النهار- ركائز تحضيريّة للمؤتمر العام لحزب الكتائب

كتب مجد بو مجاهد في النهار: 

يتحضّر حزب الكتائب لاتّخاذ خطوة ترشيقيّة الطابع وسط الفتور المستمرّ على مستوى مفاصل الحياة السياسية اللبنانية عموماً، مع قراءته أنّ من شأنها إضافة رذاذ من الحيوية فوق السكون القائم والتأكيد على الأسس الديموقراطية. ويتفرّغ الكتائبيون على امتداد الأيام المقبلة لاستكمال الأطر التنظيمية للحدث المنتظر على المستوى الداخلي، والمتمثل في انعقاد مؤتمره العام الـ32 الذي يستمرّ ثلاثة أيام بدءاً من الجمعة 3 شباط المقبل. وفي التفاصيل، تخصّص مناقشات اليوم الأول للسياسة والإدارة الحزبية مع تقويم المرحلة السابقة ووضع الخطوط العريضة على مستوى السنوات المقبلة. وينطلق المؤتمر الساعة 12 ظهراً في جلسة علنية قبل الانتقال بعد الظهر إلى الجلسات المغلقة التي تجمع المندوبين والممثلين عن الوحدات الحزبية. ويضيء في يومه الأول على الشؤون السياسية عبر خطاب موجّه إلى الرأي العام اللبناني. ثم يتمحور اليوم الثاني حول المسائل الادارية، مع الاشارة إلى اقتراحات محضّرة لناحية بعض التعديلات البسيطة في النظام العام التي ستُعرض في ختام يوم السبت. ويتحوّل مؤتمر الكتائب إلى هيئة ناخبة خلال اليوم الثالث حيث يُنتخب رئيس الحزب ونائب الرئيس الأول والثاني، إضافة إلى 16 عضواً من المكتب السياسي وهيئتين مستقلتين تتمثلان في اللجنة العليا للرقابة المالية ومجلس الشرف مع حيازتهما حقّ الرقابة على أعمال المكتب السياسي. وسينعقد المؤتمر في اليومين الأول والثاني في فندق بأدما قبل انتقاله الأحد إلى مقرّ الكتائب في الصيفي.

ويشار إلى انعقاد مؤتمر الكتائب العام حُكماً كلّ أربع سنوات استناداً إلى النظام العام الكتائبي، علماً أنه كان أقيم حديثاً في شباط 2019 بُعيد استحقاق الانتخابات النيابية يومذاك واستقاء بعض الملاحظات على خلفية تلك المرحلة وفق ما أرساه المؤتمر العام الـ31. وعلى مشارف بزوغ لحظة انطلاق المؤتمر الـ32، فإن معطيات "النهار" تشير إلى أنّ مداولاته ستتركّز خصوصاً على مقاربة الأوضاع العامة وعرض التطورات اللبنانية الكثيفة التي حصلت على مدى السنوات الماضية، بما يشمل الانتفاضة الشعبية وانفجار مرفأ بيروت وصولاً إلى الانتخابات النيابية والمراوحة الرئاسية الراهنة. ويُنتظر مشاركة 420 شخصاً يمثلون القواعد الحزبية في مختلف الوحدات، في الاقتراع لانتخابات الهرمية الكتائبية بما في ذلك الرئاسة ونيابة الرئاسة والمكتب السياسي واللجنة العليا للرقابة المالية ومجلس الشرف. وتنتهي مهلة تقديم الترشيحات في 31 كانون الثاني الجاري، علماً أنها لم يسبق أن اكتملت تاريخياً قبل اليومين الأخيرين من إقفال باب الترشّح. ولا يمكن الحديث عن صورة مرشحين كاملة حتى اللحظة، مع رهان كتائبي على أن تشمل المناصب على تنوّعها. وبعد انتخاب 16 عضواً جديداً يمثّلون المكتب السياسي، ينتقل هؤلاء الأعضاء بعد اجتماعهم إلى مرحلة انتخاب 6 أعضاء جدد (انتسبوا حديثاً إلى الكتائب) للانضمام إلى عضوية المكتب. وينظر الكتائب إلى خطوة مماثلة على أنها هادفة إلى إعطاء مزيد من الأدوار للمنتسبين الجدد ترشّحاً وحضوراً في المراكز المتقدمة عبر تمثيلهم في المؤتمر وإفساح المجال للراغبين منهم في الترشح إلى مناصب قيادية وعضوية المكتب السياسي. ويستقرّ عدد أعضاء المكتب على 22 عضواً.

أيّ ترجيحات يبنيها الكتائبيون على حدث انعقاد المؤتمر العام في المرحلة الراهنة التي تعيشها البلاد؟ تلفت أوساط رسميّة في الكتائب لـ"النهار" إلى ايجابية خطوة مماثلة وسط الصورة المظلمة التي يمرّ بها لبنان، ما يشير إلى حياة حزبية سليمة تحترم النظام وإلى عملية ديموقراطية غير ملحوظة كثيراً في لبنان راهناً. وتبرز بالنسبة إلى الكتائب أهمية تقويم المرحلة السابقة والانطلاق في خطاب مدعوم من القواعد الشعبية وتوحيد الرؤية إلى المرحلة المقبلة، في ظل أوضاع دقيقة تحتاج دراسة معمّقة باعتبار أن التصورات التي سيخرج بها المؤتمر في 6 شباط ستكون الأساس في بلورة استراتيجية على مدى السنوات المقبلة التي يبدو للكتائب أنها ستحدّد شكل لبنان. وتعود الأوساط إلى مرحلة المؤتمر العام الذي انعقد سنة 2019 وسط تنافس ديموقراطي شمل مراكز نائبي الرئيس وأعضاء المكتب السياسي. ولم تحسم النتيجة من الدورة الأولى ما استوجب الانتقال إلى الدورة الثانية في غياب الأكثرية المطلقة من الأصوات. ويقرأ المعنيون منافسة مرتقبة في الأيام المقبلة على عضوية المكتب السياسي ونيابة الرئاسة .وعُلم أن عدد المرشحين للمكتب السياسي تجاوز الـ 12 مرشحاً حتى صباح الأربعاء.

وتضيء الأوساط على أن المرحلة الماضية أعطت رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل حقّه بالنسبة إلى الرهانات السياسية التي اتخذها وتأييده للانتفاضة الشعبية وطريقة تقويم نتائج الانتخابات النيابية. وتقترب ولاية ثالثة منبثقة عن المؤتمر العام إذا لم تشهد الأيام المقبلة ترشيحات مقابلة، يحمل فيها مشعل الاستمرارية الكتائبية بعد ولاية ثانية شهدت فيها البلاد الكثير من الأزمات والمحطات الحزينة مع استشهاد الأمين العام نزار نجاريان على أثر انفجار مرفأ بيروت، ووفاة نائب الرئيس الثالث الدكتور كميل طويل بعد إصابته بجائحة "الكوفيد". وتنطلق صفحة مليئة بالتحديات تزامناً مع المؤتمر العام في شباط المقبل، ما يشمل الفراغ المؤسساتي الحاصل في البلاد وغياب اكتراث عدد من الأحزاب للتحديات الاقتصادية ورغبة المواطنين في إعادة خلط الأوراق على نطاق الحياة السياسية. ويعتزم الكتائب مقاربة العناوين المقبلة لبنانياً انطلاقاً ممّا يسعى الناس إليه واضطلاعه بدور بوصلة سياسية. وفي الاستنتاج العام، ينتظر الكتائب انعقاد مؤتمر يريده جامعاً في حضوره وضيوفه مع حضّه الأحزاب على اتخاذ خطوات مشابهة هدفها مشاركة القواعد في الحكم.