المصدر: الوكالة المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الخميس 26 أيلول 2024 15:49:28
حتى الآن لا شيء يعلو صوت قرع طبول الحرب على رغم الكلام عن هدنة تستمر 21 يوما. ماذا بعدها؟
في الظاهر ثمة جهود دولية ومفاوضات تجري في الأمم المتحدة بين دول القرار لتحقيق الهدنة التي وضعت شروطها بين فرنسا والولايات المتحدة. ويبدو أن كلام بري عن 24 ساعة فاصلة وحاسمة جاء بنتيجة الإتصالات الواسعة القائمة .
لكن على الأرض لا تزال الكلمة للميدان. فقد أصدر مكتب نتانياهو بيانا ينفي فيه التوصل إلى اتفاق وهو في طريقه إلى واشنطن. وعليه فإما أن يرفع من مستوى الضغط أو يرفض ربط هدنة لبنان بغزة. وهذا مؤشر واضح إلى حجم التعقيدات التي قد تنسف كل الجهود الديبلوماسية وتوصل إلى الحرب الشاملة والبدء بالعملية البرية لإنشاء حزام أمني يضمن أمن وسلامة المستوطنات الشمالية في إسرائيل.
إذا على وقع كل هذه الترددات يبدو السؤال عن إمكانية الوصول إلى حل ديبلوماسي مشروعا وفي حال تم التوافق على الهدنة لمدة 21 يوما هل ستكون على غرار جولات الهدنة في غزة؟ ماذا لو فشلت المفاوضات بين إسرائيل وحزب الله هل يكون الخيار في الذهاب إلى العملية البرية التي وافق عليها الكابينيت الإسرائيلي وكيف سيبدو شكل اجتياح لبنان لو حدث؟
الخبير العسكري والإستراتيجي العميد المتقاعد أندريه أبو معشر ينطلق من القاعدة التي تقول "بأن الهدنة يجب أن تشمل غزة وجنوب لبنان. وإذا ما كانت المقاربة صحيحة والتزم بها الطرفان أي إسرائيل وحزب الله فمن المفترض أن تتحقق. ويشير إلى أن الإطار الديبلوماسي في غزة يقوم على القرار 2735 الذي ينص على وقف فوري تام وكامل لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وإعادة رفات من قتلوا منهم، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في غزة، إضافة إلى الشروع في خطة لإعادة إعمار غزة . وكان يتم التوصل إلى الجهود الديبلوماسية وفقا لهذا القرار. أما في لبنان فالإلتزام سيكون بحسب القرار 1701 وقد يتم إدخال بعض التعديلات عليه".
تتحقق هدنة الـ21 يوما أو لا تتحقق؟ " النتائج رهن بنوايا الأطراف. لكن الواضح أن إسرائيل تحاول اللعب على التناقضات بمعنى أنها تعلن رغبتها وقف إطلاق النار إنما لا تلتزم بمسار فصل المسارات. في حين أن حزب الله يصر على دمج المسارات ويؤكد أنه لن يوقف عملياته العسكرية إلا في حال توقفت الحرب في غزة".
لغاية تاريخه أعلن حزب الله نيته البحث عن خيارات ديبلوماسية بحسب ما نقل عن بري إذ أعلن أن حزب الله ينطلق من قاعدة وقف إطلاق النار في لبنان وغزة معا، وهذا مطلبه منذ البدء. إلا أن هذا الأمر يضاعف من إشكالية المفاوضات ويُصعِّب الجهود الديبلوماسية يقول العميد بو معشر، وعليه يبدو أن التعثر في مسار المفاوضات لا يزال قائما. لكن يبقى منفذ واحد وهو يتوقف على قدرة الراعي الأميركي بفرض إرادته على إسرائيل بوقف العمليات العسكرية وإلا نكون أما واحد من السيناريوهات الثلاثة: إما أن نتانياهو يحاول التملص من القرار 2735 وعليه ذهب إلى التصعيد في لبنان لصرف الأنظار عن جهود التهدئة في غزة وتوجيهها نحو لبنان .أو أنه أراد توجيه الضربات لحزب الله قبل الموافقة على شروط الهدنة في غزة بهدف الإيحاء للرأي العام الإسرائيلي والدولي أنه تمكن من تحقيق إنجاز تاريخي يضمن أمن المستوطنات الشمالية لعقود طويلة.
يبقى الإحتمال الأكثر تشددا وهو توجيه ضربات على حزب الله بهدف الضغط عليه والقبول بحل ديبلوماسي وفصل الجبهات وإلا الذهاب إلى حرب شاملة عنوانها العملية البرية وإنشاء منطقة آمنة".
حتى اللحظة، يؤكد العميد أبو معشر أن الولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بالذهاب إلى الحرب الشاملة ولن تمنحها الضوء الأخضر، علما أن نتانياهو استدعى جنود الإحتياط ونال الموافقة من الكابينيت الإسرائيلي لشن عملية برية في الجنوب اللبناني. "لكن الثابت أنه يسعى إلى تحقيق إنجاز شخصي بحيث يمكن أن يحقق من خلال العملية البرية إنجازا يضمن أمن إسرائيل وسلامة شعبها لعقود وقد يحتاج لموجب من أجل الوصول إلى أهدافه وقد يكون ذلك من خلال ضرب القدرات النووية لإيران.
وعن حظوظ نجاح العملية البرية، يؤكد ابومعشر، أنها ستواجه الفشل الاستراتيجي كسابقاتها، كما وأنها ستبقى رهنا بقدرة حزب الله على إعادة ترميم توازن الرعب. لكن الأساس هو وجوب الركون إلى الحل الديبلوماسي كتوطئة لحل السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط بحيث تنتفي عندها إمكانية نشوب حروب كل عقد أو عقدين من الزمن. فالحل العادل للسلام الشامل لا يتحقق إلا بتنفيذ قرار حل الدولتين كما ورد في إعلان القمة العربية في بيروت"يختم أبو معشر.
في حروب سابقة في لبنان، اتبعت إسرائيل أساليب متعددة في عملياتها البرية، اعتمادا على الظروف المتغيرة للمعركة. مثلا في حرب 1982عبر آلاف الجنود، بمعية مئات الدبابات والمدرعات، الحدود بين لبنان وإسرائيل. وقد حصل الاجتياح بزخم كبير وتزامن مع قصف جوي وبحري ومدفعي مكثف، ومع تنفيذ إنزال بحري لجنود مشاة ومدرعات شمال مدينة صيدا.
عام 2006 كان التوغل البري محدودا وحذراً وبوتيرة بطيئة نسبيا مقارنة مع العام 1982، واقتصر على البلدات اللبنانية القريبة ومحيطها ضمن الشريط الحدودي، وبعمق لا يتعدى بضع كيلومترات داخل لبنان.
فهل يكون توغل الـ2024 ، إذا ما حصل، أقرب إلى توغل العام 2006 فيتضمن احتلال بلدات في الجنوب الواحدة تلو الأخرى، بدلا من شن اجتياح سريع وشامل على محاور رئيسية وبعمق أكبر داخل الأراضي اللبنانية وصولا إلى نهر الليطاني؟.