برّي وميقاتي يسهِّلان تمويل الفيول: كعكة الكهرباء ستصل فتاتاً

يعمل الرئيسان نبيه برّي ونجيب ميقاتي على تسهيل حصول مؤسسة كهرباء لبنان على دولارات من مصرف، لبنان لشراء الفيول وتشغيل المعامل والإتيان بتغذية بمعدّل يصل إلى 10 ساعات يومياً. على أن العقبة هي إقناع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتأمين الدولارات وقبول تسديدها لاحقاً من ليرات الجباية، على سعر منصة صيرفة.

من جهته، يشترط الحاكم تشريعاً قانونياً من مجلس النواب. وميقاتي أعلن التوصّل مع برّي، لصيغة لتمويل الشراء، لم تُكشَف تفاصيلها بعد. ومع ذلك، لم يُزِل الرئيسان العقبات الأساسية التي تعرقل تأمين التغذية، وتلك التي تضمن الإدارة السليمة للأموال المجباة واستعمالها في تأمين استدامة شراء الفيول وتمويل أعمال الصيانة. والاحتمالات المتروكة للمجهول، تسهِّل حَجب الدولارات عن مؤسسة الكهرباء ومصرف لبنان والرأي العام، وتحويلها نحو شركات مقدّمي الخدمات، وتالياً، تهديد عملية شراء الفيول.

اتفاق شفهي
تكشف مصادر متابعة للملف، في حديث لـ"المدن"، أن ما جرى تداوله بين برّي وميقاتي، بقي ضمن إطار التسهيلات الشفهية. ولم يقدّم الطرفان ركيزة قانونية يستند إليها سلامة لحماية الدولارات المدفوعة. ولذلك يصرّ الأخير على تأمين الدولارات عبر استبدالها مباشرة بالمبالغ المالية المتوفّرة من مؤسسة الكهرباء، عند موعد التبديل. لكن، ولضرورات تأمين الكهرباء، تشير المصادر إلى مَيل الحاكم لتليين موقفه، وتأمين الدولارات بكميات أكبر مما قد تأتي به المؤسسة، لأن حجم الجباية الموعودة، غير مضمون. وقد يوافق الحاكم إذا وَعَدَ برّي وميقاتي بتوجيه أموال الجباية نحو دولارات المركزي. لكن المصادر تؤكّد أن الرئيسان لا يُدركان حجم الخلل الحاصل على أرض الواقع في مؤسسة كهرباء لبنان وشركات مقدّمي الخدمات، ما يتيح للجهة السياسية المتحكّمة بالمؤسسة والشركات، الاستفادة من التمويل في غير محلّه، ويكون برّي وميقاتي استجلبا، من دون قصد، تمويلاً سياسياً بَدَلَ الخدماتي العام.

ولسدّ هذه الثغرة، على الحاكم التمسّك بخيار الغطاء التشريعي الذي يبدو بعيد المنال.

الشركات تعزّز موقعها
يراهن مقدّمو الخدمات ومّن يغطّيهم سياسياً، على عامل الوقت الذي قد يدفع الرأي العام لقبول أي حلّ يأتي بالكهرباء، وإن بهدر الدولارات. وقد يُقبَل هذا العذر إن كانت التغذية الموعودة ستتحقَّق. لكن ما سيحدث، بنظر المصادر، هو استحداث باب جديد لمقدّمي الخدمات لمراكمة الأرباح بالدولار، ولتسديد بعض من التزاماتها تجاه مورِّدي المعدّات. وأيضاً، تسدّد كهرباء لبنان جزءاً من التزاماتها. وبذلك تُطفىء الشركات ومؤسسة الكهرباء جزءاً من ديونهم بدولارات المركزي، مع الاستفادة من غطاء سياسي للتنصّل من تأمين الليرات الكافية لتغطية السلفات الدولارية.

وتدعم المصادر موقفها هذا، بوقائع تعزّز موقع الشركات من دون ضمان سلامة الجباية، مثل استبدال الرسم على الفاتورة بمعزل عن حجم الاستهلاك، بالرسم على الاستهلاك نفسه، ما يدرّ أموالاً إضافية للشركات. فضلاً عن وقائع أخرى ترتبط بفوضى تركيب العدادات وإدارة غرف التحكّم... وما إلى ذلك.

لكن الأهم بالنسبة للمصادر، هو محاولة الشركات الاستحصال على حق طباعة الفواتير عوضاً عن مؤسسة الكهرباء. وإذا تحقّق الأمر، تصبح المؤسسة خارج لعبة الكهرباء، وتفقد بالتوازي، قدرتها على التحقق من صحة الفوترة والجباية. على أنّ الحاجة للغطاء القانوني، تمنع حصول ذلك في المدى القريب.

لا تغذية 10 ساعات
يعتقد الرئيسان أنهما يقدّمان هدية إيجابية للشعب اللبناني. لكنهما يغفلان عن حقيقة استحالة ضبط التوزيع في حال زادت التغذية وفق ما هو مرسوم. فالشركات والمؤسسات الضخمة المستفيدة من سرقة الكهرباء، ستكافح للحفاظ على مكتسباتها التي يفوق حجمها ما يستهلكه المتسلّقون على أسلاك الكهرباء في المناطق الفقيرة.

كما أن المستفيدين من تأخير توريد الفيول لكسب البنود الجزائية من كهرباء لبنان، سيسارعون لإيقاف الزمن عند مصالحهم. وقيمة البنود ستُدفَع مما قد يفرج عنه مصرف لبنان. وهذه الحالة ليست غريبة، فالكثير من البواخر أُخِّرَت عمداً في البحر بذريعة عدم اكتمال الشروط الإدارية والقانونية لدفع التمويل قبل التفريغ، ودفعت الدولة قيمة الغرامات.

تختم المصادر، بأن ما سيُدفَع قد يجلب شحنة أو اثنتين من الفيول، لتبدأ بعدها "معزوفات" التعطيل والمماطلة والتسويف، فتنعدم القدرة على ملاحقة مسار تمويل شحنات الفيول. وبالتوازي، تنعدم الكهرباء أو تنحصر، في أحسن الأحوال، ولفترة وجيزة، بما لا يزيد عن ساعتين يومياً، مع تفاوت التوزيع.