المصدر: الأخبار
الكاتب: فؤاد بزي
الثلاثاء 3 تشرين الأول 2023 07:58:22
المياه الجوفية في بيروت غير صالحة للشرب، وعمّا قريب لن تصلح حتى للاستعمال المنزلي بسبب ارتفاع نسبة الملوحة فيها، أو ما يُعرف بـ«تركيز المواد الصلبة الذائبة».
فبسبب الإفراط في سحب المياه مقابل انخفاض التغذية من الأمطار، تتسرّب مياه البحر نحو اليابسة وتختلط المياه المالحة بالآبار الجوفية الصالحة للشرب. وبحسب مراجعات قام بها الباحث في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور رامز الزيات ونشرها على صفحته على موقع «لينكد إن»، ارتفع مستوى المواد الصلبة الذائبة في بعض الآبار في منطقة بيروت وجبل لبنان 250 ضعفاً، وتعادل في مياه بعض الآبار الجوفية مع ماء البحر، فـ«وصل إلى نسبة مذهلة بلغت 37،500 ملغرام لكل ليتر، في حين أنه لا يجب أن تتجاوز عتبة 150 ملغراماً لكل ليتر في المياه الصالحة للشرب».
هذا المورد المائي تعرّض لاستنزاف أكبر من قدرته على التجدّد ولا سيّما مع السحب المبالغ به من المياه بالإضافة إلى التلوث الذي يتسرّب نحو الآبار الجوفية. ففي المناطق الساحلية، تشير الفحوصات إلى «غزو مياه البحر»، إذ ارتفعت بشكل صاروخي مستويات الملوحة والمعادن في المياه العذبة.
وتشير دراسات الزيات إلى أنّ مستويات المياه الجوفية انخفضت بشكل خطير، ودقّ ناقوس الإنذار ليس بالأمر الجديد، فمنذ حوالي 10 سنوات تخوّف عدد من الباحثين من تراجع كميات المياه الجوفية في المدن الساحلية اللبنانية بشكل عام. مياه البحر ترتفع في البئر 40 متراً مقابل كل متر تنخفض فيه المياه الجوفية العذبة، وخلال العقد الماضي تمّ تجاهل كل العلامات التحذيرية. أما الآن، فـ«الحاجة ماسّة إلى اتخاذ إجراءات بغية عكس مدّ البحر، والخيارات المقبلة صعبة»، بحسب الزيات.
وأضاف: «المياه الجوفية تحت الحصار، وقد يكون الخيار الوحيد هو تقييد استخدام هذا المورد المائي والاعتماد حصراً على المياه السطحية».
من جهته، وافق رئيس مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران على أن الخطر داهم للمياه الجوفية في المدينة، لكنه طمأن في الوقت نفسه إلى «عدم استفادة المصلحة من الآبار داخل المدينة، بل توجد مآخذ المياه التي تغذي العاصمة في القرى المحيطة بها»، مشدّداً على ضرورة «وقف الاستفادة من أيّ بئر ترتفع فيها نسبة الأملاح».
المياه الجوفية أساسية في حياة اللبنانيين، إذ تؤمّن أكثر من 50% من احتياجات السكان، وتشكّل شريان الحياة الأول. ولكن، بحسب دراسة الزيات، ساهمت شبكات الصرف الصحي المهترئة في وصول «ملوّثات بيولوجية» إلى الآبار مثل «بكتيريا المكوّرات البرازية والإشريكية القولونية Ecoli». كما أثّرت «الممارسات الزراعية السيئة»، بحسب وصف الدراسة، على نوعية المياه أيضاً، إذ يقوم المزارعون باستخدام الأسمدة التي تحتوي على النيترات بشكل مكثّف، كما المبيدات الحشرية غير القابلة للتفكّك طبيعياً، فتدخل بالتالي إلى التربة وتتسرّب إلى الآبار الجوفية.