المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الأربعاء 10 كانون الاول 2025 13:57:57
تظهر الضربات الجوية التي نفّذها الجيش الإسرائيلي ليل 8 كانون الأول في أقليم التفاح شمال نهر الليطاني أن المواجهة مع "حزب الله" تتجه نحو مرحلة أكثر تركيبًا، حيث لم تعد تستهدف فقط المواقع الظاهرة، بل تمتد إلى البنية التحتية غير المرئية التي تعد جوهر القوة العملانية للحزب.
فبحسب معهد "الما" الإسرائيلي، أصابت الغارات مواقع تدريب تابعة لوحدة "الرضوان"، ومنصات إطلاق صواريخ، إضافة إلى منطقة يصفها المعهد بأنها تضم شبكة نفقية واسعة يصنفها الجانب الإسرائيلي كبنية استراتيجية ضمن مشروعه المعروف بأرض الأنفاق، وهي شبكة تشير الأدلة إلى أن بعض مقاطعها تمتد لعشرات الكيلومترات في تضاريس معقدة صممت خصيصًا لتأمين القدرة على المناورة والصمود في حال اندلاع مواجهة واسعة.
هذه الضربات، بما تحمله من دلالات استخباراتية وعسكرية، أعادت فتح ملف أوسع وأكثر حساسية، بالتالي إذا كانت الأنفاق المنتشرة بين النبطية وجزين والجنوب تعد عقدة أساسية في بنية الحزب، فماذا عن البقاع الذي لطالما كان امتدادًا خلفيًا للحزب، وعرف تاريخيًا بأنه مسرح تخزين وإمداد وتحرك بعيد عن أعين الرصد المباشر؟
مصادر أمنية تحدثت إلى kataeb.org تكشف أن البقاع ليس تفصيلاً جانبيًا في هذا السياق، بل واحدًا من الملفات الثقيلة التي تخضع لتقييم هادئ بين الأجهزة اللبنانية وشركائها الدوليين، فهناك، بحسب هذه المعلومات، ممرات وأنفاق ومراكز تحت الأرض تستخدم لأغراض لوجستية، وأخرى مرتبطة بخطوط الإمداد الحيوية التي تربط الداخل اللبناني بالحدود السورية، وهي بنية تجعل المنطقة أشبه بالجهاز التنفسي للحزب في أي مواجهة طويلة.
وتضيف المصادر أن هذا الملف بات جزءًا من النقاش المرتبط بخطة الجيش التي لا تزال في مراحلها التقنية الأولية تتعلق بالانتقال لاحقًا إلى مسارات أكثر تقدمًا في معالجة السلاح غير الشرعي، في إطار رؤية متراكمة لا يجري الإعلان عنها عمومًا، لكنها حاضرة بقوة في دوائر القرار.
أهمية البقاع في الحسابات الإسرائيلية لا تعود فقط لطبيعته الجغرافية المؤاتية للحفر والاختفاء، بل لكونه يشكل عمقًا استراتيجيًا يمنح الحزب القدرة على إعادة التموضع والنقل والإمداد بعيدًا عن خطوط النار، فالمساحات الواسعة، والامتداد الجبلي، والقرب من الحدود السورية، تمنح أي بنية تحت أرضية في المنطقة وزنًا مضاعفًا مقارنة بالشبكات الموجودة جنوبًا.
وهذا ما يفسر بحسب المصادر عينها اهتمام إسرائيل المتزايد بما يصنف على أنه البنية الخلفية لمنظومة الصواريخ والقدرات النوعية التي يمتلكها الحزب، والتي يعتبرها الإسرائيليون عنصرًا مهددًا في أي سيناريو حرب شاملة.
وفي هذا السياق تبدو الضربات في أقليم التفاح بمثابة إشارة مبكرة إلى تحول في قواعد الاشتباك، إذ تُظهر أن إسرائيل باتت مستعدة لاستهداف ما تعتبره مواقع محصنة خارج نطاق العمليات التقليدية جنوب الليطاني، في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تفكيك الشبكات لا المواقع، والبنى العميقة لا المنشآت السطحية، فالأنفاق، بخلاف المراكز التدريبية، تحتاج سنوات من البناء وتوظيف تقنيات متقدمة، ما يجعلها هدفًا ذا قيمة استراتيجية عالية، وكشف جزء منها قد يعني بالضرورة السعي لكشف ما بعدها.
هذا كله يفتح الباب أمام سيناريو حساس، هل ينتقل التصعيد تدريجيًا نحو البقاع في مرحلة مقبلة؟ وفي المقابل، فإن أي تحرك لبناني داخلي نحو إعادة تنظيم الوضع العسكري غير الشرعي سيصطدم حكماً بالطبقات المعقدة التي راكمها الحزب في تلك المنطقة، فوق الأرض وتحتها.