المُعاقَبون أوروبياً هُم أوّل ضحايا التسوية الكبرى... "النّصيحة ببلاش"!

كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":

بعد تنبيهات كثيرة، يبدو أن مسار العقوبات الأوروبية على مسؤولين لبنانيين نضج، وهو ما يدلّ على نضوج الغضب الفرنسي عليهم، تحديداً.

عقوبات

فلودريان كشف أمس عن توافُق داخل الإتحاد الأوروبي على وضع إطار قانوني لفرض عقوبات على زعماء لبنانيين، قبل نهاية تموز، بما يسبق الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت (4 آب الفائت)، تضع آلية للضّغط عليهم من أجل تشكيل حكومة مستقرّة، وبَدْء الإصلاحات.

وأعاد لودريان التذكير بأن "لبنان في حالة تدمير ذاتي". ومن جهته، أعلن مفوّض الشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عن أن وزراء خارجية دول الإتحاد أعطوا الضوء الأخضر، خلال اجتماعهم في بروكسل، من أجل وضع إطار قانوني لاتّخاذ تدابير ضدّ قادة في لبنان دفعوا بلادهم إلى الانهيار الإقتصادي. وأوضح أن الهدف هو إنجاز هذا الأمر بحلول نهاية الشهر الجاري.

بحدّ أدنى

فهل يُمكن لأوروبا أن تنجح في عقوباتها، بلا تنسيق سياسي أكبر مع روسيا، ودون مُطالبتها الإدارة الأميركية الحاليّة باسترجاع سياسة الضّغط الأقصى التي كانت مُتَّبَعَة العام الفائت، ولو بحدّ أدنى؟

أوضح الخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر أن "لا تأثير عملياً للتنسيق الأوروبي مع الروس، في إطار الأبعاد الإقتصادية والمالية للعقوبات على المسؤولين الفاسدين في لبنان، على مستوى تجميد حساباتهم مثلاً، نظراً الى ضُعف فاعلية النّظام المالي الروسي في هذا الإطار".

وأكد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "أهميّة التنسيق مع روسيا تبرز عند الاضطّرار الى التوجُّه نحو مجلس الأمن، والى صدور قرار عنه في الملف اللبناني، منعاً للاصطدام بالـ "فيتو" الروسي، وذلك تماماً كما نُسِّقَ مع موسكو في شأن المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان، في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري".

ضغط كبير

وشدّد نادر على أن "التنسيق مع الطرف الأميركي ضروري، انطلاقاً من أن واشنطن قادرة على أن تراقب حركة الأموال عالمياً، بشكل دقيق جدّاً. ولا عملية مالية يُمكنها أن تفلت من المراقبة الأميركية. وإذا تمّ التنسيق مع الطرف الأميركي، فمن المؤكَّد أن العقوبات الأوروبية ستكون أكثر فاعلية".

ودعا الى "عَدَم الاستهانة بفاعلية العقوبات الأوروبية، لأن كثيراً من السياسيين اللبنانيين يمتلكون حسابات في أوروبا، بالإضافة الى أملاك، وهو ما يعني أن مُعاقبتهم بها سيشكّل عامل ضغط كبير".

"بلوك"

وأكد نادر أن "الأهمّ سيظهر في مرحلة ما بعد فرض العقوبات الأوروبية، وهو أن مقاربة المجتمع الدولي للأزمة اللبنانية صارت مُوحَّدَة، وما عاد يُمكن للمنظومة المُعاقَبَة في لبنان أن تستفيد من أي تمايُز داخل المقاربة الغربيّة للملف اللبناني، لأنه (التمايُز) لن يعود موجوداً. وبالتالي، ستواجه تلك المنظومة المجتمع الدولي كـ "بلوك" واحد".

وأضاف:"كما أن مجالات تخويف دول العالم من مزيد من التصلُّب لدى المُعاقَبين مستقبلاً، ومن اتّجاههم الى الحضن الإيراني أكثر، ستضيق. والسبب في ذلك هو أن التسوية بين المجتمع الدولي وإيران ستحصل حتماً في يوم من الأيام، وسيدفع ثمنها كل الحلفاء الصّغار في المنطقة، وسيبقون خارجها، ولن يكونوا أكثر من "فرق عملة" على هامش الإتّفاقات الكبرى".

رسم حدود

ورأى نادر أن "العودة الأميركية الى سياسة الضّغوط القصوى قد تقطع الطريق على أي تفاهُم مع إيران. وبالتالي، البحث عن اتّفاق أفضل من ذاك الذي وُقِّعَ في عام 2015، لا يُمكنه تَرْك المسؤولين الإيرانيين الكبار تحت الضّغط الأقصى".

وختم:"العقوبات ليست استراتيجيا بحدّ ذاتها، بل وسيلة. ولكن العمل على اتّفاق، لا بدّ له من رسم حدود لها (العقوبات)، منعاً لإنهاء فاعليّتها. فعندما تزيد عن حدّها، تقطع طريق التفاهُم. ولكنها تبقى وسيلة من الوسائل التي تشكّل عامل ضغط مهمّ، ولولاها، لما كانت إيران قبلت بالجلوس الى طاولة المفاوضات".