المصدر: النهار
الكاتب: أمیر دبیری مهر
الاثنين 16 كانون الاول 2024 07:48:03
تُمهّد التحولات المتسارعة في الشرق الأوسط، وآخرها سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، لتصعيد أكبر قد يشمل هجوماً أميركياً على المنشآت النووية الإيرانية.
من ناحية، قامت إسرائيل وغداة هروب بشار الأسد إلى روسيا، بتكثيف غاراتها الجوية على سوريا، وحتى إنها دفعت بجزء من قواتها إلى داخل الأراضي السورية، ومن ناحية أخرى، زعمت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وفريقه يدرسان توجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.
ويرى فريق ترامب أنه في ضوء أحداث العام الماضي ومقتل قادة "حماس" و"حزب الله" وسقوط حكم بشار الأسد، فإن موقع إيران ضعف وتراجع، وهذا يشكل فرصة سانحة لتوجيه ضربات لا تعوض للمنشآت النووية الإيرانية.
وخلال الأعوام المنصرمة، كانت إيران، التي تعول على وكلاء في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، تحذر من أن أي عمل عسكري يستهدف منشآتها النووية، سيواجه برد فعل عنيف لا يوصف، إذ اضطلع هذا التهديد حتى الآن بدور رادع، بيد أن التطورات الأخيرة للمنطقة، أوصلت أميركا على ما يبدو إلى الاستنتاج بأن الوقت المناسب لتبديد أهم مخاوف واشنطن قد حان.
ويمكن تحليل الموقف الذي اتخذه قبل أيام المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي حول التطورات السورية وتأكيده أن الوضع في سوريا لن يبقى بهذه الوتيرة، وأن المقاومة الإسلامية ستعود إلى سابق عهدها قوية وأن إيران لا تزال قوية كالسابق، ولن تسمح بتعزيز أميركا وإسرائيل موطئ قدم لهما في المنطقة، في إطار أن أميركا وفي منظور قائد الجمهورية الإسلامية، لا يجب أن تُصاب بسوء تقدير وأن تتخذ إجراء تعقبه تداعيات مدمرة.
وعلى مدى الأشهر الأخيرة، زاد حدثان من مخاوف أميركا وأوروبا من النشاطات النووية الإيرانية، الأول، احتمال تغيير العقيدة النووية الإيرانية من خلال اختبار وشيك للقنبلة الذرية، لا سيما بعد التراشق الصاروخي بين إيران وإسرائيل خلال الأشهر الستة الماضية، والثاني، قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي عبر عن القلق من امتلاك إيران 180 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، وأمهل إيران مدة 6 أشهر لتعود إلى التخصيب بنسبة 20 في المئة المتفق عليه في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي).
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل التداعيات الإقليمية والدولية لهجوم أميركي محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، والمرور عليه مرور الكرام.
يمكن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية أن يتسبب بتبعات واسعة. فمن جهة، قد يؤدي إجراء كهذا إلى خفض القدرات النووية الإيرانية، لكنه، من جهة أخرى، يمكن أن يزيد من التوترات العسكرية في المنطقة ويفضي إلى اندلاع حرب شاملة، لا سيما أن بعض القوى الاجتماعية في إيران، توجه منذ بضعة أشهر انتقادات لنظام الحكم لأنه لم ينفذ عملية الوعد الصادق رداً على العدوان الجوي الإسرائيلي على إيران، لذلك فإن هجوماً أميركياً يمكن أن يثير ردود فعل إيرانية عنيفة ويدفع طهران نحو تغيير عقيدتها النووية بشكل حتمي في مسعى للحصول على الأسلحة النووية.
عقبات وتحديات
لا ننسى أن الإدارة الأميركية، ومن أجل شن هجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، تواجه عقبات وتحديات عديدة، قد تفضي في النهاية إلى إلغاء تنفيذ هذه العملية، مثلما أن أميركا تراجعت في السابق مرات عدة عن القيام بعمل عسكري ضد إيران.
ويبدو أن الولايات المتحدة تعتزم كسب تعاون المجتمع الدولي من أجل القيام بأي إجراء، والتوصل إلى إجماع دولي يمكنها من احتواء آثاره السلبية. إن استخدام آلية الزناد وعودة الملف النووي الإيراني إلى الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، يندرجان ضمن هذه الإجراءات التي تتيح اتخاذ إجراءات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وإذا رأت إيران أن احتمالات هذا الهجوم عالية، فإنها ستضع خلال الأشهر المقبلة حتماً مجموعة من التدابير الديبلوماسية والعسكرية على جدول أعمالها.