"الى سامي الجميّل"... مقال بقلم ومن قلب راجح الخوري

في يوم رحيل الكاتب والصحافي راجح الخوري، نستذكر المقال الذي كتبه في "النهار" بتاريخ 15-06-2015 والذي جاء فيه:

 

إلى سامي الجميّل

إنها الولادة الثالثة للكتائب، الحزب الذي اختار ان يضع الوطن بعد الله وقبل العائلة ولم يتوانَ المغرضون في القول ما العائلة سوى بيت الجميّل، لكن هذا البيت المفعم بالشهداء اعتبر دائما انها العائلة اللبنانية على تنوعها.

ولدت الكتائب مع الرجل النظيف والمستقيم المؤسس الشيخ بيار ورفاقه، وولدت ثانية بعدما استعادها بيار الجميل الحفيد، ثم أمين الجميّل العنيد من الاسترهان السوري، الذي كان أمين قد رفضه رئيساً وجاء بعده من يسلّم أختام الحزب خلسة الى الإدارة السورية في عنجر، وها هي تولد مرة ثالثة من خلال وصفة واعدة تجمع بين أقصى طموح المستقبل متمثلاً برئيسها الجديد سامي الجميّل وأعرق تاريخها المتمثل بنائبه الأول جوزف أبو خليل [عموّ] الأيقونة الكتائبية الثمينة.

واذا كان محبو الرئيس أمين الجميّل يسمونه العنيد، فثمة من يسميه الآن الأمين، لأنه كما سلم الجمهورية أمانة كاملة يوم تولى الرئاسة، سلم الكتائب أمانة بعدما أعادها الى نصابها الوطني، ثم ان العملية الإنتخابية التي جرت في جو من الديموقراطية يجب ان تشّكل حافزاً في أمكنة كثيرة في مقدمها رئآسة الجمهورية المنسية، على هامش أوهام شخصية عصابية تستثمرها قوى تمعن في تفتيت هيبة الدولة وتدمير الجمهورية ومقامها الرئاسي.

عندما صعد سامي الجميّل الى ما سمّاه "شباب السماء في المدافن" ليقطع عهد عمره ودوره وقيادته الكتائبية، كان واضحاً تماماً ان هذا الشاب المتوثّب يحمل معه اليهم هوية او لنقل خلطة شخصية مميزة فيها شيء من طهرانية المؤسس وشيء من الرئيس بشير الجميّل الملهم وشيء من عناد الوالد، وكثير من التصميم المكنون على ان تكون له بصمات وان يُحدِث فارقاً: "هيا فتى الكتائب الى العمل".

منذ ايامه الجامعية الى عمله في التمثيل العام الى نشاطه الحزبي رسم سامي لنفسه شخصية لافتة، فلا معنى للحماسة من دون صدق وحماسته صادقة، ولا معنى لانتقاد الفساد في السلوك السياسي من دون نظافة، ونظافته جلية ويحب ان تبقى.

أقول لسامي الجميّل انك ستواجه إبتداء من اليوم مهمات عسيرة صعبة معقدة، يتقاطع فيها عليك الداخل الحزبي مشاغباً وما أكثر "البارازيت" ومحبي الجبنة من حولك، والخارج السياسي مخاصماً، ولتذكُر ان عليك ان تدفع صخرة سيزيف وان تسحقها، اولاً داخل الكتائب ثم خارجها كما لمحت في بيان ترشحك، لأنك تعرف ان الكتائب المستعادة من الإسترهان بعد نضال والدك واستشهاد عمك وأخيك، تحتاج الى ولادة جديدة ولا ولادة من دون آلام.

تقول: "إننا لن نصبح مثل الحياة السياسية لكننا سنجعلها مثلنا" وستجد الى جانبك شاباً تجاوز الثمانين هو جوزف ابو خليل، ولكن صدقني انك ستحتاج الى دهاء وسياسة ذات أنياب ومخالب !