المصدر: نداء الوطن
الكاتب: لوسي بارسخيان
الجمعة 6 حزيران 2025 06:38:22
بينما ينشغل لبنان رسمياً بسلسلة اللقاءات والاجتماعات التنسيقية لإطلاق عملية "نزع السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات"، بدءاً من مخيمات مار الياس، شاتيلا، وبرج البراجنة في العاصمة بيروت، تمضي يوميات هذه المخيمات كالمعتاد، وسط معاناة مزمنة فرضتها ظروف العيش القاسية.
لا شيء في مخيمي ضاحية بيروت الجنوبية أو في مار الياس، يؤشر حتى الآن إلى وضع تطبيق الخطة الأمنية بسحب سلاحها الفلسطيني على نار حامية. وعليه فإن المواعيد المحددة تنتظر وفقاً لما يقوله أبناء المخيم، الوعود المزمنة أيضا بتحسين الواقع الاجتماعي للاجئين، ولا سيما على صعيد الحق بالعمل وأيضاً بالسكن اللائق. فماذا في واقع هذه المخيمات؟
في مساحات ضيقة تختنق بسكان من جنسيات متعددة، تتداخل فيها الفوضى مع الإهمال المزمن، تحولت مخيمات بيروت، وخصوصاً في شاتيلا وبرج البراجنة، إلى عشوائيات، يسهل جذبها للجريمة، تماماً مثلما هي حال البيئة التي تحضنها. وهذا ما يخلف انطباعاً لدى زائر المخيمين، بأن السلاح المتفلت فيهما ليس سوى وجه من وجوه غياب الشرعية المزمن.
يقول أحدهم إن معاناة المخيمات هي فعلياً مع "البلطجية" الذين وجدوا فيها ملاذاً آمناً، ويتسببون بخضات أمنية متكررة. ومع أنهم معروفون من الدولة وأجهزتها، لا تبرز النية الجدية لردعهم. ومن هنا يعتبر هؤلاء أن الحديث عن نزع السلاح من المخيمات، لا بد أن يقترن بخطة لتطهيرها من سلاح العصابات أيضاً، بما يؤمن امتداداً فعلياً لسلطة الدولة وهيبتها على كامل أراضيها، بصرف النظر عن جنسية قاطنيها.
الطريق إلى المخيمات يمر عبر "مار الياس"
على طريق المطار، بين شماله وجنوبه، يتوزع سكان مخيمي برج البراجنة وشاتيلا في الضاحية الجنوبية، ويرتبطان سياسياً بمخيم مار الياس الذي تديره مباشرة منظمة التحرير الفلسطينية، عبر فصائلها الأمنية ولا سيما "فتح الانتفاضة". هذا في وقت يظهر أصغر المخيمات، سناً وحجماً، مراعياً لمحيطه الواقع بين اليونيسكو والمصيطبة، وخصوصاً من ناحية انحصار تمدد البقعة المخصصة له أفقياً، بمقابل منع توسعه عمودياً. وهذا ما يجعل مخيم مار الياس أيضاً بؤرة مكتظة سكانياً، على مساحة لا تتجاوز عمليا الستة آلاف متر مربع.
وعلى هذه المخيمات جالت "نداء الوطن" بالتزامن مع الطرح الرسمي الجدي لنزع سلاح المخيمات.
الكلاشينكوف المغطّى برغيف: سلاح في حضن الجوع
عند أول مفرق يقود إلى منطقة شاتيلا ضللنا الطريق في الوصول إلى أزقة ضيقة، حيث الطرقات بالكاد تتيح مرور سيارة واحدة، وأسلاك الكهرباء تتشابك مع تمديدات الانترنت وكابلات المولدات والساتلايت. اعتقدنا لوهلة أننا دخلنا المخيم، إلى أن اكتشفنا أن هذه الحارة، ليست سوى حي مجاور للمخيم، ولكنه يشكل إجتماعياً إمتداداً للمعاناة السائدة فيه.
قد يبدو الواقع أسوأ في المخيم، وسط ضجيج المارة، والأطفال والديوك السارحة في وسط الطرقات، ووجوه البؤس التي تملأ الشوارع، وخصوصاً لأطفال يحملون أكياس خيش ليجمعوا ما يمكن بيعه من نفايات تصلح للتدوير، أو غالونات بحثاً عن ملئها بمياه الشرب.
بين التمديدات "العنكبوتية" المكشوفة في الهواء، والتي تتدلى معها أيضا "مواسير" المياه وإمدادتها المهترئة والمكشوفة فوق أسلاك الكهرباء، رصدنا لافتة المخيم. ومع أننا لم نصادف أي ظهور أمني يمنع التقاطنا للصورة، سرعان ما بادر أحدهم لقمعنا، فقادنا الأمر إلى مركز اللجنة الأمنية في المخيم.
عند باب مقر اللجنة الأمنية، جلس رجل ستيني مع سلاح كلاشينكوف استراح على مقعده، قبل أن تغطيه لاحقاً ربطتي خبز اشتراهما مباشرة من الموزع.
بقي الرجل هادئاً وهو يؤكد لنا أن رغبة الفلسطينيين عموماً، هي تسليم السلاح أينما كان، قائلا "هنّ يطلبوه ونحن جاهزين". لكن نبرة الرجل لم تبشر حتى الآن بتقدم المفاوضات في ما يتعلق بالحقوق المدنية التي يطالب بها الفلسطينيون.
مع أن المفاوض الفلسطيني يرفض عند طرح معادلة "السلاح بمقابل الحقوق"، أن يعتبر ذلك مقايضة، ولكنه يتمسك بهذه المعادلة في كل مرة يفتح فيها النقاش حول هذا السلاح. ولذلك وإن كانت المفاوضات تنتزع جديتها هذه المرة من مطلب دولي بنزع كل سلاح غير شرعي، فالعبرة كما يقول الرجل الذي التقيناه تبقى دائما في التنفيذ.
شاتيلا: سلاح فردي... وخوف جماعي
يبدو واضحاً إذا أن أمنيي المخيم لم يتلقوا حتى الآن طلباً بإجراء جردة لسلاحهم. ومع ذلك يقلل الرجل من أهمية هذا السلاح مؤكداً "أن ما هو متوفر بين أيدينا هو بعض سلاح فردي نستخدمه في حماية المراكز". شاكياً من كون هذا السلاح تحول إلى عبء على المعنيين بأمن المخيم، بعدما تفشى سلاح "البلطجية" و"الطفار" الذي يستدرج المشاكل، وآخرها قبل 15 يوماً فقط ما تسبب به خلاف بين تجار مخدرات من توتر أمني في المخيم.
يقول الرجل "نحن لا يمكننا أن نردع هذه الجرائم أو نوقف المتورطين بها، وإذا استخدمنا القوة قد نتحول إلى متهمين، لأنه لا صفة شرعية لسلاحنا، وبالتالي نزعه مع بسط سلطة الدولة بشكل حازم، ربما يقف رادعاً في وجه توسع نفوذ الخارجين على القانون في هذه المخيمات".
لا يتوسع الرجل في تحديد جنسية مفتعلي المشاكل بالمخيم، ولكنه يؤكد بأن المخيم لم يعد حكراً على اللجوء الفلسطيني أو اللبنانيين المقيمين فيه، لا بل تضاعفت أعداد النازحين السوريين في المرحلة الأخيرة. فينظر من حوله ليدلنا على الثياب المغسولة المتدلية من النوافذ والشرفات، معتبراً أن "هذه نزعة عند السوريين وليس الفلسطينيين، ولم نشهدها إلا مع تغلغل هؤلاء بأعداد كبيرة بيننا".
ما قاله الرجل يتطابق عمليا مع تعداد للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، نفذ بقرار من مجلس الوزراء، وبالشراكة والتعاون مع لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، وإدارة الاحصاء المركزي عام 2017. حيث ظهر التغير في التركيبة الديموغرافية بشكل كبير في معظم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان، ولا سيما في مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة. فحل السوريون بالمرتبة الأولى بنسبة 57.7 بالمئة مثلاً في مخيم شاتيلا، بمقابل 29.7 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين. بينما نسبة النازحين السوريين في برج البراجنة وصلت إلى 47.9 بالمئة وفقاً لهذا الإحصاء ولا تتجاوز نسبة الفلسطينيين الـ 44 بالمئة، مع تأكيد القيمين على مخيم برج البراجنة أن أرقام السوريين فيها باتت أعلى بكثير من هذه الاحصاءات.
مار الياس: جزيرة الأمن وسط بحر الفوضى
غادرنا مخيم شاتيلا بعد نصيحة تلقيناها بأن نستحصل على إذن مسبق للتجول فيه. وبالتالي لم يتسن لنا التحقق من صحة ما رواه أحدهم، عن أزمة تسبب بها الاكتظاظ السكاني داخل المخيم، بحيث لم يعد يفصل بين المباني المتجاورة سوى أزقة ضيقة، أحدها سماه أهل المخيم بـ"حي الصدمة"، نسبة لعدد الصدمات التي تعرض لها سالكون نتيجة لاحتكاك أسلاك الكهرباء تحت غزارة الأمطار.
إلى مخيم مار الياس توجهنا نزولاً عند نصيحة عناصر اللجنة الأمنية في مخيم شاتيلا، والذي يظهر كجزيرة منفصلة عن محيطه، حيث تعلو مبانٍ شاهقة في بقعة مطلة مباشرة على البحر، مع بعض أشجار اقتلعها البناء وتمدده نهائياً من المخيم.
تماما كما في مخيم شاتيلا، تحولت محاولة التقاطنا الصورة لهذا التناقض "شبهة"، قادتنا إلى الحاجز الأمني عند مدخل المخيم الذي يؤدي أيضاً وظيفة "كيوسك" لبيع القهوة. طلب لنا الرجل الإذن لندخل المخيم، وهذا ما قادنا إلى مقر اللجنة الأمنية مجدداً.
في المكتب جلس ثلاثة شبان باسترخاء تام، ومع أنهم أكدوا أن لا خلاف على تسليم أي سلاح للشرعية اللبنانية، بدا واضحاً أن السلاح المستخدم في حماية مقرات المخيم لن يكون من ضمن معادلة تسليم هذا السلاح.
تظهر حسن إدارة المخيم في هذه الناحية من العاصمة، كعنصر أساسي من عناصر صموده منذ العام 1952، وخصوصاً وسط ما يبديه القيمون عليه من حرص لعدم تسرب الفوضى والجريمة إليه. وبالتالي يجزم أيمن حسين، وهو مسؤول في حركة "فتح" أن "لا خارجين على القانون بيننا، وإذا حصل وارتكب أحدهم أي جريمة، فهو يسلم فوراً إلى الدولة".
على رغم تأكيده بأن أكثر من سبعين بالمئة من الفلسطينيين هم مع ضبط السلاح داخل المخيمات، لا يبدو حسين في حديثه لـ "نداء الوطن" مقتنعاً بأن أي خطوة عملية "لتنظيم" السلاح ستجري قريباً، أقله ليس قبل التوصل إلى تفاهمات نهائية حول تحسين الواقع الاجتماعي في المخيمات. كاشفاً عن "لقاءات متواصلة، لا تظهر تفاصيلها على الإعلام، يتم خلالها التشاور بالآليات. ولكن كله حتى الآن "حكي".
ويستغرب حسين في المقابل أن يفتح باب النقاش حول السلاح الفلسطيني ويولى أهمية ليظهر وكأنه مشكلة حقيقية، بينما الكل كما يقول "يعلم بأن السلاح في مخيمات بيروت ليس سوى لحماية المقرات". مشيراً إلى أن بعض هذا السلاح الفردي لا يزال يشكل ضمانة نفسية للاجئين الفلسطينيين، وخصوصا بعد الأحداث التي تعرضوا لها، خلال الحرب الأهلية في لبنان. وهو إذ يتوقع أن يحصل التعافي مع الانتقال من جيل إلى آخر، لكنه يعتبر أننا "لا نزال بحاجة لتطمينات إضافية، ولبناء الثقة، وهذه الثقة تبنى من خلال تحسين معيشة الفلسطينين والسماح لهم أقله بمزاولة بعض المهن، أو حتى بالتوسع العمودي في البناء إذا كان التوسع الأفقي غير مسموح".
ضغط سكاني في ظل قيود البناء
في جولة رافقنا بها أحد عناصر اللجنة الأمنية في المخيم، أخبرنا أنه في كل بيت بالمخيم يقيم ثلاث أو أربع عائلات. فالبناء ممنوع هنا، وكل ولد يتزوج يسكن غرفة، وتصبح له من بعدها عائلة. علماً أنه في المخيم 400 وحدة سكنية، ويبلغ عدد سكانه وفقاً لتعداد العام 2017 نحو الفي شخص.
لم يتبدل هذا التعداد كثيراً منذ العام 2017، نتيجة لحرص القيمين على المخيم على إبقائه بعيداً عن الاكتظاظ. وعليه لا تزال نسبة اللاجئين الفلسطينيين فيه أعلى من السوريين. مع سعي حثيث لتأمين الخدمات الصحية والتعليمية بشكل منتظم فيه، حتى في ظل تقليص تقديمات منظمة الأونروا، التي يأسف حسين لكون تمويل الأهداف التي نشأت لأجلها، ربطت بمقايضات على المستوى السياسي العالمي.
بين حدود ثلاث بلديات: مخيم شاتيلا بلا طرقات أو مقبرة
كما في مخيم شاتيلا تبدو الأسلاك المتدلية بين أزقة مخيم مار الياس الفاصلة بين البيوت والمؤسسات قاسماً مشتركاً أيضا في برج البراجنة، إلى حيث توجهنا ختاماً لجولتنا على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت.
في المخيم لم نشاهد سلاحاً ظاهراً. ما يشير إلى التزام ضمني بقرار ضبط المظاهر المسلحة داخل الجيوب المكتظة. لكن غياب السلاح الظاهر لا يعني بالضرورة حضور الدولة. لا بل الشعور السائد لدى معظم السكان هو أن الدولة اللبنانية لا تدخل إلى هذه المناطق إلا بالاسم، وأن السلطات تتعاطى مع المخيمات كمساحات خارجة عن اختصاصها التنفيذي. وهذا ما يبقي الأبواب مشرعة أمام تجار المخدرات أو السلاح. ومع أن هؤلاء معروفون بالأسماء، فإنه نادرا ما تجري مداهمتهم أو التحقيق معهم، بحجّة أن السلاح الفلسطيني يحميهم"، فيما يؤكد عمر الأحمد أن "هذا السلاح ليس موجوداً لحماية أي مرتكب". ويبرأيه أن الدولة "إذا كانت جادة يمكنها توقيفهم على باب المخيم".
من أمام فرن شميس في سط برج البراجنة يبدو مشهد الفوضى متداخلاً بين مخيم اللاجئين الفلسطينيين والشوارع المحيطة به. وما يزيد في الطين بلة مشهد الدمار الذي خلفه العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان.
دخلنا المخيم من تحت لافتة ارتفعت فوق غرفة جلس فيها شبان بعضهم حافي القدمين. ولكن الإطلالة الأولى على الشارع الرئيسي كانت كافية حتى يتسلل القلق إلينا حتى لو لم نصادف السلاح. يخضع هذا الشارع الوحيد في المخيم والذي ينتهي على طريق المطار، مع تفرعاته التي لا يمكن اجتيازها بسيارة، لصلاحيات ثلاث بلديات، هي الغبيري، برج البراجنة، وحارة حريك. ولكن حتى عبور هذا الشارع بسيارة، يبدو شاقاً، لما يفرضه من تزاحم مع الدراجات النارية والمشاة، والذين يحتلون كل مساحاته، بحيث يصعب حتى إيجاد فسحة لركن السيارة. لينسحب مشهد الازدحام الكبير على مقبرة المخيم التي لم تعد تتسع على ما يبدو لمزيد من المتوفين.
تعرض هذا المخيم لأحداث عديدة لا زال بعضها ماثلا للعيان: فإلى جانب حرب المخيمات بين عامي 1985 و1988، نال المخيم نصيبه أيضاً خلال عدوان تموز 2006، وبين عدواني إسرائيل بعد التحرير، شهد المخيم أيضاً خلافات وقعت بين فصائله، تطورت عدة مرات لاشتباكات مسلحة.
ولكن المخيم وفقاً لما يقوله أهله "مشموس" بمشاكل جواره. شارحين مثلاً أنه مؤخراً وقع خلاف في حي "الجورة" فتوجهت الأصابع فوراً إلى الفلسطينيين، مع أن الحي ليس تابعاً للمخيم.
النزوح السوري يضاعف التحديات
مع أن مشهد البؤس الذي يطغى على شارع المخيم الأساسي يبدو جزءاً من مشهد عام يسيطر على أحياء برج البراجنة الداخلية، فإن ما يفاقم الواقع سوءاً، هو حال طرقاتها التي يبدو جلياً أنها لم تشم رائحة الزفت منذ النكبة الفلسطينية.
يسيطر البؤس أيضاً على أهل المخيم، الذين يعتاش معظمهم من تحويلات مالية تصلهم إما من الأقارب، أو رواتب من منظمة التحرير، أو يعملون في الأونروا، مع أغلبية من اليد العاملة الرخيصة.
يتقاسم أبناء المخيم قوتهم مع أعداد كبيرة من النازحين الذين دخلوا خلسة إلى لبنان، ووجدوا ملاذهم الآمن فيه. وفيما كان فلسطينيو برج البراجنة يأملون بأن تباشر السلطة بتطبيق قراراتها بتأمين عودة آمنة للسوريين إلى بلادهم، "حتى نتنفس"، إذا "بفوج يودع وفوج آخر يستقبل" كما يقول أحدهم.
وعليه لا يوافق الأحمد على تعداد العام 2017 للنازحين السوريين، والمقيمين في المخيم، مؤكداً أن المخيم مشغول حالياً من ستين ألف نسمة، أربعين ألفاً منهم هم من النازحين السوريين.
لم يواكب هذا التوسع السكاني طبعا أي تطوير في البنية التحتية، وعلى رأسها شبكة الكهرباء، التي لا تتأمن في بعض نواحي المخيم سوى لساعات محدودة. هذا في وقت تهمل الدولة جباية حقوقها من المخيمات، وأبرزها فاتورة الكهرباء، بذريعة عدم إصدار فواتير شرعية لإقامة غير شرعية. فيقول الأحمد "نحن نريد أن ندفع للدولة، لكنها لا تطالبنا أصلاً".
"السلاح مقابل الدولة": معادلة جديدة أم وهم سياسي؟
قد لا تشكل إذاً مخيمات بيروت مختبراً لمدى قدرة الدولة على تطبيق خطتها الأمنية في نزع السلاح، بقدر ما هي مختبر لقدرتها على بسط هيبتها بالتزامن مع هذه الخطة، وبالتالي لإخضاع جميع المخيمات للقانون اللبناني، وتأمين الحقوق وفرض الواجبات في آن. وهو ما يسمح بإقران معادلة "السلاح مقابل الحقوق" بمعادلة "السلاح مقابل الدولة".
هذا في وقت لا يعكس "تكبير الحجر" في جعل مخيمات بيروت باكورة نزع السلاح الفلسطيني من داخل كل المخيمات، صورة حقيقية عن قدرة الدولة على فرض سيطرتها على ما هو خارجها فعلاً. خصوصا أن معظم الفصائل في هذه المخيمات تتبع للسلطة الرسمية التي يفاوض باسمها الرئيس محمود عباس. بينما "الشطارة" برأي عمر الأحمد، ليست في نزع السلاح غير الظاهر في بيروت، بل في التعامل مع سلاح الفصائل المتنوعة الموجود بوضوح في سائر المخيمات، حتى تلك التي تسيطر عليها منظمة التحرير، مثل الرشيدية والبص والبرج الشمالي.