انتظار إقليمي-دولي لنهاية العهد.. وجغرافيا سياسية جديدة

يتنامى الاهتمام الدولي بالملف اللبناني. ولا يُعقد لقاء أو قمة أو اجتماع إلا ويحضر لبنان في المداولات. فبالتأكيد حضر لبنان إلى جانب سوريا في الاجتماع الوزاري العربي-الإسرائيلي- الأميركي في النقب، من بوابة إيران ونفوذها وحزب الله والوضع في الجنوب. كما حضر لبنان في منتدى الدوحة في لقاءات المسؤولين اللبنانيين. وحضر في اجتماع وزيري خارجية فرنسا وقطر، إذ أشار وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى أن البحث تناول الوضع في لبنان، واتُفق على أن استتباب الأمن يمر بتنفيذ الإصلاحات. وهذا موقف ينسجم مع مواقف أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

 

معضلة الحكومة
وتأتي هذه المواقف على مسافة أيام من موعد مفترض لعودة السفير السعودي وليد البخاري إلى بيروت، والذي يعقد سلسلة لقاءات مع شخصيات سياسية ورجال دين، كإطار عام لحضور سياسي في موازاة الحضور في توزيع المساعدات الإنسانية.
هذا الاهتمام الدولي بلبنان ليس محصورًا بالانتخابات النيابية، بل بالمرحلة التي تليها، وهي موزعة على مراحل واستحقاقات عدة بعد الانتخابات: أولها كيفية تشكيل الحكومة. وهنا يحدث صراع كبير، في ظل شروط رئيس الجمهورية ميشال عون لتشكيل الحكومة وتوزيع حصصها. فهو لطالما كان يطالب بحصة وزارية له منفصلة عن حصة تياره. فهل يحقق خصومه مطلبه هذا، على مسافة أشهر قليلة من انتهاء ولايته؟

عون سيضع شروطًا قاسية ليسيطر على الحكومة، بعد مغادرته القصر الجمهوري. والأهم أيضًا، من يكون رئيس الحكومة المقبل؟ وهل لا تزال حظوظ ميقاتي متوفرة؟ وما الموقف السعودي من هذه الحكومة، ومن طريقة توزيع الحقائب والوزراء فيها؟

 

معضلة الرئاسة
بعد معضلة الحكومة، تأتي معضلة الانتخابات الرئاسية: كيف يُحضّر لإنجازها، وسط قراءات تفيد باستحالة الاتفاق على انتخاب رئيس في الموعد المحدد.

وهذا يجعل لبنان مفتوحًا على احتمالات كثيرة ترتبط بالوضع السياسي، الأمني، الاقتصادي، والاجتماعي. وقد تقود إلى إعادة طرح الملف الدستوري لجهة السعي إلى تعديل الدستور. ثالثها، البحث في الخطط الجدية للإصلاح الإقتصادي والمالي وإذا كانت الإرادة متوفرة لذلك إلى جانب التوافق على الحدّ الادنى من القواسم المشتركة بين القوى المنقسمة على بعضها البعض.

 

انتظار نهاية العهد
هذه الأفكار هي المتداولة في الكواليس، وكل طرف يسعى إلى وضع رؤيته بانتظار الوصول إلى تلك المرحلة. فحزب الله لم يعد يخفي أبدًا سعيه إلى تحقيق أكثرية نيابية. وكان أمينه العام واضحًا في ذلك عندما أطلق معركة تعزيز حظوظ الحلفاء.

ويسعى حزب الله إلى إعادة رسم جغرافيا سياسية جديدة مبنية على نتائج الانتخابات. وهذا له حضوره في الاهتمامات الدولية والإقليمية، مواكبة لتطورات مقبل عليها لبنان.

ويشتد الصراع السياسي في الداخل. فمعظم القوى تماشي الوقائع القائمة، منتظرة انتهاء ولاية ميشال عون. موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي كان واضحًا في قوله إن على الرئيس المقبل إخراج البلد من سياسة المحاور. وهذا لافت في صدوره عن رأس الكنيسة المارونية، في ردّ واضح على مواقف عون، وأوضح في عدم الانسجام بينهما. خصوصًا بعد زيارة عون إلى الفاتيكان.

رئيس مجلس النواب نبيه برّي يبدو واضحًا في طروحاته، في تشديده على إجراء الانتخابات في موعدها، وعدم تأخيرها ولو ليوم واحد. وهذا يسري على موقفه من الانتخابات الرئاسية.

يصب هذا كله في خانة واحدة: انتظار لحظة خروج عون من بعبدا. وبعدها لكل حادث حديث. وأي تأخير للانتخابات النيابية أو لتشكيل الحكومة بعدها، قد تؤدي إلى تغير في هذه الحسابات.