المصدر: النهار
الكاتب: رندة تقي الدين
الاثنين 10 شباط 2025 23:42:41
تبذل باريس جهوداً كبيرة من أجل سحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان في الموعد المعلن 18 شباط/ فبراير، لكنها تعترف بالصعوبات التي تواجهها في إقناع تل أبيب بالانسحاب الكلي.
فالأخيرة تطالب بالمزيد من الضمانات من الجيش اللبناني لتعزيز انتشاره، وفرنسا التي تتفهم هذه الأسباب تجهد للحصول على المزيد من القدرات للجيش اللبناني كي ينتشر بشكل أوسع وأكثر فاعلية وينزع المبررات والحجج الإسرائيلية. وتريد إسرائيل ضمان أمن خمسة مواقع في الجنوب اللبناني تكون منزوعة من سلاح "حزب الله" قبل الانسحاب. وهذه المواقع الخمسة موجودة على تلال تطل على الجليل الأعلى، كما تقول إسرائيل.
وخلافاً للموقف الأميركي من تشكيل الحكومة اللبنانية، لا سيما بعد تصريح مبعوثة الرئيس الأميركي مورغان أورتاغوس إلى بيروت بأن على الحكومة اللبنانية الّا تضم "حزب الله"، ترى باريس أنه لا يمكن استبعاد الشيعة من أي حكومة في لبنان، فالطائفة الشيعية جزء من الشعب اللبناني.
إما بالنسبة إلى إيران، فتشاطر باريس الولايات المتحدة الرأي بضرورة التوصل إلى اتفاق على المشروع النووي الإيراني وتوسيع المفاوضات مع طهران حول مواضيع سياستها الإقليمية وبرنامجها الباليستي، لأن الخيار الآخر، أي الهجوم العسكري على إيران هو أكثر تعقيداً. وتعتقد باريس أن من المهم جداً إعادة دفع الحوار حول الملف النووي في الظرف الحالي، فإيران في موقف دفاعي بعد أن اضعفتها الهجمات الإسرائيلية.
وفي سياق آخر، ترفض باريس مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" انطلاقاً من رفضها مبدأ تهجير الشعب الفلسطيني، ليس فقط لأسباب أخلاقية وتاريخية، لكن أيضاً لأنه يناقض أي مسار من أجل حل القضية الفلسطينية. وهي تعمل لإعداد المؤتمر الفرنسي السعودي الذي قرره الرئيس إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته الرياض على أن يعقد في حزيران/ يونيو في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ويبحث في حل الدولتين للقضية الفلسطينية.
إلى ذلك، يعقد بإشراف الخارجية الفرنسية يوم 13 شباط/فبراير الجاري في باريس مؤتمر حول سوريا يحضره وزير خارجية سوريا ويشارك فيه شركاء فرنسا في منطقة الشرق الأوسط لمواكبة سوريا الجديدة تبعاً لمعايير مطلوبة من المجتمع الدولي. فقد رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عن سوريا وأوروبا مستعدة للعمل مع السلطات السورية الجديدة، وباريس مستعدة لعودتها الديبلوماسية إلى دمشق، ليس بالضرورة على مستوى السفير، ولكن مع فريق ديبلوماسي يكون مسوؤلاً عن إقامة حوار مع السلطات السورية والقيام بمشاريع. وباريس مستعدة للعمل مع السلطات الجديدة لإطلاق اقتصاد البلد وكل ما يتعلق بالمسار الانتقالي، أي الحوار السياسي والإصلاح والمساعدة في دمج الميليشيات بقوات الأمن وبرامج عودة اللاجئين، وأيضاً في موضوع ضبط الأمن على الحدود السورية اللبنانية وفي ما يتعلق بالقضاء الانتقالي الذي تعتبره باريس بالغ الأهمية لأنه يتيح وضع إطار قانوني واضح لسوريا الجديدة.
وكان الرئيس الفرنسي أجرى اتصالاً بالرئيس السوري أحمد الشرع وأعرب عن استعداده للتحاور معه، في باريس أو في دمشق، من دون أن تكون هناك دعوة رسمية للشرع إلى زيارة فرنسا كما تردد في الإعلام. وقد أثار الشرع مع الرئيس الفرنسي موضوع علاقات سوريا الجديدة مع كل من إيران وروسيا، وأكد الشرع للرئيس الفرنسي بوضوح أنه يعرف الدور السلبي الذي لعبته إيران وروسيا ضد الشعب السوري، وأن لا أوهام لديه إزاء دور الدولتين السلبي إزاء الشعب السوري.