بحسب اسرائيل...حزب الله يواجه "إنقلابا شيعيا" غير مسبوق

رصدت دوائر تقدير الموقف في واشنطن وتل أبيب تحوّلات مفصلية في الوضع السياسي والعسكري لحزب الله في لبنان، خاصة بعد ما وصفته بـ"الانقلاب الشيعي".

وأشارت إلى أن "الخطاب الأخير لقائد الحزب نعيم قاسم، أحدث انقلاباً شيعياً غير مسبوق ضد الميليشيا، ووضع المسمار الأخير في نعشها".

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن "التقديرات  تختلف عن الصورة التي يرسمها الإعلام التقليدي حول قدرات حزب الله، إذ بدت الدوائر الأمنية في إسرائيل والولايات المتحدة "أكثر تفاؤلًا" عند تقييم ما يجري في لبنان". 

"المفاجأة الكبرى"
ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم، إن "إسرائيل والمنطقة تمران، حاليًا، بمفترق طرق تاريخي فيما يخص لبنان، وأن هناك مؤشرات إيجابية تنبثق من منظور إسرائيلي وأمريكي؛ ويستند هذا التقييم بشكل رئيس إلى رد فعل الجمهور اللبناني، بما في ذلك داخل الطائفة الشيعية، على الرسالة المفتوحة الأخيرة التي وجهها أمين عام الحزب، نعيم قاسم، إلى القيادة اللبنانية ووسائل الإعلام في البلاد".

وفي هذه الرسالة الجريئة، ادعى قاسم، نيابة عن حزبه، الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار المعلن قبل عام ونصف، لكنه حذّر من أن مطالبة الحزب بنزع سلاحه، ونية حكومة بيروت التفاوض مع إسرائيل، لن تسهم إلا في إضعاف لبنان. علاوة على ذلك، هدد قاسم بأن "حزب الله" غير مستعد للتنازل عن "حق المقاومة"، وغير ملزم بالامتثال لتوجيهات الحكومة في مسائل الحرب والسلم، بحسب الصحيفة.

وجاءت الرسالة بعد هجوم الجيش الإسرائيلي بعنف على لبنان، وبعد تصريح الرئيس جوزيف عون بأنه "لا خيار أمام بلاده سوى إجراء محادثات مباشرة مع إسرائيل".

إلا أن المفاجأة الأكبر تمثلت في رد فعل شخصيات معروفة ومحترمة في المجتمع الشيعي اللبناني، التي نشرت بيانات إدانة وانتقادات لاذعة للخط المتمرد الذي قرر "حزب الله" اعتماده، مؤخراً، بدعم وتحريض من جانب إيران.

ووفقًا للصحيفة العبرية، نشرت الشخصيات، التي تنتمي إلى معارضة متنامية داخل الطائفة الشيعية لـ"حزب الله"، مقاطع فيديو دعت فيها صراحة أبناء الطائفة، التي أصبحت الأغلبية في لبنان، إلى الضغط على الحزب لتغيير سلوكه وإتاحة ترتيبات جديدة، بما في ذلك نزع السلاح.

وانضمت إلى هذه الدعوة شخصيات وقادة رأي من طوائف أخرى في لبنان. 

حكومة أقوى
وبشكل عام، تشير مصادر موثوقة لـ"يديعوت أحرونوت"، إلى أن "الحكومة اللبنانية بقيادة العماد عون، تتمتع بنفوذ سياسي وعسكري أكبر من أي وقت مضى خلال العقود الأخيرة".

وعزت الصحيفة، توسع نفوذ الحكومة اللبنانية، إلى أسباب رئيسة لخصتها بما يلي:

أولًا: خلال القتال ضد الجيش الإسرائيلي، خارت قوى "حزب الله" من الناحية العسكرية إلى حد كبير، إذ خسر عناصره ومنظومات أسلحة رئيسة، وإيران لا تستطيع، ولن تستطيع، توفير الدعم اللوجستي والمالي له كما فعلت في الماضي.

ثانيًا: جميع مكونات المجتمع اللبناني - خاصة الطائفة الشيعية - منهكة ومتضررة بشدة من الحرب، وترى في الحكومة الجديدة فرصة لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية. ولا يزال "حزب الله" يتلقى مبالغ طائلة من إيران - ووفقًا لتقارير إعلامية دولية، حوّلت الجمهورية الإسلامية نحو مليار دولار إلى ميليشيا الحزب خلال عام 2025، لكن هذا المبلغ ليس كافيًا.

ويكمن سبب عدم كفاية المبلغ في اضطرار "حزب الله" إلى دفع رواتب شهرية لعائلات قتلاه، لا سيما بعد إضافة عشرات الآلاف من عائلات القتلى والجرحى إلى القائمة بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

وفي الوقت نفسه، تُشكّل إيجارات منازل العائلات الشيعية في جنوب لبنان، التي فرت من منازلها في القرى الحدودية وحوّلها الحزب إلى ما يشبه قواعد أمامية، عبئًا ماليًا إضافيًا.

ويتدفق اللاجئون من جنوب لبنان وعائلات عناصر الحزب القتلى كل شهر إلى فروع ذراع الحزب المالية "القرض الحسن"، والتي تعرّضت بعض خزائنها لهجمات الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، أما المتبقي فينضب المال فيها سريعًا.

إضافة إلى ذلك، تضيف الضربات الإسرائيلية لمحاولات "حزب الله" تعزيز قوته مزيدًا من المعاناة للطائفة الشيعية ولبنان بشكل عام، خاصة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، مما يسبب اضطرابات في البلاد.

ثالثًا: جميع الأطراف القادرة على استثمار المليارات في إعادة إعمار لبنان تنتظر الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي لن يمنحه إلا بنزع سلاح "حزب الله".