المصدر: نداء الوطن
الكاتب: اسعد بشارة
الجمعة 13 حزيران 2025 07:43:16
تتضافر جهود أكثر من جهة لتعطيل مسار بسط سلطة الدولة اللبنانية على المخيّمات الفلسطينية، بدءاً بمخيّمات بيروت، وتحديداً مخيّم مار الياس. الموعد الذي تمّ تحديده نظرياً في 16 الجاري أصبح لاغياً، فيما يتعرّض تحديد الموعد الجديد لمحاولات تمييع واضحة.
في مواجهة هذا الواقع، يبرز فريقان صادقان في السعي لتحقيق الهدف: الدولة اللبنانية، ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، من جهة، والسلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، من جهة ثانية. أما باقي الجهات، فحدّث ولا حرج.
تسخّر قوى الممانعة كلّ طاقاتها لإجهاض القرار السيادي ببسط سلطة الدولة على المخيّمات. والأغرب أن يتصدّر الرئيس نبيه بري هذا المشهد. فلم يتردّد في نصح رئيس الجمهورية بعدم المضيّ في هذا الملف، معتبراً أنه قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية. هذه النصيحة ليست الأولى من نوعها؛ إذ سبق لبري أن أسداها إلى الرئيس عباس نفسه، خلال لقاء جمعهما، ولهذا اللقاء تتمة في تفاصيل لاحقة.
من جهتها، دخلت حركة "حماس" بثقلها على خط التعطيل، محرّضة جهات فلسطينية كان يُفترض بها أن تقف إلى جانب مشروع تنظيم المخيّمات لا ضده. أما على الأرض، فاجتماعات ولقاءات وتحريض وتخويف، يواكبها سيل من الحملات المجهولة النسب على وسائل التواصل، كلّها تهدف إلى تأليب الرأي العام ضد القرار.
قوى الممانعة لا تريد أن تخسر ورقة المخيّمات، وتصرّ على إبقائها فزّاعة تُشهرها في وجه أي مشروع سيادي لبناني. وحده الرئيس محمود عباس، ومعه التراتبية الأمنية والسياسية للسلطة الوطنية الفلسطينية، يدرك تماماً معنى إخراج الورقة الفلسطينية من لعبة الابتزاز الإقليمي.
وحدها الدولة اللبنانية الجديدة، إذا ما امتلكت القرار، قادرة على طمأنة الفلسطينيين والتعامل معهم بما يحفظ كرامتهم وأمنهم، ويكرّس شراكة مسؤولة تقوم على احترام القانون وسيادة الدولة.
لكنّ هناك متضرراً كبيراً. هناك مشروع لا يريد إنهاء فوضى السلاح ولا سحب الغطاء عن الفصائل الخارجة عن القانون. مشروع يعيش على المتاجرة بالمخيّمات، ولا يريد إلّا إبقاء رايات "عصبة الأنصار" وشقيقاتها مرفوعة فوق أنف المخيّمات وساكنيها، بدلاً من راية القانون والدولة والكرامة.