المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
الثلاثاء 8 تشرين الأول 2024 16:29:53
لا يزال الجدال مفتوحًا حول صُحة استخدام الجيش الإسرائيليّ لقنابل تحتوي على اليورانيوم المنضّب وما يحمله هذا الأمر من تداعيات خطيرة على صحة المواطن اللبنانيّ. والغارات الإسرائيليّة الأخيرة خلال اليومين الماضيين على الضاحية الجنوبيّة، وتحديدًا في محيط طريق المطار والمريجة والحدت، خلّفت أضرارًا كبيرة وهائلة، وفتحت تساؤلات جديّة حول لجوء إسرائيل لاستخدام الأسلحة المُحرّمة دوليًا، ومن ضمنها القنابل التي تحتوي على مادة اليورانيوم المنضّب، وذلك نتيجة ضخامة الانفجارات التي ظهرت في المناطق المُستهدفة والتي شُبهت لانفجار مماثل لتفجير المرفأ عام 2020، إضافة إلى الدمار الهائل الذي تركته في الأرض، حيث مُسحت أحياءً كاملة عن الخريطة وأحدثت هذه الانفجارات هزات أرضية بسبب انشقاق الأرض بشكل كبير.
تداعيات خطيرة
وحذر مجلس نقابة الكيميائييّن في بيان له عن آثار استنشاق غبار القصف الذي تتعرض له الضاحية الجنوبيّة وجنوب لبنان والبقاع، والمناطق المُجاورة لهم، لافتًا إلى "إن حجم الدمار واختراق المباني والأرض لعشرات الأمتار دليل على استخدام القنابل التي تحتوي على اليورانيوم المنضّب (Depleted Uranium)، الذي يتمتّع بقوة خرق هائلة... كما أن غباره يتسبب بالكثير من الأمراض، خصوصاً عند استنشاقه". وطالب الدولة اللبنانيّة برفع دعوى لدى مجلس الأمن ضد الانتهاكات التي تُمارس على أرضنا. داعيًا المواطنين إلى عدم الاقتراب من المناطق التي تتعرض لهذا العدوان، والالتزام باللباس الواقي من الغبار ووضع الكمامات المختصة للمواد الكيميائيّة.
وتعليقًا على ما ذكر، أصدرت وزارة الصحة العامة بيانًا أوضحت فيه عن تواصلها مع الهيئة اللبنانيّة للطاقة الذريّة، وأكد مدير الهيئة، الدكتور بلال نصولي، أنه ما من أدلة على استخدام اليورانيوم المُنضّب، وأن بيانًا علميًا سيصدر عما قريب لتوضيح هذا الأمر. وأضاف: "إن الهيئة هي صاحبة الاختصاص والصلاحيّة في هذا الشأن، ويقوم بالتنسيق مع الجهات الرسميّة والدولية المعنيّة ليبنى على الشيء مقتضاه".
أدلة وعينات
في حديث خاص لـ"المدن"، أوضح نقيب الكيميائيين، جهاد عبود، "أن تحذير النقابة عُمّم بناءً على تأكيدات عن استخدام اليورانيوم، من خلال الكشف على محيط الاستهداف، ومن خلال نتائج التحاليل التي أجريت، وفحص العينات من المكان المستهدف". كما أن "هناك بعض العينات التي حُولت لخارج لبنان". وأكد لـ"المدن" "أن استخدام اليورانيوم يشكل خطورة كبيرة على صحة المواطنين، ويؤدي إلى أمراض سرطانية وإلى فشل في الكلى وأمراض أخرى، داعيًا الدولة اللبنانية إلى التحرك وتشكيل لجنة مختصة، للكشف على المكان".
أضرار غبار الدمار
وبهدف معرفة خطورة هذه المواد على صحة المواطن، في حال ثبت علميًا استخدامها في لبنان، شرح الدكتور المتخصص في الأمراض الصدرية والعناية الفائقة في الجامعة الأميركية صلاح زين الدين، أن أضرار استنشاق غبار القصف تتفاقم لأولئك الذين يعانون من أمراض صدرية، كالربو على سبيل المثال. لذلك، قد يحتاجون إلى أدوية أو إلى رعاية طبية.
من جهة أخرى، فإن المواطنين الذين يستنشقون هذا الغبار من الممكن أن يشعروا بعوارض جديدة فُجائية، كـ"ضيق النفس، أوجاع صدرية، حساسيّة...". ومع ابتعادهم عن هذه الأماكن سيشعرون بالراحة. أما خطورة هذا الأمر، وفقًا لكلام زين الدين، هو استمرار استنشاق الغبار لأشهر طويلة أو لسنوات، ما يعني احتمال التسبب بالأمراض ستكون عالية وجديّة في حال استمر هذا الغبار بالدخول إلى جسم الانسان لفترة طويلة من الزمن. ولفت زين الدين، إلى أنه من الصعب التوقع والتنبؤ حاليًا بالأمراض التي قد يعاني منها المواطنون خلال السنوات المقبلة، وذلك حتى يتم التعرف على الأسلحة التي استخدمت خلال القصف الإسرائيلي، وللتأكد فعلًا من استعمال مادة اليورانيوم المنضّب، وأيضًا بانتظار مراقبة مدة استمرار الحرب وتداعياتها على صحة المواطنين.
إذن، يبقى ضروريًا خصوصًا مع دخول المجموعات الصحافية للضاحية الجنوبية بشكل شبه دائم، إلى جانب أهالي المنطقة الذين يصرون على تفقد منازلهم وإخراج لوازمهم الضرورية بعد ليل عاصف من الغارات الإسرائيليّة على مناطقهم، الإلتزام بالأقنعة التي تحمي المواطن من هذه المواد الكيميائية الخطيرة، والابتعاد قدر الإمكان عن المناطق المُستهدفة وذلك تفاديًا للأمراض المميتة المتوقع تفشيها خلال السنوات المقبلة.