المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الجمعة 29 آذار 2024 12:58:18
أكثر من مرة رفع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الصوت من باب "إقصاء المسيحيين عن مواقع الدولة". لكن ثمة أسباب كانت تحول دون ذلك بحسب ما تقول مصادر معارضة لـ"المركزية" وهي: اولا الخلافات بين القوى السياسية حول الأزمة اللبنانية، ثانيا ما يتعلّق بالقوات اللبنانية التي لا تريد المشاركة في أي لقاء من دون أن تتأمن شروط نجاحه، وإلا سيكون مجرد لقاء فولكلوري للكلام من دون جدوى، ثالثا إذا كان اللقاء لتعويم فريق سياسي مثل النائب جبران باسيل الذي لا يتذكّر حقوق المسيحيين إلا عندما يكون مأزوماً ومحشوراً، رابعا أي فريق مسيحي وخصوصاً باسيل إذا أراد مواجهة اقصاء المسيحيين وتعطيل رئاسة الجمهورية، عليه أن يفكّ تحالفه مع حزب الله ويُعلن التزامه بمجموعة ثوابت لا عودة عنها، أما إذا كان يريد المناورة والاستعراض فلا ضرورة لأي لقاء".
نقاط الإختلاف لا الخلاف باتت واضحة وتتوزع بين مشروعي فريقين: الأول يريد قيام دولة فعلية يعود إليها قرار الحرب والسلم والعودة إلى الدستور وحصرية السلاح بيد الجيش اللبناني على أن الأولوية في المرحلة الحاضرة انتخاب رئيس للجمهورية. وفريق ثانٍ ينضوي تحت "دويلة حزب الله" ومشروعه الخروج عن الدستور ومبادئ الدولة السيدة والحرة والحيادية المستقلة ويعطل الإستحقاقات الدستورية ولا يعترف بالقرارات الشرعية ويعود إليه قرار الحرب والسلم ويعمل وفق اجندة إيران لا دولته لبنان.
إذا الإختلافات جذرية، وما بينها الهواجس التي تدركها بكركي ومعها دوائر الفاتيكان التي دقت ناقوس الخطر. من هنا بدأ البطريرك الراعي التفكير في مبادرة لتوحيد الرؤى السياسية بين القوى المسيحية الأساسية، فكان اجتماع ممثلي الأحزاب في بكركي. وقد حرص الراعي على إبعاد هذه الاجتماعات عن الإعلام تجنبا لإثارة أية حساسيات وعدم تحميلها أكثر مما يفترض أن تكون.
في اللقاء الأول الذي تغيب عنه ممثل تيار المردة تركزت النقاشات على عناوين عديدة ابرزها ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية واحترام قرارات الشرعية الدولية واعتماد الحياد لإبعاد لبنان عن الصراعات الإقليمية واحترام الدستور ودعم التحقيق في انفجار المرفأ. كذلك طرح موضوع اللامركزية الإدارية الموسعة تمهيدا لإصدار وثيقة من شأن كافة الأفرقاء في البلد قبولها.
أما موعد اللقاء الثاني بحسب مستشار حزب الكتائب اللبنانية الذي شارك في لقاء بكركي ساسين ساسين فمن المقرر أن يعقد في الأسبوع المقبل "ولن تكون هناك نقاط جديدة للبحث بين الممثلين عن الأحزاب، إنما استكمال للنقاشات في المسائل التي طرحت في اللقاء الأول وإعداد النص. ويلفت إلى أن محور الإجتماع ليس محصورا بإصدار وثيقة إنما بتبادل هواجس سيادية ليصار إلى طرحها على المكونات المسيحية".
ويكشف ساسين ان هناك توافقاً بين المجتمعين على نقاط أساسية منها القرار 1559 وحصرية السلاح مشيرا إلى أن "حتى التيار الوطني الحر لم يكن لديه أي تحفظ حيال هذه النقطة لكن يجب التروي في طرح هذا الموضوع في هذه المرحلة". ويكشف أن مسألة حصرية السلاح ليست مطروحة بهدف المواجهة مع حزب الله إنما لقيام دولة يجب أن تكون السيادة محصورة بيد الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية".
وعن نأي المردة بنفسه عن إجتماع بكركي يرده ساسين "إلى انغماسه في مسألة رئاسة الجمهورية".
بالتوازي يستبعد ساسين أن تتحول اجتماعات بكركي إلى نسخة عن قرنة شهوان "الأرجح أن تكون أقرب إلى لقاء بريستول كونه يضم كل الأجنحة".
قبل اجتماع بكركي قدم حزب القوات اللبنانية وثيقة وطنية مسيحية للبطريرك الراعي تضمنت مجموعة أفكار في ما يخص الميثاق الوطني والصيغة وتطويرهما، إضافة إلى الوجود المسيحي المهدد ديموغرافياً على مختلف المستويات، وشرح مفصّل للمشكلة وأسبابها وطروحات للمعالجة والحلول وخارطة طريق. وفي انتظار أن يبدي الراعي رأيه فيها بعدما وضعها الحزب بتصرفه، تأتي اجتماعات بكركي التي يتوقع منها الوزير الأسبق فارس بويز أن تكون " بمثابة نقطة انطلاق لتقريب وجهات النظر" ويضيف لـ"المركزية"أي اجتماع أو لقاء أو حوار هو محاولة شرعية ويفترض أن يمهد لإيجاد حلول لمشكلة الفراغ الرئاسي أولا وأزمة تكوين البلد وملء الشواغر".
ويستغرب رفض البعض مبدأ الحوار من قبل بعض الأفرقاء، إلا أنه يستطرد " قد يكون الخلاف على شكلية الحوار لا على المبدأ، لكن في النهاية يجب القيام بكل هذه المحاولات لأنها ضرورية ومشروعة وإن كنت غير متفائل جدا بنتائج هذه الإجتماعات، إنما المحاولة ضرورية لأن البديل عن ذلك هو انقطاع الفرقاء عن بعضهم البعض وهذا أخطر ما يكون. وعلى ضوء الإجتماعات نرى مدى إمكانية نجاحها أو فشلها".
كثيرة هي توقعات المعنيين مباشرة باجتماعات بكركي وصدور وثيقة يتوافق عليها كل الأفرقاء. لكن ما هو ثابت للمعارضة أن الدافع الرئيسي لقبول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المشاركة في الإجتماعات والعودة إلى عباءة بكركي هو تعويم نفسه واستعادة شعبيته المسيحية بعدما تآكلت واسترجاع ثقله المسيحي الذي تحلل مع انغماسه بحزب الله .فهل تكون المصداقية بالقول أم باتخاذ الموقف الوطني السيادي والإعتراف علنا بأنه ضد سلاح الحزب ؟
إنطلاقا من هذا الواقع، تبدي أوساط معارضة عدم اقتناعها بمشاركة التيار في اجتماعات بكركي وعدم جدواها ونتائجها. وتعتبر أن التيار يحاول أن يستفيد من مشاركته للحصول على مشروعية مسيحية وعلى غطاء بكركي وغسل الوضعية السياسية التي فرضتها عليه العقوبات الأميركية.
فهل باتت نتائج اجتماعات بكركي واضحة من عنوانها؟