المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 25 كانون الثاني 2022 16:01:27
في أول جلسة منذ 13 تشرين الأوّل الماضي، بعد انقطاع قسري فرضه ثنائي أمل-حزب الله، أقرّت الحكومة أمس مشروع موازنة 2021 برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والوزراء. وأعلن مجلس الوزراء عقد جلسات يومية لإقرار مشروع قانون موازنة 2022 وإحالته على مجلس النواب.
ففي حين يمرّ البلد في أحلك ظروفه وبحاجة اكثر من ضرورية إلى إصلاحات لإنقاذه، تعتبر الموازنة ترجمة محاسبية لخطة الحكومة وسياساتها على كلّ المستويات. أما المقارنة بين ما نصّت عليه الموازنة والتحديات المحلية، فيتبيّن أنها لا ترتقي إلى مستوى حاجات البلد.
وفي التفاصيل يفنّد مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر لـ"المركزية" خمس نقاط أساسية توضح المآخذ على الموازنة العامة:
"1- تنكّر أهل هذه الموازنة لها: لم تكد تخرج الموازنة حتّى تبرّأت منها جماعة أهل الحكم. فماذا يعني أن يكون "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحرّ" ضدّها وهم من وضعوها؟ وإن لم يعّدوها فمن فعل؟ هذه موازنة الحكومة أم جهة أخرى؟ أم أن هناك فريقاً آخر في الحكومة "فاتح على حسابو"؟
2- الموزانة ليست جزءاً من خطّة: هذه الموازنة غير منخرطة في خطّة اقتصادية والدليل أن خطّة التعافي غير موجودة، فالانقسام حولها لا يزال قائماً، ويدّعي أهل الحكم أنها لم تجهز وسيعلن عنها. كيف توضع موازنة قبل الخطّة؟ منطقياً تقرّ خطّة العمل وبعدها الموازنة. اما في لبنان فوضعت الميزانية ولا نزال في انتظار صدور الخطّة.
3- تنصّ الخطّة على هرطقات دستورية قانونية: تخربط في توزيع السلطات وفي تركيبة السلطة في لبنان وفي عملية شديدة الدّقة يطلق عليها اسم توازن السّلطات، وهي أساسية لمسألة الحوكمة ولضمان حسن سير الشؤون الاقتصادية. فكيف تعطى صلاحيات استثنائية لوزير، ويحقّ له تحديد سعر الصرف بشكل استنسابي؟
4- صندوق النقد الدولي: الحكومة تتّجه إلى صندوق النقد برقم ضخم للعجز نسبته 30% والبلد في أسوأ حالاته. عام 2018 كان لبنان يقف على أبواب الأزمة، وأخذت الحكومة تعهّداً في باريس بتخفيض العجز من 12% إلى 5% وهو المعيار المقبول دولياً كي يتمكّن البلد من القرع على باب صندوق النقد. كيف تتّجه الحكومة الحالية إلى الصندوق بهذا العجز؟ كيف تلجأ إليه بتعدّدية سعر الصرف؟ مع إعطاء صلاحيات استنسابية للوزير بتحديده؟ وكيف تنوي البحث مع الصندوق من دون أي إصلاح؟ فالموازنة لم تتضمّن أي إصلاح ولا نرى سوى زيادة رسوم.
إذاً مع غياب الإصلاحات التي تأتي ضمن الخطّة، وتعددية سعر الصرف، والعجز الهميوني، إلى أين تتجه الحكومة؟ كيف يمكنها الوقوف على باب الصندوق وفي حوزتها موازنة كهذه؟
5- الملاحظات على المصطلحات: تحتوي الموازنة على الكثير من اللعب على الكلام والخبث. الإدّعاء بأن ما من ضرائب غير صحيح، فهي غير موجودة بالمعنى التقليدي، لكن ارتفع عدد كبير من الرسوم ضعفين وثلاثة مثل الرسم الجمركي وعلى جواز السفر وعلى النقل... إذاً هذه الرسوم المقرّة بشكل هائل ستؤثّر على قدرة المواطن الشرائية الأمر الذي سيعمّق الركود. بالتالي في حالة ركود شبيهة بما يحصل في لبنان لا تُرفع الرسوم، بل نكون بحاجة إلى موازنة تستند إلى خطّة خلاّقة تخلق نقلة نوعية جديدة وتبني على الإصلاح كي تعيد إحياء الاقتصاد لا تعميق الركود".