المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الجمعة 9 تموز 2021 14:08:46
الهلال الشيعي الخصيب من اليمن الى العراق مروراً بسوريا وصولاً الى لبنان، مخطط عملت ايران على تنفيذه مباشرة او من خلال أذرعها، مستخدمة كل الوسائل المتاحة، من أجل تحقيق المشروع القومي الإيراني وفرض سيطرتها على المنطقة. واليوم تتمادى ايران في استخدام الساحة العراقية لتبعث رسائل ساخنة بعضها صاروخية ونارية الى الولايات المتحدة. كما تستخدم لبنان لتوجيه رسائل سياسية تفاوضية وتمارس ضغطا من خلال ورقة الازمة الحكومية تأكيدا على احكام قبضتها عليه. فما الذي يُرسم للمنطقة؟
العميد الركن خالد حماده أكد لـ"المركزية" ان "كل ما يجري في المنطقة العربية الآن يأتي بوحي ويعكس حقيقة ما يجري في المفاوضات النووية في فيينا. فبالرغم من النوايا الاميركية والاوروبية والايرانية للعودة الى الاتفاق، إلا ان الولايات المتحدة تريد ان تربط هذا الاتفاق بإمكان العودة للتفاوض على ملفات اخرى، وهذا ما لا تريده القيادة الايرانية"، مشيراً الى "ان طهران تعتبر انها تريد شراكة مع الولايات المتحدة، وانها غير مُلزَمة، ما بعد الاتفاق النووي، على الاجابة على اي تساؤلات اوروبية او اميركية او عربية في ما يختص بميليشياتها المنتشرة في الدول الاربع التي سبق واعلنت عنها".
واعتبر حماده "ان تعثر المفاوضات ينعكس ميدانياً على ما تقوم به ايران من خلال توجيه ضربات عسكرية الى القواعد العراقية حيث يتمركز جنود اميركيون او الى داخل المنطقة الخضراء في هدف العراق، كذلك تمارس الضغط نفسه لكن بأسلوب مختلف في عملية منع تشكيل الحكومة في لبنان. ولا يقتصر ذلك على الساحة اللبنانية إنما يشمل أيضاً الهجمات التي يقوم بها الحوثيون باتجاه مأرب او في داخل المملكة العربية السعودية، إضافة الى تسلل الميليشيات الايرانية الى شرق الفرات، ورأينا كيف تعامل معها الاميركيون بكثير من القسوة ما ادى الى سقوط عدد كبير من القتلى في صفوفها".
ورأى ان "هذا التصعيد يستجيب للموقع الذي تريد ايران ان تحتله في المنطقة، غير آبهة بكل ما يدور فيها، معتبرة ان المنطقة يجب ان تسقط او تصبح خاضعة لميزان قوى، ايران متفوقة فيه. طبعاً الاميركيون لديهم حسابات اخرى، فهم لا يريدون اخراج ايران من المنطقة لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون المغامرة بشراكاتهم مع الدول العربية او ان يكون ملف الاسلحة والصواريخ الباليستية وملف الاذرع الايرانية المنتشرة في العراق ولبنان واليمن وسوريا خارج نطاق المساءلة، وهذا ما يُعثّر الاتفاق".
وأوضح حماده "ان المنطقة مرشحة للبقاء في هذا الستاتيكو ربما لأشهر طويلة. نرى ان هناك نوعاً من التضامن الاوروبي الاميركي، ليس لإحداث تغيير انما لوقف انقلاب ميزان القوى في الاتجاه الايراني، الى جانب موقف عربي لاسيما خليجي ومصري ثابت، يشكل برأيي، نقطة قوة ليس فقط في منع ايران من تجاوز الوضع الذي وصلت اليه، انما كذلك تحذير ربما بشكل او بآخر الولايات المتحدة من ان تحالفاتها في المنطقة ولا سيما الخليجية، التي اصبح التطبيع جزءا منها، لا يمكن المغامرة به كما لا تستطيع الولايات المتحدة المجازفة به. أعتقد ان الامور ستبقى على حالها ربما الى ما بعد الانسحاب الاميركي من افغانستان، والذي سيكون بداية لإعلان سقوط افغانستان بيد طالبان وكل الميليشيات الاصولية المتحالفة معها أي القاعدة وداعش".
وختم: "هذا الامر سيغير كثيرا في المشهد الاقليمي. ربما تنتقل حدة الصراع من الجبهات التي تقف عليها الميليشيات الايرانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن الى جبهة واحدة هي الجبهة الايرانية - الافغانية التي يبلغ طولها 950 كلم. وقد تصبح هذه الجبهة خط التماس الذي تتبادل معه الولايات المتحدة عبر المنظمات الجهادية الاسلامية المتطرفة مع طهران والحرس الثوري الايراني وتشكل عندها مدخلا الى اعادة تنظيم المنطقة وإعادة تركيب ميزان قوى يختلف عن القائم حاليا".