرطان، بسبب تراكم التعرض لعوامل الخطر على مر السنين.
- البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 سنة: هذه الفئة العمرية قد تكون في مرحلة النشاط الحياتي، وتعرضت لعوامل الخطر لفترة طويلة.
- الشباب والأطفال: على الرغم من أن معدلات الإصابة بمرض السرطان في هذه الفئات العمرية أقل بشكل عام، إلا أنها ليست خالية من المخاطر، خاصة مع زيادة الوعي بالتشخيص المبكر.
واكد المصدر "ان تحديد الفئات العمرية المتأثرة بشكل أكبر، يمكن أن يساعد في توجيه الجهود الوقائية والعلاجية بشكل أفضل، للحد من انتشار مرض السرطان في لبنان".
كيف نحمي أنفسنا؟
في موازاة ذلك، شرح طبيب متخصص بالأمراض السرطانية في مستشفى الروم لـ "الديار" "طرق الوقاية من الإصابة بهذا الداء، وهي متوفرة ويمكن للمصاب تطبيقها، وتشمل:
وشدد الطبيب على "ان تطبيق هذه الإجراءات الوقائية، يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بمرض السرطان وتحسين الصحة العامة".
الليطاني مصيبة!
وفي الإطار، اوضح الطبيب في مستشفى الروم "ان نهر الليطاني، الذي يعد أحد أهم أنهار لبنان باعثاً للقلق بسبب مستويات التلوث البيئي فيه، وقد اشارت تقارير عديدة إلى أن مياهه تحتوي على معدلات عالية من المواد الكيميائية الضارة والملوثات العضوية المتطايرة، التي لها علاقة بزيادة حالات الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى. وتلطخه يعود جزئيا إلى النشاط الصناعي والزراعي في المناطق المجاورة، بالإضافة إلى تدنس الصرف الصحي ورمي النفايات فيه. هذه الملوثات قد تتسرب إلى التربة ومياه الشرب والمزروعات، مما يزيد من خطر التعرض للمواد الكيميائية الضارة".
اضاف : "لذلك من المهم اتخاذ إجراءات لتقليل تلوث نهر الليطاني وتحسين جودة المياه، مثل تنظيف النهر وتحسين معالجة مياه الصرف الصحي، وتشجيع الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة".
ووفقا للخبراء في المجال البيئي والطبي "يُعتقد أن التلوث البيئي بشكل عام يمكن أن يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمواد كيميائية مسرطنة. هذا وتحظى بعض المدن اللبنانية القريبة من الليطاني بمستويات عالية من التلوث، والتي قد تكون عرضة لزيادة حالات الإصابة بالسرطان بسبب التعرض للملوثات البيئية. وينبغي على السلطات المحلية والمجتمع المحلي، اتخاذ إجراءات لتقليل اتساخ المياه والتربة في هذه المنطقة، وتعزيز الوعي بأهمية الوقاية من التعفّر وتبني الممارسات البيئية المستدامة".