الوفد الأميركي ينبِّه لبنان إلى ضرورة حجز موقعه في خريطة المنطقة قبل فوات الأوان

لا تنفصل زيارة وفد الخزانة الاميركي مع مجلس الامن القومي في البيت الابيض الى لبنان وفحوى النقاشات التي اجراها مع كبار المسؤولين اللبنانيين، والتي عكست تشدداً اميريكياً لافتاً، استنادا الى احد المشاركين، عن فحوى الموقف الاميركي الذي اعلنه الموفد الاميركي توم براك في مؤتمر الامن بالمنامة مطلع الشهر الحالي، ولو ان التعابير اختلفت بالشكل، بينما المضمون كان واحدا، مع معلومات اضافية عن وسائل وشرايين مستحدثة لتهريب الاموال الايرانية وغيرها الى حزب الله في لبنان.
 
وتكتسب زيارة الوفد المشترك المذكور، اهمية استثنائية، كونه يضم مسؤولين عن الخزانة الاميركية، وهم على اطلاع كامل على مجمل الملف المالي، وعلى خريطة سلوك عمليات تهريب الاموال للحزب والشركات والاشخاص الذين يشكلون واجهته، باعتبار المال يبقى العصب الاساس، لتمويل الحزب وحراكه المسلح واستمراريته، بعد ان بدل بعض اساليب وطرق ايصال هذه الاموال، بسبب تشديد الاجراءات الامنية والقضائية والادارية في المرافق العامة، وخروج سوريا من خريطة التحالف الايراني قبل عام. 
 
اما وجود اعضاء من مجلس الامن القومي في البيت الابيض مع الوفد، يعكس توجه الرئاسة الاميركية واهتمامها بالخريطة المستقبلية للمنطقة، انطلاقا من رؤية الرئيس دونالد ترامب، وموقع لبنان فيها، بعد تبدل موازين القوى السياسية والعسكرية العام الماضي، وضرورة انهاء الدولة اللبنانية لمتطلبات نزع سلاح حزب الله بالكامل، وتسريع خطى بسط سيطرتها على كل الاراضي اللبنانية، ما يسهل من وجهة نظر واشنطن ممارسة الضغوط لمباشرة سحب القوات الاسرائيلية من المناطق التي تحتلها في جنوب لبنان، والانتقال لحل المشاكل القائمة مع اسرائيل في وقت لاحق.
 
تزامنت زيارة الوفد الاميركي المشترك الى لبنان مع تصعيد ملحوظ بعمليات القصف الاسرائيلي لمواقع ومستودعات اسلحة للحزب، بعيدا عن الجنوب، وتكثيف عمليات اغتيال عناصر ومسؤولي الحزب، ما يؤشر بوضوح الى تصعيد سياسي وأمني لافت، على الدولة اللبنانية، لازالة اي التباس او تلكؤ في عملية نزع سلاح الحزب، بالرغم من كل التأكيدات التي ابداها المسؤولون اللبنانيون، بماحققه الجيش اللبناني من تقدم ملحوظ في تنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة وحدها بما فيها سلاح حزب االله.
 
الاهم في زيارة الوفد الاميركي المشترك هذه المرة، ليس بما جدده من مطالب وشروط لتسريع خطى نزع سلاح الحزب، وتحديد خروق تهريب الاسلحة والاموال، والتنبيه لما يجب ان يكون عليه موقع لبنان في خريطة المنطقة التي ترسم حالياً، بعد انضمام سوريا اليها، وانما ربط كل هذه الامور بما فيها انهاء الاحتلال الاسرائيلي وتسوية المشاكل مع اسرائيل وتمويل اعادة الاعمار والمساعدة بحل الازمة المالية والنهوض الاقتصادي للبنان بالمرحلة المقبلة، بنزع سلاح حزب الله بالكامل واخراج النفوذ الايراني من لبنان، وبالمختصر المفيد وضع جدول اي مفاوضات مقبلة مع اسرائيل.