المصدر: النهار
الكاتب: رندة تقي الدين
الجمعة 24 كانون الثاني 2025 07:52:03
قبل موعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني والذي يفترض تنفيذه مبدئيا في ٢٦ كانون الثاني الحالي، بحسب اتفاق وقف النار في لبنان لمدة ٦٠ يوما، يجري كبار المسؤولين الفرنسيين اتصالات بالجانب الإسرائيلي والإدارة الأميركية الجديدة لمعرفة النيات حيال تطبيق الانسحاب الإسرائيلي في موعده، وما إذا كانت الإدارة الأميركية ستطالب إسرائيل بالانسحاب أو تدفعها إلى البقاء.
الرسائل الأميركية متضاربة حتى الآن وليس هناك موقف واحد مما تريده الإدارة بالنسبة إلى هذا الانسحاب. فالمصادر الفرنسية كانت تتوقع أن يتأخر الانسحاب بضعة أيام، إذ إن الدولة الإسرائيلية تدعي أنه ما زال هناك مواقع سلاح لـ"حزب الله"، وأن الحزب لم ينسحب كما يجب، وهي لا تثق بقدرة الجيش اللبناني على الانتشار بما يمنع "حزب الله" من استخدام السلاح الذي لديه لمواجهة إسرائيل. في حين أن مصادر عسكرية فرنسية ترى أن الجيش اللبناني استطاع حتى الآن تدمير (أو تفكيك) عدد من المواقع والبنى تحتية لـ"حزب الله"، وأن "اليونيفيل" تدعم عمله. وتقول باريس لحكومة الدولة الإسرائيلية إن بقاء قواتها في لبنان يصعّب مهمات الرئيس اللبناني الجديد ورئيس الحكومة والتغيير الإيجابي المرتقب من وصول الإثنين إلى الحكم في لبنان، لكن الدولة الإسرائيلية لا توافق على ذلك وتعتبر أن بقاءها لا يمنع التغيير.
وتضيف المصادر أن انسحاب "حزب الله" من جنوب الليطاني لا يعني انسحابه من الجنوب، إذ إن غالبية مقاتلي الحزب هي من القرى الجنوبية. وتنقل عن الإعلام الإسرائيلي قوله إن إسرائيل ستبقى لمدة 30 يوما إضافية، في حين ترى باريس أن هذا يطرح السؤال عما إذا كانت إسرائيل ستمدد بعد ذلك 30 يوما إضافيا إلى ما لا نهاية. لذا تجري باريس اتصالات بالإدارة الأميركية والمسؤول عن الملف في إدارة ترامب ستيفن ويتكوف. وتتساءل المصادر: هل تعتبر الحكومة الإسرائيلية أن مجيء ترامب إلى الرئاسة في الولايات المتحدة يعطيها هامش حرية كبيرا للتحرك كما تريد؟ تحاول باريس إقناع الإدارة الأميركية بأن بقاء إسرائيل في الجنوب خطأ وأن اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان يتضمن قرارات مجلس الأمن التي تشير إلى ضرورة سحب سلاح "حزب الله" من كل الأراضي اللبنانية، ليس فقط من جنوب الليطاني. صحيح أن مقدمة نص اتفاق وقف النار تشير إلى ذلك، لكن مضمون الاتفاق بقي مبهما لأن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أراد الإسراع في التوصل إلى اتفاق، ولم يلحظ ذلك بوضوح في قلب النص.
وبحسب مصادر عسكرية فرنسية وأميركية، ما زال في حوزة "حزب الله" سلاح كثيف في كل لبنان، وتحديدا في البقاع والجنوب، وكل السلاح إيراني، لكن المصادر تؤكد أن ليس لدى الحزب صواريخ باليستية، فهي ثقيلة جدا ولا يمكن نقلها من إيران إلى لبنان، وما يملكه الحزب هو صواريخ ومسيّرات وسلاح.
وترى أن المقلق أنه رغم القضاء على قيادة الحزب وتراجع وضعه بعد سقوط بشار الأسد، يبقى احتمال تهديد هذا السلاح في الداخل اللبناني، وإن بقاءه يعطي إسرائيل ذريعة للمماطلة في الانسحاب وتمديد بقائها في الجنوب. أما الأنفاق التي تم حفرها في القرى الجنوبية فتبدو لافتة، كأنها نفق للمترو في أماكن سكنية. لكن الجيش اللبناني يسعى إلى تدمير هذه المواقع والسلاح.
وعندما تُسأل المصادر المتابعة للملف اللبناني عن تصورها لمجرى الأمور في لبنان بعد انتخاب الرئيس جوزف عون وتكليف الرئيس نواف سلام، تجيب بأن هناك أملا حقيقيا، لكن هناك أيضا عدم يقين لا يسمح بالتأكد من أن الخطر والتحديات أمام البلد زالت كليا.