بارولين لم يلتق بالمجلس الشيعي ومساعٍ لتبريد الخلاف

استأثرت زيارة أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين باهتمام لافت، وخطفت الأنظار خلال الأيام الماضية، إلا أنها في الوقت عينه أدّت إلى ندوب في إطار العلاقة بين بكركي والمجلس الشيعي الأعلى، لكن الجرّة لم تنكسر، حيث المساعي والاتصالات جارية على قدم وساق. وثمة معلومات بأن بارولين كان مستاءً لأن هدف زيارته التركيز والتشديد على صيغة التعايش الإسلامي-المسيحي، وهذا ما يريده الفاتيكان في ظل ما تعرّض له المسيحيون من اضطهاد وتهجير من سوريا إلى العراق وباكستان وأفغانستان وسواهم، وأن الصيغة الفريدة في لبنان والإرشاد الرسولي وكل زيارات البابوات إلى لبنان، كان لها الأثر البالغ في الحفاظ عليها والتمسّك بها.

لذلك فإن ما جرى على خط بكركي-المجلس الشيعي الأعلى، أدى إلى حالة أزعجت أمين سر دولة الفاتيكان، لناحية أنه يريد لقاء كل القيادات والمرجعيات الروحية، لكن المعلومات المؤكدة تشير إلى أنه لم يلتق بأيّ من أعضاء المجلس الشيعي الأعلى، فيما كان لقاؤه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، إيجابياً جداً وصريحاً للغاية من الجانبين. وعلم أن بري أكد له بما معناه، أننا ضنينون بالعلاقات مع المسيحيين في لبنان، ونريد انتخاب الرئيس في أقرب وقت ممكن، وكذلك العلاقة مع الفاتيكان علاقة قديمة وتاريخية مع الشيعة ولا يمكن أن تفسدها أي اعتبارات أخرى.

توازياً، تكشف مصادر سياسية عليمة واكبت التطورات الأخيرة أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أوفد رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام المونسنيور عبدو أبو كسم إلى المجلس الشيعي الأعلى لمناسبة سابقة لمقاطعة المجلس الشيعي لقاء بكركي، حيث التقى برئيس المجلس الشيخ علي الخطيب، وعلم أن اللقاء كان صريحاً للغاية، وساده نقاش واضح وعميق بين الطرفين، واتفق على أنه فور حصول أي موقف أو أي إشكال يجب أن تحصل الاتصالات وتعالج فوراً، كي لا تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، فالعلاقة بين المجلس الشيعي الأعلى وبكركي تاريخية، ويجب أن تبقى كذلك وتطوى هذه الصفحة التي أدّت إلى ما أدّت إليه، وبالتالي ثمة مواكبة ومتابعة لهذا اللقاء.

 

أما عن إمكانية زيارة نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى لبكركي، وهل من الممكن أن تؤدي إلى إعادة الأمور إلى سابق عهدها؟ فتقول المصادر إن ذلك سابق لأوانه، وما جرى بين أبو كسم والشيخ الخطيب، كان تبادلاً لأجواء إيجابية والصراحة كانت عنوان الاجتماع المذكور، والمواكبة مستمرة من أجل أن تصل الأمور إلى النتائج المتوخاة.

وتردف المصادر، أن مشاركة أبو كسم في معرض للكتاب في الضاحية الجنوبية كسر جليد الاحتقان وله وقعه الإيجابي في هذا التوقيت بالذات.

أما على خط العلاقة بين "حزب الله" وبكركي، فينقل أن من المتوقع أن يتحرك النائب فريد هيكل الخازن والمسؤول الإعلامي في الصرح وليد غياض، للتواصل والتنسيق مع الحزب، مع الإشارة إلى أنه حصل لقاء في دارة النائب الخازن في جونيه قبل فترة ليست طويلة مع "حزب الله"، اتسم بالإيجابية، لكن ما حصل لاحقاً يستدعي حصول لقاء آخر، وهذا ما قد يضطلع به النائب الخازن.

لذلك فإن تسوية الأمور العالقة وكل ما أحاط بهذه العلاقة موضع مواكبة ومتابعة، مع التأكيد مجدّداً أن أمين سر دولة الفاتيكان لم يلتق بأي من أعضاء المجلس الشيعي الأعلى خلال زيارته أو أنه تدخل في ما حصل.

وختاماً، ترى أكثر من جهة مقربة من بكركي أو "حزب الله"، أن ما جرى بين الطرفين ليس بالأمر السهل، فـ"حزب الله" والمحيطون به، حتى على مستوى الطائفة الشيعية، يعتبرون أن البطريرك "قال كلاماً كبيراً"، وفي الوقت عينه، فبكركي حريصة على التواصل والتوافق مع الطائفة الشيعية، وكذلك مع "حزب الله"، لأن الاتصالات لم تنقطع، لكن في المحصلة الفاتيكان لا يتدخل أو يقحم نفسه في مثل هذه الملفات أو الخلافات، بل هو حريص على التعايش الإسلامي-المسيحي وترسيخه، وهذا أحد العناوين البارزة لزيارة أمين سر الفاتيكان للبنان.