بعد استقالة نائب الرئيس...نعمة يكشف الكثير من المخالفات فالى اين تتجه الرابطة المارونية؟!

في وقت يفترض فيه ان تكون الرابطة المارونية صلة الوصل والجمع بين ابناء الطائفة، يبدو انها تعاني من الانقسام ذاته الذي يعانيه المجتمع وتحديدا المجتمع الماروني، وذلك يعود بالدرجة الاولى الى اداء رئيسها نعمه الله ابي نصر الذي يقدّم رأي حزب على ما سواه من اراء وايضا على مصلحة الرابطة...

وهذا الأداء دفع بنائب الرئيس البروفسور مطانيوس الحلبي الى تقديم استقالته منذ نحو اسبوع، معللا الاسباب بالمخالفات التي ارتكبت في الرابطة وتحييدها عن مسارها الطبيعي وتجاوز الرئيس كل الانظمة والاعراف والقوانين المرعية الاجراء منذ تأسيس الرابطة، ورافضا بالتالي ان يكون شاهد زور على هذا الفشل. 

فماذا يجري في الرابطة المارونية؟!

يتحدث عضو المجلس التنفيذي المحامي جوزيف نعمه عن سلسلة مخالفات يرتكبها أبي نصر وتشكل انتهاكا للنظام الأساسي، من بينها، تفرّده بلقاء رؤساء الرابطة السابقين، واجتماعه مع رؤساء اللجان من دون دعوة مقرّريها، كلّ ذلك، من دون علم المجلس ومن دون موافقته، وبمطلق الأحوال، من دون جدول أعمال، وبالتالي من دون أيّ سبب موجب. وما كان آخرها استقالة الحلبي، حيث كان يفترض به ان  يدعو المجلس التنفيذي الى اجتماع طارئ، فاستقالة نائب الرئيس ليست حدثا طبيعيا، ليس لها سابقة باستثناء استقالة الاستاذ توفيق معوض من المجلس السابق.

واوضح نعمه ان  المجلس التنفيذي منذ 4 اشهر ابقى اجتماعاته مفتوحة وبالتالي امكانية دعوته الفورية ممكنة في اي ساعة خصوصا اذا كان جدول الاعمال طارئ واستثنائي كاستقالة نائب الرئيس، وهذا ما لم يحصل، لان ابي نصر يعتبر "انه ارتاح من احد معارضيه"، ويعتقد انه سيدعو الى انتخابات فرعية.

ولكن هنا لا بد من الاشارة الى ان المجلس التنفيذي هو صاحب كل الصلاحيات من دون استثناء في الرابطة المارونية، وهو مصدر السلطات فيها، بمعنى ان صلاحيات الرئيس محدودة جدا، تبقى تحت سقف المجلس التنفيذي، بمعنى ان الرئيس ينفّذ ما يوكل اليه من قبل المجلس التنفيذي وان كان الناطق باسم الرابطة والموقع عنها. 

مهمات محدودة

ولفت نعمه الى ان ابي نصر غالباً ما يختزل المجلس التنفيذيّ بهيئة المكتب الاداري (المؤلفة من الرئيس ونائب الرئيس والامين العام وامين صندوق). إلا أنّ هذا المكتب، الذي يتبع بنيوياً للمجلس التنفيذي لا للرئيس، له مهمات محدودة عدّدها النظام، تنحصر بمتابعة سير الاعمال والتحضير لاجتماعات المجلس التنفيذي. وقال نعمه : إن ابي نصر يستعمل هيئة المكتب الاداري كأداة شخصيّة له متسلحاً ببعض من أتباعه فيه، باستثناء نائب الرئيس طبعاً، والذي يمعن ويتمادى في تهميشه وتهميش دوره وموقعه، وإبعاده وتغييبه وتجاوزه الى حد الاهانة الشخصية كون نائب الرئيس المستقيل، يخالف إبي نصر الرأي في غالبيّة مواقفه وقراراته، وهو دائما يسجل الاعتراضات على مخالفاته لأحكام النظام الداخلي. 

وإذ شدد على ان رئيس الرابطة ليس لديه اي صلاحية استنسابية ولا نظامية، اكّد على أنّ المجلس التنفيذي هو مصدر جميع السلطات، يرسم سياسة الرابطة، ويتخّذ قراراتها دون سواه. أما الرئيس، فهو يمثل الرابطة في إعلان وتلاوة وتنفيذ قرارات المجلس وليس له أيّ صلاحيّة في اتخاذ أيّ موقف سوى بما يكلّفه به المجلس. وانتقد نعمه الزيارات التي يقوم بها ابي نصر الى المقامات، حيت يستبق قرارات المجلس، فيبادر إلى طلب المواعيد أو أخذها، ثم يبلّغ المجلس تلك المواعيد بدل ان يحصل العكس،  اي أن يتخذ المجلس القرار بزيارة هذا المسؤول او ذاك، ثم يحدد النقاط التي يجب اثارتها حتى إذا ما وافق المجلس، يطلب عندئذ تعيين المواعيد.

ومن الامثلة على ذلك، الزيارات المتتالية التي قام بها "وفد الرابطة" الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، التي تحصل دون تنسيق مسبق ودون جدول اعمال.

بين بعبدا وبكركي

وفي هذا السياق، شدد نعمه على تمسّكه بموقع رئاسة الجمهورية ووجوب احترام هذا المقام الأوّل، لا بل أنّ الرابطة مؤتمنة عليه أياً كان شاغله. إلا أنّ هذا لا يمنع طبعاً معارضة مواقف رئيس الجمهورية اذا كان أداءه يتعارض مع دوره وصلاحياته أو مع الدستور والقوانين والاعراف .

وقال: لقد حصلت 3 زيارات الى قصر بعبدا دون اي جدوى، مع العلم أنّه يفترض في مثل هذه الزيارات أن تحصل لاهداف معيّنة، من ابرزها التزوّد برأي أو بتوجيهات رئيس الجمهورية، مثلاً ، أو إعلام صاحب الفخامة بموقف أو بمشروع أو بمبادرة تريد الرابطة الاضطلاع بها.

وأضاف نعمه: إلا أنّه تبيّن بأنّ هذه الزيارات لم تكن إلا لتعويم الذات او لغاية شخصيّة، او بناء على طلب. لكنّ هذا ليس هو واقع الرابطة. فالأخيرة أبصرت النور منذ عقود لتجميع وكوكبة النخب المارونيّة المتنوّعة، يتمثل فيها جميع الموارنة ايا تكن اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية. وبالتالي، فإنّه يتعيّن عليها وعلى رئيسها  ان يكونوا في الوسط، وان يضطلعوا بدور تقريب وجهات النظر وايجاد الارضيات المشتركة للحوار والتلاقي في ما بينهم. وتابع: لكن ابي نصر ينفّذ اجندة "حزب معين" دون الاحزاب الاخرى ودون الموارنة كلهم.

وسئل ماذا عن العلاقة مع بكركي، ايضا سجل نعمة تحفظاته، قائلا: عندما كان موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مؤيدا لطرف معين، كان وفد الرابطة يزوره بشكل دوري. ولكن حين اتخذ الراعي الموقف الوطني الموضوعي والتاريخي لموقع بكركي، نأت الرابطة بنفسها عنه واصبحت الزيارات قليلة جدا، وبكل الاحوال خالية من اي مضمون.

الانتفاضة وكورونا

وفي السياق عينه انتقد نعمه تعاطي رئيس الرابطة مع الانتفاضة الشعبيّة العارمة، قائلا: لم يتخذ المجلس، بضغط من أبي نصر، اي موقف متعاطف أو مؤيّد أو  مشجع لهذا الحراك اللاهث وراء لقمة العيش، وفرصة العمل، والحظ بالطبابة والاستشفاء، ولم يرد ان يتدخل لان هناك جهة معروفة لا تؤيّده، لا بل تسعى إلى تقويضه. واضاف: ما حصل في 17 تشرين الاول كان خضة تاريخية، في حين ان الرابطة كانت غائبة كلياً.

كما سجل نعمه تحفظه على تعاطي الرابطة مع ازمة كورونا، مشيرا الى انه مع  وصول الوباء الى لبنان، تداعى اعضاء في المجلس التنفيذي  الى تأسيس لجنة استثنائية طارئة تقوم بجمع التبرعات وجمع الاغذية وتوزيعها على الأكثر حاجة بما يمكن هؤلاء  من مواجهة نتائج وتبعات هذه الجائحة.  وإذ بنا نفاجأ بين ليلة وضحاها بأبي نصر يعلمنا بأنه أسس منفردا ما اسماه "خلية طوارئ" ، مع العلم انه في النظام الداخلي لا شيء اسمه "خلايا أو هيئات" بل هناك  لجان متخصصة دائمة عددها 12، ولجان موقتة يؤسسها المجلس وينتخب أعضاءها ويحدّد مهماتها، شأنها شأن اللجان المتخصصة، تعمل تحت اشرافه المباشر ومراقبته وحده. فلا الرئيس يعينها، ولا هو يحدد مهماتها، ولا هو يشرف عليها.

واضاف: اما ابي نصر فقد تفرّد بتأليف اللجنة، وترأسها بنفسه.  وقد عملت  هذه "الخليّة" على جمع التبرعات، علماً انه يحق للرابطة جمع التبرعات لان ماليتها تقوم على الاشتراكات السنوية والتبرعات، لكن في المقابل لا يحق لأحد صرف الاموال والتصرف بها حتى لأسمى الغايات، إلا بموافقة المجلس التنفيذي وتحت اشرافه. ولكن الرئيس اراد ان يحصر كل المهام بيده حتى يتحكّم بكيفيّة توزيع الحصص الغذائيّة في الأماكن التي توائم مصالحه الشخصيّة.

وشدد نعمه على اننا لا نشك أبداً ولا نتهم ابي نصر واعضاء تلك الهيئة بإساءة الامانة، لكن في نهاية السنة المالية على المجلس التنفيذي ان يوافق على قطع الحساب وعلى ميزانية السنة المنتهية وعلى الميزانية التقديرية للسنة المقبلة، فكيف يمكنه ان يقطع الحساب لهيئة لم يكلفها ولم يشرف على عملها ولا على قيودها؟!

وقال: في مثل هذه الحال، تنعقد حكماً مسؤوليّة هيئة المجلس التنفيذي، المدنيّة وحتى الجزائية، بحيث لأي ذي صفة ومصلحة، ان يقاضي اعضاء المجلس التنفيذي، ويحمّلهم كامل المسؤوليات.

دعوات مخالفة

ومن المخالفات الفاضحة ايضا، وهي غيض من فيض، دعوة أبي نصر رؤساء الرابطة السابقين الاربعة  (الدكتور جوزف طربيه، الامير حارس شهاب، الامير سمير ابي اللمع والنقيب انطوان اقليموس) الى اجتماع في الرابطة، من دون علم  المجلس التنفيذي وقرار منه،  مع العلم ان رؤساء الرابطة حسب النظام هم اعضاء حكميين في هذا المجلس، يحضرون كل جلساته لكن من دون التصويت.

وفي هذا الاطار طلب ابي نصر من المدعوين إبقاء الاجتماع سرياً للغاية،  والامتناع عن تسريب أيّ شيئ للإعلام، لا شكلا ولا مضمونا. لكن في اليوم التالي لعقده، كان الخبر يتصدّر وسائل الإعلام، بالتفاصيل المملة.

ومن المخالفات أيضاً وأيضاً، دعا ابي نصر  رؤساء اللجان الـ 12 للاجتماع به في مقرّ الرابطة، متعمّداً في إهمال دعوة مقرّري هذه اللجان، الذين هم  حكما اعضاء حكميين في المجلس التنفيذي، وصلة التواصل والارتباط بين المجلس التنفيذي وبين اللجان. 

الانذارات

فانطلاقا من كل ما تقدم، ومن مخالفات ابي نصر المتمادية والمتكررة، ومن تعنته في ازدراء الصوت المعارض لسوء أدائه، اضطررت إلى أن أوجه اليه انذارات خطيّة، كان أولها عن طريق البريد المضمون الذي امتنع بطريقة ملتوية عن تسلّمه، الأمر الذي حدا بي إلى تبليغه بواسطة الكاتب العدل. واضاف: عندها بدأت المعركة بيني وبين ابي نصر الذي أغاظه ما اعتره تطاولاً على مقامه ومخاصمة لشخصه. مراح يرتكب الخطأ تلو الخطأ، في الشكل القانوني كما في المضمون والأساس.

وتابع، لكوننا أم الصبي، ولأننا لم نشأ أن يودي بنا الخلاف إلى الادعاء على رمز الرابطة أمام القضاء، كلف الدكتور جعجع احد نواب الحزب بإيجاد تسوية مع ابي نصر تأخذ بالاعتبار احترام الأصول القانونيّة وتصحح المسار بالطريقة الحبيّة، فحصل على أثر المفاوضات لقاء بيني وبينه توافقنا خلاله على تجميد مفاعيل الإنذارات بالوقت الحاضر، لا على الرجوع عنها كما كان يريد، ريثما نتثبّت من حسن ما اتفقنا عليه من وجوب التوافق واحترام أحكام النظام. لكن ابي نصر لم يلتزم بأيّ مما اتفقنا عليه، فاستمر بالعبث بالنظام الداخلي وباستنساب السياسة التي يريدها هو. 

جلسة الامس

وتابع نعمه: لكن رغم كل ذلك، تم تحديد جلسة للمجلس التنفيذي في 25 حزيران (امس)، وتبين لي بعد الاطلاع على جدول الاعمال انه لم يتضمن اي اشارة الى استقالة نائب الرئيس او انتخاب بديلا عنه، ولا آلية لتسوية الخلاف بيننا وبين رئيس الرابطة... فقررت ان اعتذر عن الحضور، لكن  دونت كل هذه المخالفات في كتاب وجهته الى ابي نصر، وطلبت من امانة السر توزيعه على المجتمعين وتلاوته. لكن ابي نصر "يلعب لعبته كالعادة"، فيترك الكتاب الى آخر الجلسة، بدل ان تتم تلاوته في بدايته. 

وقال نعمه: قد اكون بالنسبة الى ابي نصر مزعجا بالسهر على النظام ومحاولة فرض تطبيقه. 

الى اين تتجه الرابطة؟ اجاب نعمه ادعو كافة اعضاء المجلس التنفيذي الى تقديم استقالاتهم، معتبرا ان الرابطة في مكان والوضع السياسي  القائم راهنا في البلد في مكان آخر.

وختم: هذه الكارثة السياسية سيتبعها الكثير من التطورات وستؤدي الى مزيد من هجرة الشباب والفقر والعنف، في حين ان الرابطة لا تحرك ساكنا!