بعدما طُبّقت لمصلحة سوريا... ما مصير الاتفاقيات المشتركة بعد سقوط النظام؟

بعد سقوط النظام في سوريا، تقدم إلى الواجهة ملف الإتفاقيات المعقودة مع لبنان منذ نحو 35 عاما. فهل تستمر أم أنها قابلة للتعديل أو الإلغاء؟ وكيف تم تطبيقها خلال الفترة السابقة؟ وما وجهة النظر القانونية؟

وقّع لبنان وسوريا أكثر من 40 اتفاقية تحت عناوين مختلفة، منها اتفاقية التعاون والأخوة بين البلدين، إضافة إلى تنظيم العلاقات في أكثر من مجال، على الرغم من عدم إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين.


أجاز مجلس النواب للحكومة الانضمام إلى اتفاقية "معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين الجمهورية اللبنانية والجمهورية العربية السورية" الموقعة في دمشق في تاريخ 22 أيار 1991، بموجب القانون الرقم 57 الصادر في 29 أيار من العام نفسه.
ونصت المعاهدة في مادتها الأولى على أن "تعمل الدولتان على تحقيق أعلى درجات التعاون والتنسيق بينهما في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والعلمية وغيرها، بما يحقق مصلحة البلدين الشقيقين في إطار سيادة كل منهما واستقلاله، وبما يمكّن البلدين من استخدام طاقاتهما السياسية والاقتصادية والأمنية لتوفير الازدهار والاستقرار ولضمان أمنهما القومي والوطني وتوسيع مصالحهما المشتركة وتعزيزها، تأكيداً لعلاقات الأخوة وضماناً لمصيرهما المشترك".


وجاء في مادتها الثانية أن "تعمل الدولتان لتحقيق التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات الاقتصادية الزراعية والصناعية والتجارية والنقل والمواصلات والجمارك وإقامة المشاريع المشتركة وتنسيق خطط التنمية".


وفي مادّتها الثالثة أنّ "الترابط بين أمن البلدين يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سوريا، وسوريا لأمن لبنان في أي حال من الأحوال. وعليه فإن لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً أو مستقراً لأي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن سوريا. وإن سوريا، الحريصة على أمن لبنان واستقلاله ووحدته ووفاق أبنائه، لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته".

ولكن هل تم تطبيق تلك المواد بما يتناسب مع مصلحة لبنان؟

يأخذ معارضو النظام السوري المخلوع على الحكومات المتعاقبة عدم مراعاة مصلحة لبنان في تلك المعاهدة، ويرون ضرورة إعادة النظر فيها على قاعدة تحقيق المصلحة اللبنانية.
ففي المجال الاقتصادي على سبيل المثال، كانت الكفة تميل لمصلحة سوريا نظرا إلى كثافة عدد العمال السوريين في لبنان، وعدم وجود استثمارات لبنانية في سوريا.
هذا نموذج صغير.
أما في مجال التعاون القضائي، فلم يتم العمل بكامل بنود المعاهدة، ولم يسلّم المسجونون في سوريا إلى لبنان، ولا قُدّمت إيضاحات في شأن المخفيين قسرا في سوريا.
يوضح المحامي والأستاذ الجامعي والباحث السياسي الدكتور عادل يمين لـ"النهار" أنه "في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية للدولتين، فإن المعاهدة المذكورة عالجت الموضوع في مادّتها الخامسة التي نصّت على أن تقوم السياسة الخارجية العربية والدولية للدولتين على مبادىء احترام ميثاق الجامعة العربية، ومعاهدة الدفاع العربي ومساندة كل دولة للثانية في القضايا المتعلقة بالأمن والمصالح الوطنية".

أما بالنسبة إلى مصلحة لبنان، فيرى يمين أنّ "هذه الاتفاقيات من حيث المبدأ يُفترض أن تكون لمصلحة لبنان وسوريا معاً، شرط تطبيقها بطريقة متوازنة، ولكن ذلك لا يمنع من إجراء مراجعة لها وفقاً للأصول، خصوصاً في بعض المجالات التي قد تحمل إجحافا في حق لبنان مثل ما يتصل بمياه نهر العاصي.
ويستطرد أنه "خلال مرحلة الوصاية السورية على لبنان تمّ تطبيق الاتفاقيات لمصلحة سوريا بحكم هيمنتها على الحكومات اللبنانية المتعاقبة. وبعد خروج الوصاية عام 2005 ساد التوتر وأحياناً القطيعة بين البلدين، ما يعني أنه لم يتمّ اختبار الاتفاقيات في أجواء سليمة وفي ظروف استقلال كلّ من البلدين وحريته وسيادته".

وعن إلغاء الاتفاقيات أو تعديلها، يقول يمين: "بحسب أحكام القانون الدولي العام، يتمّ ذلك وفق أحكام المعاهدة نفسها أو باتفاق الدولتين المتعاهدتين".