المجلس الأعلى السوري - اللبناني: 500 ألف دولار سنوياً بلا أي فائدة

أي مبرر بعد لإبقاء المجلس الأعلى السوري - اللبناني؟ وأي راتب لا يزال رئيسه يتقاضى؟ والأهم، أي مفاعيل أو غايات من الحفاظ على هذا النوع من المجالس، سوى "الامتصاص" من سيادة لبنان واستقلاله؟

عام 1991، وقّعت معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق بين الجمهوريتين اللبنانية والسورية، ونصت المادة السادسة منها على إنشاء مجالس وهيئات عدة، في مقدمها المجلس الأعلى السوري – اللبناني.

يكشف الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين لـ"النهار" أن  "المجلس الأعلى السوري - اللبناني لا يزال قائما. وبالتأكيد ينبغي إلغاؤه ولاسيما مع سقوط النظام السوري وتبدّل الكثير من المعطيات، سواء في لبنان أو في سوريا. فلا مبرر إطلاقا لإبقائه".

والأهمّ، ما دام المجلس لا يزال قائما، هل من راتب يتقاضاه رئيسه؟

يجيب شمس الدين: "بالتأكيد. لا يزال يتقاضى راتبا".

12 ألف دولار
يشرح أنه "في بداية توقيع معاهدة الأخوّة والتنسيق، كانت ثمة آلية محددة تقضي بأن تتولى سوريا نصف التكاليف، ولبنان النصف الآخر. والتكاليف هنا تعني النفقات، أي تكاليف تشغيل المجلس من مكتب وموظفين وعمل. ولهذا السبب، كانت تُرصد له دوما اعتمادات من ضمن الموازنة العامة للبلاد"، لافتا إلى أن "تكاليف لبنان كانت تبلغ 750 مليون ليرة".

ويوضح أنه "قبل بداية الأزمة المالية في لبنان عام 2019، كان رئيس المجلس الأعلى يتقاضى راتبا مقداره 12 ألف دولار".

من المعلوم أن المعاهدة وُقّعت في دمشق في 22 أيار/مايو 1991 بين البلدين، يوم مثّل الجانب اللبناني رئيس الجمهورية الياس الهراوي، والجانب السوري الرئيس حافظ الأسد. 

في المادة السادسة من المعاهدة، تعداد لـ"الأجهزة التي شكلت لتحقيق أهداف هذه المعاهدة، ومنها المجلس الأعلى". وفي الفقرتين "ج" و"د" من هذه المادة، نصان يفيدان أن "قرارات المجلس الأعلى إلزامية ونافذة ضمن النظم الدستورية للبلدين"، وأن "المجلس يضع السياسة العامة للتنسيق في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها"، وكأنه "احتكار" أو مصادرة لكل الآليات الديبلوماسية الطبيعية بين البلدين.

34 عاما مرّت وتبدّلت الصورة. الجيش السوري انسحب من لبنان منذ عام 2005، والنظام السوري سقط منذ كانون الأول/ديسمبر 2024، والرئيس السوري بات لاجئا في روسيا. وفيما تشير بعض الأرقام غير الرسمية إلى أن المجلس الأعلى يكلّف الدولة اللبنانية 500 ألف دولار سنويا، أيّ مفاعيل تبقى له؟ والأهم، ما آليات إلغائه، شأنه شأن معاهدة الأخوّة والكثير من الاتفاقات الأخرى؟

القانون لا يُلغى إلا بقانون. ويشير شمس الدين إلى أن "المجلس الاعلى أنشئ بموجب نص المعاهدة التي صادق عليها مجلس النواب اللبناني. وبالتالي، لا بد من إقرار قانون في مجلس النواب يلغي المعاهدة برمتها، ومن ضمنها طبعا المجلس الأعلى السوري - اللبناني وكل ما يترتب عليه من مفاعيل، وبالتالي من تكاليف أو نفقات أو رواتب".

إذا، الموضوع بيد مجلس النواب وبرسم النواب، ولاسيما أولئك الذين يزايدون اليوم في موضوع السيادة وبسط سلطة الدولة اللبنانية، لأن زمن الاحتلال السوري ولّى، إنما أشكاله أو بعض "أدواته" لا تزال على ذمة الدولة اللبنانية... لا بل الخزينة العامة!