بعد حادثة رميش.. يقطع السنديان في عين إبل والنائب العام الإستئنافي في النبطية يُطلق سراحه!

غياب الدولة جنوب الليطاني لم يعُد مشبوهاً، بل بات في أوجه وكأن احتلالًا ذهب ليحلّ محلّه آخر يضاهيه بالتسلّط، واستعمال فائض القوّة لتقويض وإخضاع من يحتمي بالقانون والمنطق. 
قصص مشاكل الحطب باتت شائعة في قضاء بنت جبيل، فتارةً تتذرّع "أخضر بلا حدود الحزبلاوية" بحمايتها للطبيعة والأحراش ويطلق عناصر حزبيون النار على أهالي رميش الحدودية، وطوراً يعمدون إلى فتح الطرقات من خلال جرف الأشجار على الحدود لتعزيز نقاط عسكرية لحزب الله وخرق القرار الدولي 1701. هذا ما حصل منذ تموز المنصرم حتّى اليوم، لكن المفارقة في الموضوع، هي أن "التحطيب" يتنقّل بين القرى المسيحية جنوباً من قِبل عناصر لا يحاسبها حتّى القضاء اللبناني، ليأمر حزب الله بإخلاء سبيلهم ضاربين عرض الحائط بالقوانين وسيادة الدولة على أراضيها كافّة.

في السياق كشف رئيس بلدية عين إبل الأستاذ عماد اللّوس عن ازدياد عمليات التحطيب خلسة في أراضي البلدة، ولفت إلى أنه أوقف برفقة شرطة البلدية شخصاً من بلدة عيتا الشعب وأبلغ مخفر الدرك الذي ألقى القبض على "الحطّاب"، لكن سرعان ما أطلق سراحه بإشارةٍ من النائب العام الإستئنافي في النبطية، تاركاً تساؤلاتٍ عديدة واشمئزازًا شعبيًا من الإستقواء في زمن الإنهيار.
 القصّة الكاملة كتبها اللّوس عبر حسابه على فيسبوك: "ظهر اليوم وردتنا معلومات عن شخص يقوم بقطع الأشجار في منطقة البخينق، فتوجهت إلى المكان برفقة شرطة البلدية ووجدنا شخصًا من عيتا الشعب، وقد عمد إلى قطع بعض أشجار السنديان ووضعها في سيارة الرابيد خاصته، فقمت على الفور بإبلاغ مخفر الدرك ومركز احراش رميش بذلك، وأرسل المخفر دورية وتم اقتياد السيارة والسائق إلى مخفر الدرك في عين ابل. ولكن بعد قليل من الوقت، أصدر النائب العام في النبطية تعليماته بإخلاء سبيل السائق والسيارة وإعطاء السائق مهلة شهر لتسجيل السيارة، إذ انها لا تحمل لوحات وكأن الموضوع الأساس هو السيارة ولوحاتها وليس فعل قطع الأشجار الحرشية الذي يعاقب عليه القانون. لقد تعودنا ان نحتكم إلى القانون وطلب رعاية القوى الأمنية في كل المشاكل التي نواجهها، ولكن في كل مرة نرى المرتكبين يُطلق سراحُهم بدون اي عقاب، فهل هذا يعني انه ينبغي على المواطنين اخذ الأمور بأيديهم للحفاظ على ممتلكاتهم؟ ان مجازر قطع الأشجار في عين ابل مستمرة وهذا يعود إلى عدم خوف المجرمين من العقاب. ولكن هذا الموضوع لن يستمرّ وسوف نحافظ على أملاكنا وأحراشنا مهما كلّف الأمر".

قوى الأمر "الواقع"
وبالعودة إلى أساس المشكلة، فهي ليست المرّة الأولى التي يتم بها التحطيب في أراضي عين إبل وبشكلٍ غير قانوني، وليست المرّة الأولى التي يستعمل حزب الله "سلطته" غير الشرعية على أبناء البلدة والمنطقة من المسيحيين لإرضاء "جماعته" وتخليصهم من عقاب القانون، ففي غابةٍ لا شريعة فيها بات قانون الغاب مشبوهاً كون الدّولة ممثلة بالسلطة القضائية في محافظة النبطية مُسيطر عليها بقوّة السلاح والمال أو حتّى بالولاء لكلّ شيء، إلّا للبنان، فهم نفسهم من يضغطون على القضاء لإخلاء سبيل "حطّاب" غير شرعي، هم نفسهم هدّدوا سابقاً المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت لكفّ يده عن القضية، لكن ماذا بعد؟ 

ماذا بعد؟
انتقدت صحيفة الأخبار "المُمانِعة" مبادرة عيون الأشرفية التي تتعاون بشكلٍ شرعي مع محافظة بيروت وقوى الأمن الداخلي لحراسة المنطقة وحمايتها من السرقات المتزايدة واصفينها بالأمن الذاتي، لكننا لم نقرأ فيها يوماً أي انتقاد للإستقواء بسلاحٍ غير شرعي على القرى المسيحية في الجنوب، ولم نسمع كتّابها ينادون بالظلم اللاحق بحقّ أبناء المنطقة من اعتداءاتٍ على البيئة وعلى الأمن والضغط على القضاء، لكن رأيهم ليس مهمّاً لأنه سيعتبر الوطنيين عملاء كالعادة، ولكن ماذا بعد؟ أتريدون من أهل المنطقة أن يأخذوا حقّهم بأيديهم؟ أتريدون حقّاً أمناً ذاتياً يحمي أبناء تلك القرى من "حمايتكم" الكاذبة؟ أم تريدون الحياة العادلة؟
اختاروا سريعاً وأخبرونا لأن الوضع لم يعُد يحتملكم.