بعد تحديث اللقاح لمواجهة أوميكرون... هل سنحتاج إلى جرعات عدّة في السنة؟

كتبت كارين اليان في النهار:

بعدما تبيّن أن المناعة المكتسبة جراء تلقي اللقاح تتراجع بعد أشهر من الحصول على الجرعة الثانية، تبين أن الجرعة المعززة قد تكون حلّاً لا بديل عنه، فيما من المتوقّع أن يصبح لقاح كورونا موسميّاً كلقاح الانفلونزا الذي يتم تلقيه قبيل موسم الانفلونزا.

الجدل حول موضوع الجرعة المعززة مستمرّ والتسؤلات كثيرة بوجود آراء معارضة لفكرة تلقّي اللقاح ربما مرتين في السنة مع ظهور #متحورات جديدة.

حالياً باشرت الشركات المنتجة للقاح فايزر ومودرنا بالعمل على التجارب لإنتاج جرعة معززة للمناعة لمواجهة متحور #أوميكرون. السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه هو ما إذا سيكون ضرورياً تلقّي جرعة معززة للمناعة في كلّ مرة يظهر فيها متحور جديد؟
أظهر فيروس كورونا منذ بداية انتشاره أنه قابل للتحور تماماً كأيّ فيروسات أخرى، ما أدّى إلى ظهور متحورات عديدة في مراحل مختلفة من انتشاره من حوالى العامين إلى اليوم، ثم عادت واختفت بعد فترة. فوفق ما يؤكد الطبيب الاختصاصي في الامراض الجرثومية في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس الدكتور جاك شقير أننا شهدنا طفرات جينية وظهور متحورات لمختلف الفيروسات التي ظهرت عبر التاريخ كالانفلونزا وشلل الأطفال وغيرها، وكورونا هو من هذه الفيروسات التي تظهر لها متحورات في مراحل مختلفة ولا بدّ من التعامل معه على هذا الأساس.

"التسؤلات الكثيرة حول طبيعة اللقاح أو الجرعة المعززة غير مبررة، فمن من الناس يسأل ما تحتويه كافة اللقاحات التي تعطى لأطفالهم؟ لا بد من الوثوق بالعلم والاقتناع بأنّه قابل للتغيير بما يواكب التطورات الحاصلة والتي هي مستمرة مع ظهور معطيات جدية.

يشدد شقير على أن العالم كان في مرحلة ترقب لظهور حل يساعد على مواجهة هذا ال#وباء الذي حصد هذا العدد الهائل من الأرواح، ومن غير المبرر القيام بتحليلات لا أساس علميّاً لها مع ظهور اللقاح القادر على مواجهته.
هل تعتبر الجرعة المعززة للمناعة ضرورية اليوم؟

من بداية ظهور اللقاح، لم يتم التأكيد يوماً بأن جرعة واحدة ستكون كافية لتأمين المناعة الدائمة على الفيروس طوال الحياة. فالطفرات الجينية تحصل مع كافة الفيروسات إضافة إلى أن مناعة الجسم تلعب دوراً في تحديد ذلك أيضاً. يشدد شقير على أنه ثمة أشخاص يعانون أصلاً مشاكل في المناعة، كما أن كثيرين حول العالم لم يتلقوا اللقاح بعد ما يزيد من فرص انتشار الفيروس على نطاق أوسع وظهور متحورات جديدة. فالفيروسات عامةً تجد في هذه الطفرات الطريقة التي تتأقلم من خلالها وتؤمن استمراريتها ووجودها. وعليه، تجد الفيروسات السبيل للانتشار وتحصد المزيد من الأرواح ويعتبر اللقاح حلاً لمواجهتها، وإن بوجود آثار جانبية له أحياناً. فهذه الآثار الجانبية لن تسبب وفاة كما قد يفعل فيروس كورونا.

أما بالنسبة إلى متحور أوميكرون فلم تتضح الصورة بعد. فوفق ما تبين حتى اللحظة وما يلاحظ أنه قد يكون أخف من باقي المتحورات إنما ليس مؤكداً بعد ما إذا كان ذلك ناتجاً عن كونه خفيفاً فعلاً أو ما إذا كان اللقاح هو السبب في تراجع معدلات الدخول إلى المستشفى بالمقارنة مع ما كان يحصل مع المتحورات السابقة. المعطيات حول أوميكرون لا تزال قليلة ولا يمكن الجزم فيما يمكن القول إن الناس اكتسبت مناعة إما بسبب إصابة سابقة أو بسبب تلقي اللقاح.

يشير شقير إلى أن الدول التي لديها نسبة #تلقيح عالية، حتى مع متحور دلتا، لم تواجه ضغوطاً في المستشفيات والقطاع الصحي كما في تلك التي ينخفض فيها معدل التلقيح وهذا أمر محتم.

إنما المناعة هي أكثر تعقيداً بكثير مما يجري الحديث عنه ولا يمكن حصرها بالـIGG . هي في الواقع عملية مركبة ومعقدة وثمة معايير عديدة يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار وفحص المناعة الذي يجرى ليس معياراً للتأكيد ما إذا كان الشخص لا يعتبر عرضة للإصابة بالفيروس.

وفيما يشدد شقير على ضرورة التركيز على الكمامة يؤكد على أهمية اللقاح والجرعة المعززة كحل لمواجهة الوباء. فالشركات المنتجة للقاحات تعمل على تجارب مستمرة بما يواكب التطورات الحاصلة والمعطيات الجديدة مع الفيروس وهذا ما تفعله حالياً شركات كفايزر وموديرنا بالعمل على جرعة معززة لمتحور أوميكرون في تحديث للقاح الموجود أصلاً. حتى أن الشركات تعمل على تطوير علاجات للفيروس وللوقاية منه. المناعة تتراجع مع مرور الوقت ولا بد من الاعتماد على الجرعة المعززة لتعزيز المناعة المكتسبة على المتحورات السابقة وأيضاً لمواجهة المتحورات الجديدة.

لكن ليس هناك أي تأكيد حول ما إذا كان يجب الحصول على جرعة معززة للمناعة أكثر من مرّة في العام. ذلك لم يطرح كما يوضح شقير بانتظار ظهور المزيد من المعطيات. وحتى اللحظة من المتوقع أن يتم تلقي اللقاح سنوياً. ويمكن اليوم لمن تلقّى الجرعة الثانية من 6 أشهر أو أكثر تلقي #الجرعة الثالثة للحصول على حماية بنسبة 90 في المئة من المضاعفات ومن احتمال الوفاة. "قد يكون اللبنانيون من هم بأمسّ الحاجة للحماية القصوى من الفيروس لتجنّب الحاجة إلى دخول المستشفى في ظلّ الأزمة الخانقة والفواتير الخيالية في المستشفيات".

مع الإشارة إلى أن وحدهم من يتعرّضون إلى نوبة ربو أثناء تلقّي الجرعة الثانية من اللقاح يجب ألّا يتلقوا الجرعة المعززة للمناعة فيما يمكن لكافة الاشخاص تلقيها دون مشكلة. علماً أنّ دراسات أجريت في العالم وفي لبنان تؤكد أنه يمكن إجراء أحد أنواع اللقاح ثمّ تلقّي جرعات من أنواع أخرى دون مشكلة.