المصدر: الجمهورية
الخميس 18 كانون الثاني 2024 07:13:28
حال السياسة في لبنان لا تعدو أكثر من تقطيع وقت، وثمّة تسليم عام لدى المستويات السياسية على اختلافها بأنّ كل الملفات الداخلية مؤجّلة حتى ما بعد جلاء الصورة في المنطقة، ما يعني بقاء هذا البلد محبوساً في مربّع الانتظار الى أجل غير مسمّى.
على انه في موازاة هذا الإنتظار يبدو المشهد الداخلي مضبوطاً من جهة، على إرباكات ضاربة كل المفاصل، وشعور عام بانعدام فرص التفاؤل في بلوغ نوع من الانفراج في المدى المنظور. ومن جهة ثانية، على صورة فاضحة تبرز حقيقة انّ تطورات المنطقة عَرّت ديوك الانقسام السياسي، وأعطَت لكل منهم حجمه الطبيعي وأكدت بما لا يقبل أدنى شك أن لا مكان لهم في القضايا الكبرى، وكشفت حقيقة السياسات والنوايا والغايات التي يُعبّر عنها بالصياح من خلف المنابر وعلى الشاشات وبَث السموم والشحن السياسي وغير السياسي وعوامل التفرقة وإشهار العداوات وتعميق الاصطفافات على مواقع التواصل الاجتماعي.
فرص التحصين معدومة
كان يمكن للواقع اللبناني الّا يُصاب بهذا التحلل، على ما يقول مسؤول كبير لـ»الجمهورية» في معرض توصيفه للمشهد الداخلي، «المخاطر تتراكم على البلد من كل الاتجاهات، والمُفجع انّ المناعة الداخلية مفقودة. فاصِل الخلل، لا بل المرض الذي يعانيه لبنان هو من الداخل، لو نَزلت اطراف السياسة في لبنان الى ارض الواقع، وقاربت اللحظة المصيريّة التي تعيشها المنطقة ومن ضمنها لبنان، بما تتطلّبه من خطوات تحصينيّة عاجلة لوضعنا الدّاخلي. وأولى هذه الخطوات المُسارعة إلى صياغة توافق على انتخاب رئيس للجمهورية كمقدمة لإعادة انتظام الحياة السياسية المعطلة، ولكن لا أمل بحل يُرجى مع عقليات يحكمها الحقد على البلد».
بري جاهز بشرط ...
وسط هذه الأجواء، تؤكد مصادر عين التينة لـ»الجمهورية» انّ رئيس المجلس نبيه بري وجّه دعوة مباشرة الى كل الاطراف المعنية بالملف الرئاسي، بأنّ «الظرف الحالي الذي تمر به المنطقة وما استتبعَه من تطورات على الجبهة الجنوبية، يوجِب ان نَتلقّف الفرصة لتحصين البلد وانتخاب رئيس الجمهورية، وهو على جهوزية دائمة لأيّ تحرّك من شأنه أن يكسر حلقة التعطيل، والشرط الاساس لذلك هو تجاوب كل الاطراف واستعدادهم لحسم الملف الرئاسي والتوافق على انتخاب رئيس».
وتلفت المصادر الى أنّ بري لا «يغيّب الملف الرئاسي عن لقاءاته التي يجريها، خصوصاً في محادثاته مع الموفدين والسفراء حيث يقارب هؤلاء موضوع الرئاسة من زاوية الضرورة المُلحّة للتعجيل بحَسمه وانتخاب رئيس، والرئيس بري يرحّب بأيّ مسعى خارجي يرمي الى إنهاء الازمة الرئاسية، وضمن هذا التوجّه بادرَ الى تشجيع القطريين على استئناف مسعاهم».
واذ اشارت المصادر الى وجود مرشح واحد حالياً مُعلن بشكل رسمي، هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فيما الآخرون لم يحسموا ترشيحاتهم بعد، خَلصت الى التأكيد على جهوزية الرئيس بري للدعوة فوراً الى جلسة انتخابية اذا ما لمس استعدادا صادقا من قبل الاطراف لتأمين نصاب انعقاد الجلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، وهو في هذا السبيل أكد دعمه ومباركته لكل الحراكات التي تسعى الى تحريك المياه الرئاسية الراكدة، سواء عبر تحرّك النائب غسان السكاف الذي قال انه سيتحرّك بمبادرة جديدة، او تحرّك نواب الاعتدال الذين قالوا انهم بصدد تسويق مبادرة في هذا الخصوص».
المسعى القطري
الى ذلك، وفي موازاة اللقاء الذي عُقد في دافوس بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أكدت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية» عَزم قطر على استئناف حراكها حول الملف الرئاسي اللبناني، وانّ الموفد القطري ابو فهد جاسم بن فهد آل ثاني سيقوم بزيارة الى بيروت في القريب العاجل، من دون ان تحدد مصادر المعلومات موعداً معيناً لهذه الزيارة.
يأتي ذلك في وقت لم تبرز فيه أي معطيات ايجابية ملموسة تؤشّر الى امكان حسم الملف الرئاسي، وابلغت مصادر رسمية مواكبة للحراكات الخارجية الى «الجمهورية» قولها: انّ المستويات السياسية في بيروت لم تتبلّغ أي موعد لزيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت.
اضافت: ربما يأتي الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في زيارة جديدة، ولكن بالنسبة الى ما يتعلق بلودريان فقد سمعنا عن زيارته في الاعلام وفق ما نقل عن السفير الفرنسي، وسمعنا ايضاً انّ اللجنة الخماسية ستجتمع، لكنّنا لا نعرف اين ستجتمع، ومتى، كما لا نعرف ما اذا كان في برنامجها أصلاً زيارات لموفدين عنها الى لبنان. في كل الاحوال كل جهد خارجي مساعد مُرحّب به بالتأكيد».
ولدى السؤال عن تَرَدّد مبادرة جديدة سيحملها معه لودريان لتحريك الملف الرئاسي؟ قالت المصادر: قبل الحديث عن مبادرات يجب أن نتأكد أوّلاً إن كان سيأتي او لا، وبإسم من سيأتي هل باسم الدولة الفرنسية او ممثلاً للجنة الخماسية او باسمه الشخصي او في زيارة استطلاعية على غرار زياراته السابقة؟ حتى هذه اللحظة، لم نتبلغ رسمياً بحصول الزيارة، وبالتالي لا مواعيد محددة. وبالتالي كل ما يُحكى حول هذه الزيارة ما زال في اطار الكلام.