بدء الجولة الرئاسية الأولى... اين بري من ذلك؟

دخلت القوى السياسية والكتل النيابية في الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية التي تتمثل في لعبة جس النبض عند الافرقاء المعنيين. 

ولا يغيب حلم الوصول الى قصر بعبدا عن دغدغة مشاعر الكثيرين من وجوه الموارنة ولو من المغمورين منهم. وفات هؤلاء ان شخصيات راحلة واكثر منهم شعبية وقدرة وتأثيرا لم تستطع بلوغ هذا الحلم. وأبلغ مثل على ذلك "مشوار" العميد ريمون اده حيث لم تسمح له المعطيات الداخلية وظروف الاقليم والعواصم المؤثرة بتحقيق هذه الامنية التي راودته الى يوم وفاته.

ومن غير المستغرب ان تدخل بكركي بقوة على خط الرئاسة انطلاقاً من نقطتين: الاولى تتمثل في المنصب الماروني الاول في الدولة وخشيتها من دخول البلد في فراغ رئاسي على غرار ما انتهت اليه ولاية الرئيس ميشال سليمان، وهي تريد وتعمل وتشجع على حصول الانتخابات في موعدها الدستوري وعدم الوقوع في شر التأجيل وتهديد مؤسسات البلد غير القادرة على الاستمرار. ولذلك يضع البطريرك بشارة الراعي مواصفات للرئيس المقبل من دون ان يتبنى اي اسم وهو يعتقد انها متوافرة في اسم يكون قادراً على قيادة سفينة الدولة المهددة بالغرق. وثمة من ينبه هنا من النخب المسيحية والمجربة الى أن الرئاسة اذا رست على اسم ما فيجب ان يكون مشبعاُ بالمعرفة السياسية وبتاريخ البلد واحواله، وانه لا يمكن الاكتفاء بالشق التقني او المهني لهذا الشخص لأنه سيقود دولة وليس شركة ليتمكن من تحقيق مشروع اصلاحي في البلد تنادي به الكنيسة المارونية ومعظم الجهات.

وبعدما دخل الجميع في الجولة الاولى، أقله في الملعب المسيحي، فان باسيل لن يتراجع او لن يسلّم بانه خارج هذا السباق وهو يملك كتلة نيابية وازنة. وعندما يتأكد من ان الطريق الرئاسية مسدودة امامه، سيفتش عن خيار ثان قد يبدأ بالقبول بفرنجية وينتهي باسم آخر. ويكون قد تم الدخول هنا في الجولة الثانية عند كل فريق.

وثمة من يعتقد انه ليس سهلاً على باسيل ان يسلم برئيس "تيار المردة" الا بتدخل كبير من "حزب الله" الذي يدرك جيدا أهمية الموازين الدولية التي يحتاج اليها لبنان في هذا التوقيت. ويعرف الحزب من دون ان يعلن عن هذا الامر ولو بالاشارة، ان حظوظ فرنجية أكبر من فرصة باسيل. ويشكل نواب "اللقاء الديموقراطي" هنا بيضة القبان في ظل هذا التوازن بين الفريقين البرلمانيين. وفي المناسبة، فان هذا النوع من الجولات مارسها اقطاب موارنة الى حين انتخاب الرئيس الياس سركيس عام 1976، مع التسليم بان اللعبة السياسية آنذاك كانت تُلعب برقيّ، ومن يشكك بهذا الحكم فليقرأ مذكرات الرئيس صائب سلام.

أين بري؟
في زحمة كشف اوراق رؤساء الكتل والمرشحين والمسوّقين وحماسة بكركي لاجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده، يراقب الرئيس نبيه بري - علاقته فاترة مع الراعي- المشهد من عين التينة حيث لم يفاتح اي جهة بموقفه من هذا الاستحقاق المنتظرعلى قاعدة "حلول كل شيء في أوانه". ويترك لجميع اللاعبين ليخرجوا ما عندهم ثم يقول كلمته في هذه المعركة التي تتطلب شخصية استثنائية وتسووية من الدرجة الاولى.