لبنان يتحرك ديبلوماسياً وأمنياً لضمان أن يكون تمديد وقف إطلاق النار الأخير

يأتي تمديد وقف إطلاق النار حتى 18 الجاري كنتيجة مباشرة لحراك ديبلوماسي مكثف مارسته الأطراف اللبنانية والدولية على حد سواء، سعيا إلى الحفاظ على الاستقرار ومنع الانزلاق إلى مواجهة واسعة.

غير أن هذا التمديد الذي يبدو في ظاهره كفرصة إضافية للتهدئة، يحمل في طياته رسائل واضحة بأن لبنان لن يقبل بأن يتحول الأمر إلى تمديد مفتوح، بل يسعى إلى جعله الأول والأخير من خلال خطوات مدروسة بدأت تتبلور عبر قنوات سياسية وأمنية وديبلوماسية.

وقال مصدر سياسي واسع الاطلاع لـ «الأنباء»: «يقود لبنان هذه المرحلة من موقع تفاوضي مدعوم بدستوره وإجماعه الوطني، حيث يتولى رئيس الجمهورية العماد جوزف عون متابعة الملف من موقعه الدستوري استنادا إلى المادة 52 من الدستور، والتي تنص على انه يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وأيضا بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة. وهذا الدور يمنحه هامشا واسعا للحركة بين القوى المحلية والإقليمية والدولية، لضمان تحقيق أقصى استفادة من التمديد الحالي، والعمل على ضبط إيقاع المشهد السياسي والعسكري بما يحقق المصلحة الوطنية».

وتابع المصدر «من هذا المنطلق، يتابع الرئيس عون الاتصالات مع مختلف الجهات، مستندا إلى غطاء دولي وفرته لجنة المراقبة الخماسية، لاسيما الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين تضغطان لضمان الالتزام بمفاعيل وقف النار، وتهيئة الأرضية لأي تطور لاحق قد يعيد رسم معالم المشهد اللبناني بأبعاده الداخلية والخارجية».

وأشار المصدر إلى ان «التحركات اللبنانية لم تتوقف عند المستوى الديبلوماسي فحسب، بل دخل الجيش اللبناني على خط المواكبة الأمنية ميدانيا، وهذا ما سيتجلى خلال الأيام المقبلة من خلال خطوات ستظهر تباعا بالتنسيق مع قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان. هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الاستقرار ومنع أي خروقات قد تعرقل المسار التفاوضي، لاسيما أن لبنان يدرك أن أي انتكاسة أمنية قد تمنح العدو الاسرائيلي الذريعة لإعادة خلط الأوراق، ما يجعل المتابعة الحثيثة والميدانية ضرورة ملحة لضبط الحدود ومنع التصعيد غير المحسوب».

ولفت المصدر إلى انه «في السياق عينه، تتواصل الاتصالات على المستوى السياسي الداخلي لحث مختلف القوى على الالتزام بتعهداتها، لاسيما تلك التي وردت في البيان الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والذي شكل أرضية توافقية للتمديد. والمفارقة أن جميع القوى السياسية وافقت على مضمون البيان والتمديد».

وقال المصدر «أمام هذا المشهد، يبقى السؤال الأهم: هل سيشكل التمديد الحالي المحطة الأخيرة قبل الانتقال إلى مرحلة جديدة أكثر استقرارا، أم أن لبنان سيجد نفسه مضطرا إلى القبول بتمديدات متتالية تحت ضغط الوقائع الميدانية والتوازنات الدولية؟ الجواب رهن بالأيام المقبلة، وبقدرة لبنان على انتزاع موقف موحد يكرس سيادته ويحمي استقراره في ظل التعقيدات المتشابكة التي تحيط به».