المشاركة الرسمية في تشييع نصرالله دونها تحديات... هل من يُحضِر لإعادة ترتيب أوراق المحور؟

قبل 24 ساعة من موعد اختتام أعمال مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك اليوم، طُرِحَ موضوع المشاركة في تشييع الأمينَين العامّين السابقين لحزب الله، حسن نصرالله وهاشم صفيّ الدين يوم الأحد المقبل. وتقرر بعد مداولات عديدة عدم المشاركة الرسميّة في التشييع، بحيث لن يحضر أيٌّ من رؤساء الكنائس الكاثوليكيّة أو من يمثّلهم.

وفي وقت أعلن الحزب التقدمي الإشتراكي مشاركته عبر ممثلين عنه وامتنع تيار المستقبل "لاعتبارات سياسية" لا تزال مسألة المشاركة الرسمية بعد توجيه حزب الله دعوات إلى الرؤساء الثلاثة للمشاركة غير معلنة وقد تبقى طي الكتمان حتى موعد التشييع. لكن المؤشرات حتى اللحظة تتجه نحو مشاركة الرئيس نبيه بري بحيث يكون حضوره بصفة ممثل عن الرؤساء الثلاثة .وفي ما خص مشاركة الشخصيات السياسية المسيحية فلم تحسم أيضاً بعد ولم يتقرّر ما إذا كانت هذه  المشاركة ستكون على المستوى الشخصي أو عبر ممثلين من الدرجة الثانية أو الثالثة أو لا مشاركة!

اللافت في الأمر أن التمثيل الشعبي الذي يريد منه حزب الله أن يكون على مستوى "الحدث التاريخي" سيضم بحسب اللجنة المنظمة في الحزب حوالى 79 دولة من كل أرجاء العالم بين مشاركات شعبية ورسمية. وهو للغاية تولى إحضار حشود من العراق والحوثيين من اليمن مما أثار جوا من الغضب لدى اللبنانيين الذين اعتبروا المناسبة فرصة لتسلل إرهابيين إلى لبنان.

وتداول ناشطون من اليمن معلومات عن مغادرة "مجموعة من قيادات ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران صنعاء متوجهة نحو بيروت للمشاركة في جنازة حسن نصرالله" . تضيف المعلومات "أن تحركات هذه القيادات الإرهابية المرتبطة بشكل وثيق بموجة الهجمات الإرهابية على السفن التجارية وناقلات النفط في هذا التوقيت، ليست لمجرد اعتبارات إجتماعية وواجب تعزية، إنما يُراد منها غطاء لتجميع قيادات المحور الإيراني وتقييم الوضع بعد الضربات التي تلقاها وإعادة ترتيب أوراقه مع تهديد الأمن والإستقرار في الداخل اللبناني".

بناء عليه "طالب مسؤولون في حكومة اليمن الحكومة اللبنانية بضبط قيادات ميليشيا الحوثي الإرهابية المتورطة في جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، والمصنّفة في عدد من الدول ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية ، جماعة إرهابية، وتسليمهم للحكومة اليمنية وعدم السماح بأن يكون لبنان ملاذاً آمناً لقيادات هذه الميليشيا الإجرامية وفقا للقرارات الدولية".

الباحث في الشؤون الجيو- سياسية زياد الصائغ يعتبر "أن التماسّ القائم بين تشييع السيد حسن نصرالله مع السيد هاشم صفي الدين، وفكرة تعميم اللادولة التي انتهجها حزب الله على مدى الأربعين عاماً الماضية، جعل الإلتباس قاسيا في مسألة قبول الدعوة إلى المشاركة أو عدمها، خصوصا في لحظة وطنية دقيقة. ناهيك عن إعادة تشكُّل للمشهد الجيو- سياسي الإقليمي والدولي القائم على وضع حدّ للقوى غير الدولتية، التي صادرت الشرعيات من اليمن مروراً بالعراق فسوريا ولبنان، بأجندة إيرانية لا تأخذ في الإعتبار دساتير وسيادة هذه الدول".

ويتابع" إلى ذلك، هناك الإرتباك الذي ما زال يفرضه الإحتلال الإسرائيلي على لبنان، مع تحديات استدامة تطبيق القرار 1701 من دون تجزئة أو انتِقاص. كل هذا يضع التشييع في مربّع الرمزية السياسية، أكثر منه في إطار وداعٍ وجداني".

بالتوازي، يسأل الصائغ" هل سيبقى التشييع محدوداً بالتعبير السوسيولوجي، أم سيشكل رافعة لمزيد من الإشتباك اللبناني-اللبناني، فاللبناني -الإقليمي-الدولي، هذا إذا لم تتولى الدولة توسيع مروحة هيبتها لتفادي استغلالات خبيثة، وقد شهدنا أمثلة لها على طريق المطار، لا بل حتى داخل مطار بيروت الدولي نفسه، مع تسعير السجالات على مواقع التواصل الإجتماعي كما وسائل الإعلام".

وإذ يعتبر الصائغ أن "أي مشاركة مدنية الطابع وسلمية في التشييع يجب أن تحترم سيادة الدولة اللبنانية والقوانين المرعية الإجراء، والسلم الأهلي، أياً كانت الوفود المشاركة، إلا أن هذه المشاركة تبقى بضبط سقوفها محكومةً بتَنبُّه الدولة لأمنها القومي وسياستها الخارجية".

ويتابع مستغرباً "حتى الساعة لم أفهم حجم التعبئة ضد الدولة والشعب اللبناني غير المهادن لسياسة حزب الله الإنقلابية على الدولة، والتي بلغت حدّ التخوين والتهديد، بما يناقض مشهدية توجيه الدّعوات، وهذا يستدعي التحذير من مرحلةٍ خطيرة قد تُعَدُّ للبنان في الأسابيع والأشهر المقبلة، مع موجب تكثيف الجهود الديبلوماسية اللبنانية للضغط باتجاه انسحاب إسرائيلي بالكامل من الأراضي اللبنانية من ناحية، كما تكثيفاً للأمن الوقائي الإستباقي تفادياً لتهديد الإستقرارالوطني، والسلم الأهالي من أجل أجندة إيرانية من ناحية أخرى".

وعن المشاركات الدينية والرسمية يختم الصائغ بصرامة"ما المعايير، وفي فمي ماء!".