المعارضة تصوّب النقاش: الأولويّة للرئيس وليست الحوار

ينسحب الوقت القاتل الذي يعيش تحت وطأته لبنان واللبنانيون على وقع عقارب ساعة "حزب الله" وتوقيته غير المعلن لاستهداف إسرائيل رداً على اغتيالها القيادي في الحزب فؤاد شكر، وينسحب ذلك على كل المشهد السياسي الداخلي وأي مبادرات أو تحركات من شأنها أن تخرق الجمود المسيطر على الاستحقاقات المأزومة، ولا سيما استحقاق انتخاب رئيس جديد وإعادة تكوين سلطة تنفيذية فاعلة قادرة على مواجهة تحديات الحرب والمواجهة.

نحو ٩٠ نائباً ينتمون إلى كتل مختلفة في الممانعة أو المعارضة، أو من المستقلين أو ما يُعرف بالتغييريين، شملتهم اللقاءات والمناقشات، وانتهت إلى مجموعة خلاصات، القاسم المشترك الوحيد في ما بينها حمل دلالات مهمة جداً لمسها كل نواب المجلس، وتتمثل في حقيقة أن ثنائي "حزب الله"-"أمل" لا يرغب في إجراء انتخابات رئاسية حالياً. وكان واضحاً هذا التوجه من رفض كتلتي الثنائي لقاء وفد المعارضة، ولو شكلياً. بالعكس كان تسويق الرد على طرح لم يطرح أساساً بأن توجه المعارضة إلى إعداد عريضة نيابية تحمل ٦٥ توقيعاً سيقابل بردّ من الثنائي بالاستحصال على ٨٦ توقيعاً! وكان هذا التسويق لطرح لم يُناقش أو يُعتمد، على ما تقول الأوساط النيابية المعارضة، كافياً لإسقاط أي فكرة في مهدها، قد يكون نواب داخل المعارضة فكّروا بها أو شعروا بحسن نيّة بأنها يمكن أن تشكل نواة لفتح المجلس أمام جلسة انتخاب لا تفقد نصابها بعد الدورة الأولى.

لا يندرج طرح توقيع عريضة نيابية على جدول أعمال القوى المعارضة، لإدراكها بأن مثل هذه العريضة لن تؤدّي جدواها في الوصول إلى دفع رئيس المجلس إلى فتح أبواب ساحة النجمة. قد تؤدي فقط إلى كشف جدية النيّات وصدقيّتها بين من يسعى حقاً إلى انتخاب رئيس وبين من يعطل ذلك، ولكنّ النتائج لن تتعدّى تسجيل نقطة لمصلحة المعارضة في مرمى قوى الممانعة، أقله أمام الخارج الذي يراقب ويرصد المشهد الداخلي ويرسل سفراءه إلى حمل الرسائل الضاغطة في اتجاه إنجاز الاستحقاق، فضلاً عن تجنب الانزلاق إلى الحرب الواسعة.

لا تعطي المعارضة أهمية قصوى لعريضة نيابية غير مؤكدة النتائج، بل تركز على هدف آخر، يشكل في رأيها النقطة الأهم في أي تحرك مجدٍ، وهو منع حرف النقاش عن آلية انتخاب الرئيس ونقله إلى طرح طاولة حوار كما حصل في الأشهر الماضية. فالهدف يجب أن يكون جلسة الانتخاب، والحوار حولها لا يحتاج إلى طاولة مستديرة تنشغل القوى السياسية بها وبمن سيترأسها وغيرها من الأمور الملهاة، بل يمكن أن تجري مفاوضات ومشاورات جانبية تؤدي إلى تحالفات وتفاهمات سياسية تنزل على أساسها الكتل النيابية إلى المجلس وتخوض عملية الانتخاب. وهذا في رأي المعارضة يجب أن يشكل الأولوية لكل التحرك في المرحلة المقبلة.

وتقول الأوساط المعارضة إنها لمست هذا التوجه أيضاً لدى ديبلوماسيين كثر كانوا يكررون السؤال عن سبب انتقال البحث من انتخاب رئيس إلى طاولة حوار لانتخاب رئيس فيما الموقع الدستوري الوحيد لإتمام هذه العملية هو المجلس. من هنا، برزت تساؤلات عن جدوى الجلوس إلى طاولة مستديرة، وهل ستطرح جدياً أسماء مرشحين أم لا، أم ستطرح آلية جدية للانتخاب أم ستكون حلقة جديدة من حلقات إضاعة الوقت في انتظار التسوية الكبرى، التي حتى الآن، لا يبدو أنها ستتم على البارد.

من هنا، تكشف الأوساط المعارضة أن تحركها المقبل سيكون استكمالاً لنتائج النقاشات التي أجرتها مع غالبية الكتل والنواب باستثناء كتلتي الحزب وحركة "أمل" وبعض النواب الذين يدورون في فلكهما، انطلاقاً من النقاط التي تم تحقيق تقدم أو تجاوب حولها من بعض الكتل، حيث توزعت الآراء بين من طلب الذهاب أبعد في مسألة آلية انتخاب الرئيس، ومن طلب إدخال تعديلات على خريطة الطريق المطروحة، فيما كان شبه إجماع على أن لا نية أو رغبة فعلية لدى الثنائي في إجراء الانتخاب، ما يجعل أي تحرك غير ذي جدوى.

وفيما أكدت الأوساط أنها في صدد طلب مواعيد جديدة لاستكمال النقاش، رفضت الكشف عن أي خطوات مستقبلية ستلجأ إليها قبل أن تكون وضعتها موضع التنفيذ، لكنها أردفت قائلة: إن التصعيد ليس خارج جدول الأعمال!