المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الاثنين 28 تشرين الأول 2024 13:31:12
أمام الحرب وتداعياتها، والتهديدات بتمدد عنفها وانفلاش مساحتها، خرجت السياحة والصناعة وقبلهما الزراعة عن سكة الإنتاج، وإن بنسب متفاوتة. وبات المعنيون أمام أفق مسدود ومخيف، يحتاج إلى الكثير من التواصل والتعاضد، وتشارك الأفكار والرؤى السياسية والاقتصادية، ولاسيما أن الإطار الرسمي شبه مشلول بفعل الشغور وتصريف الأعمال، وتشتت المسؤوليات.
لذا، بادرت الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير، على وقع العدوان الإسرائيلي الوحشي وتداعياته الكارثية على مختلف المستويات الوطنية، إلى عقد لقاء تشاوري مع ممثلي الكتل النيابية وعدد من النواب المؤثرين تحت شعار "إنقاذا للبنان".
من بين الحاضرين كان رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين نقولا بو خاطر، الذي تحدث لـ"النهار" بالأرقام عن الوضع الاقتصادي الكارثي.
لبنان الذي يمر اليوم في واحد من "أحلك فصوله المصيرية"، قد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي فيه إلى 17 مليار دولار، إن توقفت الحرب وتم التوصل إلى حلول نهاية هذه السنة، وفق ما يقول بو خاطر لـ"النهار". أما في حال امتداد نيران الصراع لسنة أخرى، فإن الناتج قد ينخفض إلى 12 مليار دولار، أي أقل من ناتج غزة والضفة الغربية. وتاليا فإن التقديرات لإيرادات الموازنة لعام 2025 التي بنيت على ناتج محلي وهمي قيمته 27 مليارا، وقدرت بنحو 4,6 مليارات دولار، لا تأخذ في الاعتبار واقع الحرب، إذ إن "الإيرادات الفعلية ستكون جزءا بسيطا من هذه التقديرات". لذا يدعو إلى "تصحيح الخلل في هذه الموازنة تلافيا لعواقب وخيمة وتدهور إضافي لقيمة العملة الوطنية، والدخول في دوامة تضخمية، ووضع كل القطاع العام في دائرة الخطر الشديد بما يهدد وجوده واستمراريته".
وفي تفاصيل الأرقام، يوضح بو خاطر: "إذا استمرت الحرب سنة، فإن ميزان المدفوعات سيتفاقم سلبيا ليبلغ 5 مليارات دولار، وهو ما يشكل ضغطا على الليرة اللبنانية. أما بالنسبة إلى القطاعات الإنتاجية فحدث ولا حرج. السياحة انطفأت، والتجارة تكاد تكون مختنقة، بانخفاض يصل إلى 80%، فيما ستواصل الصادرات الصناعية التراجع حتى تصل إلى مليار دولار، بخسارة 70% لأحد الشرايين الاقتصادية والتوظيفية".
الأرقام وحدها لا تروي الحكاية كاملة. فالحقيقة الإنسانية أعمق وأكثر إيلاما. يقف لبنان اليوم مثقلا بأعباء أكثر من 1.2 مليون نازح لبناني. وإذا أضفنا إليهم اللاجئين الأجانب، فيصبح أكثر من نصف سكان البلاد بلا استقرار ولا مستقبل يحمل بصيص أمل. منذ بدء الحرب، دمرت مساحة 16 مليون متر مربع من الأراضي الزراعية من أشجار الزيتون المعمرة وغيرها الكثير، وأُجبر 46 ألف مزارع على ترك أراضيهم. والفقر الذي كان يحاصر 1.6 مليون لبناني، سيرتفع ليغرق أكثر من 3 ملايين نسمة في براثن الحرمان الشديد، ليدفع بأكثر من 60% من الشعب إلى هاوية الفقر المدقع. أما سوق العمل فستنهار تحت وطأة البطالة الجماعية، ناهيك بمعاناة المودعين، وأزمة القطاع المالي، واللائحة الرمادية وغيرها".
لذا، من الضروري إعادة تكوين البيت الداخلي بالتزامن مع المفاوضات الجارية لوقف الحرب. ويعتبر بو خاطر أن "انتخاب رئيس جديد، يشكل كما جاء في بيان قمة بكركي الجامع، الخطوة الأولى لإعادة تكوين السلطة، وإشارة قوية لكل المعنيين أن لبنان ليس دولة فاشلة، بل هو قادر على الاستمرارية وصون دستوره، وتطبيق القرارات الدولية، وإعادة البناء، وتزامنا، استكمال بناء المؤسسات للشروع في الإصلاحات الضرورية. المساران يؤديان معا إلى الهدف المنشود".
ويختم بو خاطر بدعوة النواب الى التكاتف وانتخاب رئيس وبناء دولة ذات سيادة مطلقة، وجيش وطني صلب، وعدالة مستقلة، واقتصاد شرعي، أسوة بالشعب اللبناني الذي فتح قلبه واستقبل إخوانه في البيوت والمدارس، وأرشد إلى الطريق نحو الوحدة الوطنية رغم كل الظروف.