في الذكرى السنوية الثالثة لرحيل القائد كمال المُرّ: التفاني صِفة الأبطال!

مرّ العام الثالث على رحيل القائد كمال المُرّ، أو "الشيف روجيه"، قائد وحدات الـ SKS في ثكنة الأشرفية تحت قذائف "المئة يوم"، بطل الكتائب والمتفاني بالدفاع عن الجنوب "لبناني الهوية" بوجه هذا وذاك، مُفتّش شركة "سونابور" التّي كانت العامود الفقري للجبهة اللبنانية، مؤسس (تلفزيون لبنان الحرّ) أو المؤسسة اللبنانية للإرسال، مُرشد "المطلوبين" في الدفاع عن عين إبل، رفيق البشير والمُربّي الوفي الذي أكمل رسالته في أرض الجليل المُقدّسة، الأرض الذي عشقها وعشقته، أكملها وأكملته، أعطاها لتعطيه عائلة جميلة، ليغدو الكمال بالإنتماء، و"المُرّ" بالفراق..

رحل كمال طابعاً في ذاكرتنا نموذجاً ناجحاً للرفيق الأمين في قلوبنا، وصورة عن القائد الحقيقي الذي يُنجز المُهمّة ويُسلّم التالية لخلفٍ له بعيداً عن التمسّك بالمناصب "الصورية"، مُربّياً متفانياً بعمله التربوي، ساعياً لصقل أجيالٍ أكثر انتماءاً ومَحبَّةً لوطنهم الأم، فجُلّ ما نذكر من كلامه: "مشكلة لبنان هي بالإنتماء، فلو تحقّق جلياً لتحوّلنا فعلاً لمواطنين في أرضٍ ورثناها".

في الذكرى السنوية الثالثة لرحيل "الشيف روجيه"، نعود بالذاكرة إلى كلمة التأبين التّي ألقاها أميننا العام الشهيد "نزار نجاريان"، الذي أبى أن يُكرّم كمال قبل استشهاده بعامٍ واحدٍ، ليجتمعوا لاحقاً بالبشير في فردوسٍ أخضرٍ سرمدي، يستحقّونه لأنّهم لو ساوموا في أيّامهم لما بقينا نحن، ولا بقي لبنان.. وجاء في كلمة نازو:
 "انه آخرُ كلامٍ في حضورِك وليس آخرَ كلامٍ عنك، ايها الصديقُ والرفيق والقائد والبطل.
بين الامس واليوم ومضة حياة. 
الامسَ، ذلك التاريخُ العابقُ بالمجد والغار... أخالُه على بعدِ بضعِ ساعاتٍ من الآن.
اراك شابا، على جبينه الكتائب، في قلبه الوطن، يحدق في وجه بشير باصغاء وصمت. 
صمت النبلاء الكبار. 
صمت الاقوياء بشرف. 
صمت المُعطائينَ بشغف.
وارى بشير يغدق عليك نظرات الثقة العمياء. 
اراك تنفذ المهام بدقة وامانة غير آبه بمجد باطل وغابر، وانت على يقين ان الحياة ممرٌ وليست مقر. 
اذكر واستذكر بداية النضال، قيادة ثكنة الاشرفية التي شكلت نموذجا لأول تجربة عسكرية منظمة. نجاحٌ، فمهمة جديدة إلى مفوضية محافظة الجنوب حيث اصبحت الشيف روجيه ليصبح السجن عقابك.
ثم عودة الى الاشرفية الى فرن السيدة في خدمة المجتمع. وتوالت المهام الى قيادة SKS وفصلها إلى مجموعتين. الأولى تهتم بحماية المجلس الحربي الكتائبي والثانية شكلت نواة ثكنة ادونيس. لتتوالى الانجازات وتعود الى بيروت رئيسا لمفوضية القوى النظامية وبعدها الى سونابور حيث كنت كما دائما رمزَ الشهامةِ في زمن الفوضى والطمع.
عطاءاتٌ توجتَها بادارتك للمؤسسة اللبنانية للارسال وحفاظِكَ على الامانة الى ان اجبرت على التنحي.
ايها الصديق والرفيق والقائد والبطل.
لقد جسدت مسيرتك الحزبية الروح الكتائبية الحقّة والصالحة وكنت نموذجاً لما كنا بحاجةٍ اليه من عناصرَ منضبطة ومنتظمة دون ان يغرك مال او سلطة او مركز.
تُرى كيف يُكافأ امثالك ؟ أ بالسجن مرتين على وخارج ارض الوطن ؟...
لقد سقط مني الوقت سهواً، واطلت الكلامَ اسهاباً فالامس من البطولات الفُ ليلة وليلة.
ويعود بي الموت الى اليوم. بعد فصول من الوجع دون تذمر من المرض او عتاب من الالم.
القِ سلاحك رفيقي فموت الصالحين راحة، وفصلٌ جديدٌ من الحياة.
الموت تلك الحقيقة الدامغة الوقحة التي تريح الاموات وتوجع الاحياء.
القِ سلاحك رفيقي فأنت كنت وستبقى الصديق والرفيق والقائد والبطل في سجل الشرف الكتائبي... في خدمة لبنان.
وطوبى لك لأن الربَّ اختارك وقبلك لتسكنَ في دياره.
ليحيا لبنان".

ترحل وجوههم وتُخلّد ذكراهم في أنفسنا التوّاقة للنضال، فمن مدرسة كمال المُرّ نستمدّ روحية العمل الحزبي النظيف، والإرادة للمقاومة بوجه كلّ مُعتدٍ، كلّ غريب عن هويتنا، وكلّ من يقف بوجه لبنان.. لنبقى ونستمرّ.