المقاربة الدولية لأزمات لبنان لم تتغير: المبادرات تستأنف من حيث انتهت!

تطرّق المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر منذ ايام في الذكرى الأولى للفراغ الرئاسي في لبنان، قائلاً "بعد مرور عام على انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، لا يزال لبنان بلا رئيس أو حكومة متمكنة". وتابع: فشل أعضاء البرلمان اللبناني المنقسم في انتخاب خليفة لعون، مع تقديم مصالحهم الشخصية على مصالح بلادهم، وحتى مع تهديد التوترات المتصاعدة على طول الحدود الجنوبية للبنان لاستقرار البلاد وتفاقم الأزمة الاقتصادية، فإنّ الشعب اللبناني لا يزال محروماً من القيادة في وقت بأمسّ الحاجة إليها. كما شدد ميلر على أنّ "الشلل السياسي الذي يعاني منه لبنان لا يخدم الشعب اللبناني"، داعياً النواب إلى "القيام بواجبهم وانتخاب رئيس يضع البلاد وجميع شعبها في المقام الأول، ويلتزم بتشكيل حكومة خالية من الفساد، وينفّذ الإصلاحات الاقتصادية الحاسمة – وأهمها الإصلاحات اللازمة لتأمين برنامج صندوق النقد الدولي، وهو السبيل الوحيد أمام البلاد للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية". وختم ميلر إفادته الصحافية قائلاً: الشعب اللبناني يستحقّ رئيساً يستطيع توحيد الأمة وتوجيه لبنان بأمان خلال التحديات الحالية.

ليس تفصيلا ان يكون الملف اللبناني تمكّن من اختراق كل التحديات الساخنة التي تفرض نفسها اليوم على اجندات العواصم الكبرى، ليحضر في صلب موقف اميركي. وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، فإن الوضع اللبناني يشغل بال المجتمع الدولي، من بوابة الجبهة الجنوبية نعم، لكن من ناحية انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي فيه، ايضا. اللقاءاتُ التي كانت تجريها الدوحة وباريس مع اعضاء الخماسي الدولي المتابِع الاستحقاق الرئاسي المعطّل، شهدت منذ انطلاق عملية طوفان الاقصى، شبه تجميد. لكن بحسب المصادر، فإن هذه الحركة ستستأنف، من حيث انتهت شكلا ومضمونا، وإن بوتيرة خفيفة في قابل الايام.

الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان يواصل بعيدا من الاضواء اتصالاته حول الرئاسة اللبنانية، كما ان الدوحة ليست بعيدة البتة من هذه القضية، ورغم دورها الكبير اليوم في محادثات تبادل الاسرى بين حماس وتل ابيب، الا ان خارجية قطر لم ولن تترك الملف اللبناني، بل هي تتابع في الكواليس، شؤونَه وشجونه، مِن مسألة قيادة الجيش والتمديد للقائد جوزيف عون، وصولا الى الاستحقاق الرئاسي.

وهنا، تلفت المصادر الى ان الموقف الدولي من الانتخابات لم يتبدّل قيد انملة، بل على العكس. فالخماسي لا يزال يدفع باتجاه رئيس توافقي وسطي لا يستفز احدا، يقود مسيرة الاصلاح الاقتصادي والسيادي في لبنان. وبحسب المصادر، فإن البيان الذي سيصدر عن مجلس الامن الدولي خلال ساعات، اثر مناقشته الدورية و"تقييمه"  للقرار 1701 ، سيثبت مرة جديدة، ان القراءة الدولية للوضع اللبناني وازماته وكيفية حلّها، على حالها ولم تتغير...

ووفق المصادر، الخارج مستعجل الانتخابات الرئاسية لانها مدخل الحلول للازمات وما اكثرها، من الفراغ الذي يتهدد المواقع الامنية الى الاوضاع الاقتصادية والمالية الهشّة، الا انه يعتبر ان لا بد للمعنيين في لبنان وعلى رأسهم رئيس المجلس، ان يدعو الى جلسة انتخابية، فيلاقيه الخارج.. لكن هل يفعلها الرئيس نبيه بري؟ ام ان الثنائي بات يفضّل تجميد كل شيء الى حين انتهاء الحرب على غزة؟