"اليونيفيل" على محك التجديد وغيابها يزيد العبء الأمني على لبنان

ظهرت تقارير متضاربة بشأن قرار الولايات المتحدة المحتمل بتجديد ولاية قوة الأمم المتحدة الموَقتة في لبنان (اليونيفيل). فبينما تُحيط التكهنات بمصير "اليونيفيل"، وهي قوة بالغة الأهمية لاستقرار لبنان، تشير بعض المصادر إلى أن إدارة ترامب تدرس عدم تمديد ولاية القوة، المقرر طرحها للتصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الأشهر المقبلة، بينما تُلمح مصادر أخرى إلى إمكانية إعادة النظر في القرار.

مع تزايد زخم المناقشات حول ميزانية الولايات المتحدة لعام 2025، يبقى مصير "اليونيفيل" معلقاً في الميزان. ويلفت العديد من الخبراء الأميركيين في الشأن اللبناني إلى احتمال خفض الولايات المتحدة تمويلها لـ "اليونيفيل" وبعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ولا يخفون مخاوفهم الكبيرة بشأن أمن لبنان واستقراره الجيوسياسي في المنطقة. فيما يجادل المنتقدون بأن "اليونيفيل" قد قصرت في كبح نفوذ "حزب الله" الذي تزايد بفعالية على طول الحدود مع إسرائيل. ويتفاقم هذا الانتقاد مع التحول الأميركي الأوسع نحو سياسة خارجية "أميركا أولاً" تُعطي الأولوية للقضايا المحلية مع احتمال إهمال الالتزامات الدولية الحاسمة.

ويرى خبراء عسكريون انه "بدون وجود "اليونيفيل"، قد يكافح الجيش اللبناني للحفاظ على الأمن في الجنوب، الأمر الذي من شأنه أن يُشجع "حزب الله" من جديد للعمل العسكري في هذه المنطقة من لبنان".

ولا يخفي بعض المحبذين لاستمرار عمل "اليونيفيل" إلى أنها عملت كقوة استقرار في لبنان، مُعززةً قنوات اتصال تُساعد على منع الصراع بين إسرائيل و"حزب الله". وقد يُؤدي سحب الدعم الأميركي إلى تفكيك هذه الجهود، ويُحذرون: "إذا أوقفت الولايات المتحدة دعمها لـ "اليونيفيل"، فإنها تُخاطر بتفكيك هذا الهيكل الأمني الجديد". قد تكون النتائج المحتملة لمثل هذا القرار "مدمرة".

وتُثير الآثار الاقتصادية لسحب الدعم عن "اليونيفيل" قلقاً مماثلاً، إذ تُوظّف هذه القوة آلاف السكان المحليين في جنوب لبنان، وتشكل شرياناً اقتصادياً حيوياً للمجتمعات التي تواجه بالفعل تحديات جسيمة. ومن المرجح أن يُفاقم وقف هذا الدعم الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها هذه المجتمعات، مما يُعزز نفوذ "حزب الله" في المناطق المحرومة اقتصادياً.

وتؤكد مصادر أميركية إلى أن إدارة ترامب، بينما تعالج الانتقادات الموجهة لفعالية "اليونيفيل"، فإنها تدرك تعقيدات ديناميكيات الأمن في جنوب لبنان. وتُسلّط هذه المصادر الضوء على أهمية الزيادة من فعالية الجيش اللبناني المُنشّطة حديثاً، بدعم وتعاون أمني من الولايات المتحدة بهدف تقوية لبنان في مواجهة "حزب الله"، وتُوضّح قائلةً إن "هدف واشنطن هو تمكين وتعزيز قدرات الجيش اللبناني"، من هنا يُعدّ الدعم الأميركي المُستدام ضرورياً للحفاظ على هذا التوازن الدقيق.

مع تطوّر البحث والتفاوض حول الميزانية الأميركية في الكونغرس، من الضروري أن يُراعي صانعو السياسات في واشنطن العواقب الوخيمة لتراجع الدعم تجاه لبنان، فالمخاطر المُرتبطة بسحب الدعم من "اليونيفيل" قد تُسفر عن عواقب وخيمة. سيواجه لبنان، الذي يُصارع الهشاشة السياسية والصراع الاقتصادي، تحدياتٍ هائلة قد تسمح لـ "حزب الله" باستعادة قوته دون الوجود الرادع للقوة الدولية.

ورغم استمرار إسرائيل بمهاجمة "حزب الله"، من خلال استهدافها للبنية التحتية العسكرية، قد يكون لا يكفي. إذ لفت البعض إلى "بنيته السياسية النشطة للغاية في المجالَين الآخرَين، أي الانتخابات والسياسة". من هنا تؤكد مصادر قريبة من الخارجية الأميركية أن واشنطن تدرس دورها وخطواتها السياسية تجاه الملف اللبناني الذي من المرجح أن يتسلمه المبعوثان الرئاسيان الأميركيان توم براك ومسعد بولس. وتلفت مصادر البيت الأبيض إلى أن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك قد يتولى الملف الأمني الاقتصادي الذي تتقاطع العديد من تفاصيله مع الملف السوري، فيما يستمر بولس في منصبه الاستشاري في الملف اللبناني، لا سيما السياسي المحلي منه. في هذا الإطار، تشدد حنين غدّار، كبيرة الباحثين في معهد واشنطن للشرق الأدنى أنه "ينبغي على الولايات المتحدة التدخل واستهداف الجانب السياسي بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك فرض العقوبات على حلفاء "حزب الله" في لبنان، سواء كانوا شيعة أو غير شيعة، ممن يمدونه بالدعم الذي يحتاجه اليوم"، فيما ينصح خبراء آخرون إلى أنه في هذه اللحظة الحرجة، يجب على المسؤولين الأميركيين اتباع نهجٍ متوازن يُوازن بين الحاجة إلى إصلاحاتٍ في الميزانية والحفاظ على الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، ويُحذّرون من تجاهل تداعيات أي من القرارات، "فقد نجد أنفسنا نُواجه أزمةً أكبر بكثير قد يتردد صداها في جميع أنحاء المنطقة".