المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الأحد 20 تموز 2025 13:47:01
في مشهد إقليمي بالغ الدقة، يعود ملف سلاح "حزب الله" إلى الواجهة بقوة، على وقع ضغوط دولية متصاعدة وتحركات دبلوماسية أميركية غير مسبوقة، تزامناً مع ارتفاع حدة التوتر على الحدود الجنوبية والشرقية للبنان. وفي ظل هذا التصعيد، تبدو البلاد مقبلة على مفترق خطير، قد ينقل الأزمة من مستوياتها السياسية والأمنية إلى حافة مواجهة مفتوحة.
وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت وسط ترقّب سياسي واسع
تترقّب الأوساط السياسية في بيروت تداعيات زيارة الموفد الأميركي، توماس بارّاك، الذي وصل إلى العاصمة اللبنانية في مهمة توصف بأنها مفصلية. وبحسب مصادر مطلعة، يحمل بارّاك في جعبته ورقة رسمية من الإدارة الأميركية، تم تسليمها إلى المسؤولين اللبنانيين، وتتضمّن طرحًا لتسوية شاملة تنطلق من القرار 1701، وتشمل نزع سلاح "الحزب" ضمن جدول زمني يمتد حتى نهاية كانون الأول المقبل. وبحسب معلومات متقاطعة من مصادر دبلوماسية، فإن الإدارة الأميركية تعتبر هذه المرحلة مناسبة لدفع لبنان نحو تنظيم الوضع الأمني الداخلي من خلال سحب السلاح من خارج مؤسسات الدولة، تمهيدًا لإعادة تفعيل المساعدات الدولية وربطها بإصلاحات سياسية وأمنية.
موقف رسمي "مرن"... وتحفّظ واضح من الحزب
من جانبها، أبدت الحكومة اللبنانية تجاوباً مبدئيًا مع مضمون الورقة الأميركية، وفق ما أفادت به مصادر قصر بعبدا لموقع kataeb.org، مشيرة إلى أن المشاورات جارية لصياغة موقف موحد بالتنسيق بين الرؤساء الثلاثة. لكن هذه الإشارات لم تجد طريقها إلى الحزب، الذي رفض مضمون الورقة على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، مؤكدًا أن السلاح هو ضمانة وجودية للحزب، ولا مجال لبحث مصيره قبل أن تلتزم إسرائيل بتطبيق القرار 1701 كاملًا، بما يشمل الانسحاب من النقاط المتنازع عليها ووقف الخروقات الجوية والبرية.
السلاح... بين الردع الإسرائيلي والمواجهة مع الإرهاب التكفيري
ورغم أن "حزب الله" يبرّر احتفاظه بسلاحه تاريخيًا كعنصر ردع بوجه التهديدات الإسرائيلية، إلا أن الحزب بات يشير أيضًا إلى ما يسميه "الخطر التكفيري" كدافع إضافي للإبقاء على منظومته العسكرية. ففي خطابات متكررة لقياداته، يؤكد الحزب أن التجربة السورية وما رافقها من تهديدات أمنية داخلية، عزّزت قناعته بضرورة الاستمرار في امتلاك القدرة العسكرية خارج إطار الدولة، ليس فقط لحماية الحدود، بل أيضًا "لحماية الداخل من الجماعات الإرهابية"، بحسب تعبير مسؤوليه. وعليه، يرى الحزب أن نزع سلاحه في هذه المرحلة، في ظل غياب استراتيجية دفاعية وطنية جامعة، يشكل مغامرة غير محسوبة، ويعرّض البلاد لاختراقات أمنية خطيرة.
استنفار واسع... من بعلبك إلى الجنوب
بالتوازي مع الحراك السياسي، تشهد المناطق الحدودية تحركات ميدانية مكثّفة. وتشير مصادر أمنية إلى أن الحزب بدأ منذ أيام رفع جهوزيته العسكرية، خصوصاً على امتداد الحدود الشرقية مقابل بعلبك والهرمل، مرورًا بالجنوب اللبناني، تحسّبًا لأي تصعيد أو تحرك مفاجئ من الجانب الإسرائيلي. ويبدو واضحًا أن الحزب يتعامل مع الطرح الأميركي بوصفه إنذارًا مبكرًا بمواجهة محتملة، ويعتبر أن أي محاولة لنزع سلاحه دون ضمانات واضحة تمثّل تهديدًا مباشرًا لوجوده السياسي والأمني.
الضاحية الجنوبية... هدف محتمل؟
في خضم هذه التطورات، تتزايد التساؤلات في الأوساط الشعبية والسياسية حول ما إذا كانت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، ستعود إلى واجهة العمليات العسكرية. وتشير تقارير أمنية غربية إلى أن إسرائيل تدرس توسيع "بنك أهدافها" ليشمل مراكز قيادية ولوجستية داخل الضاحية، في حال فشلت الجهود الدبلوماسية وتدهور الوضع إلى مواجهة مفتوحة. وترجح مصادر متابعة عبر kataeb.org أن القيادة الإسرائيلية باتت تميل أكثر إلى سياسة الضربات الاستباقية، بما يتجاوز المناطق الحدودية، وذلك في سياق محاولة فرض وقائع ميدانية جديدة تُسهم في تغيير قواعد الاشتباك القائمة.
بارّاك أمام معادلة معقّدة
في هذا السياق، تبدو مهمة الموفد الأميركي شديدة الحساسية والتعقيد، إذ يجد نفسه أمام معادلة سياسية وأمنية بالغة الهشاشة: من جهة، رغبة المجتمع الدولي في إعادة الاستقرار إلى لبنان وتحييده عن النزاعات الإقليمية، ومن جهة أخرى، تمسك "حزب الله" بمنظومة سلاحه كجزء من المعادلة الدفاعية في وجه إسرائيل.
وبين هذين الخيارين، تقف الدولة اللبنانية أمام امتحان سيادي حرج، في ظل محاولاتها لدرء الصدام من جهة، والحفاظ على التماسك الداخلي من جهة أخرى.
لبنان... على شفير المواجهة؟
في المحصلة، بات المشهد اللبناني محكوماً بتوقيت إقليمي – دولي لا يملك قراره الداخلي بالكامل. ومع اقتراب نهاية المهلة الأميركية المقترحة، وارتفاع منسوب الاستنفار على الجبهات كافة، يبقى السؤال المعلّق: هل ينزلق لبنان إلى مواجهة عسكرية جديدة؟ أم تنجح الدبلوماسية في تأجيل الانفجار؟
الإجابة مرهونة بساعات وربما أيام... لكن ما هو مؤكد أن المرحلة المقبلة لن تشبه ما قبلها، وأن البلاد باتت أقرب من أي وقت مضى إلى حافة الانفجار الشامل.